Close ad

د. آيات الحداد تكتب: لا يضيع حق وراءه مٌطالب

6-2-2022 | 15:31
الأهرام المسائي نقلاً عن

نسمع كثيرًا أن الدول الغربية أكثر تقدمًا من الدول العربية ولكن الحقيقة أن هناك تطبيقًا لمبدأي الجزاء والعقاب، وفي حقيقة الأمر مصر بها قوانين كثيرة لا حصر لها ولكن العبرة ليست بكثرة القوانين بل بتوافر آليات تطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع، وفي حقيقة الأمر أن القوانين شُرعت لتنظيم العلاقات بين الأفراد بعضها البعض، وأن يقتص المجني عليه من الجاني، ولكن ما يحدث هو  تخاذل المجني عليه في السعي لأخذ حقه من الجاني.

وفي نهاية الأمر نُعيب في الدولة وندعيّ غياب العدل؛ بل الحقيقة هو تخاذل البعض عن الحق والسعي له، فهناك مقولة "من أمن العقاب أساء الأدب"، فنحن من نتسبب في ضياع حقوقنا ثم نُصيح بأنه لا عدل هناك! فقد يكون هناك بطءٌ في الإجراءات، ويستغرق جلب الحق بعض الوقت، ولكن هذا لا يمنع من أن في النهاية الأمر من يسعى وراء حقه سيحصل عليه! فالبعض يقول بأن هناك فوضى، ولا هناك نظام، ولا هناك قانون، ولا مجال لتطبيق العدالة في مجتمعنا! وهذا لسبب بسيط وهو تنازل البعض عن حقه والبعض منّا ينتابه الخوف، وهناك من يُكسل في السعي للحصول على حقه؛ بحيث وصلنا في نهاية المطاف إلى غياب مبدأي الجزاء والعقاب! فترك الحق مع الوقت سيصبح حقًا وواجبًا لمن سلب حقك!

في الدول العظمى كلنا نشير لمدى تقدمها وإنسانيتها؛ فمثلًا في دولة فرنسا قرأت عن شخص اتصل بالشرطة يشتكي أحد الجيران بسبب الضوضاء التي يتسبب فيها جراء سماعه أغاني بصوت عالٍ ثم تأتي الشرطة وتُطالبه بخفض الصوت! مثل هذا الخبر البعض يقرأه بشيء من السخرية، ونظنه تافهًا، ولكن هذا حق إنساني أو  ما نقرأ عنه من تنظيم المرور بالدول المتقدمة، فنحن نملك القوانين التي تٌعاقب على جرائم المرور، ولكن لا أحد يلتزم بالقانون ولا أحد يشكو من يُخالف القانون فضاع مبدأي الجزاء والعقاب! تركنا حقنا فتفاقم فأصبحت فوضى! فهل يعلم البعض بأن العقاب على الجرائم الإنسانية متواجد في مصر، ولكن لا يسعى الضحية للشكوى واللجوء للقضاء!

هل يعلم الجميع بأن لو سعى الكل لأخذ حقه لأصبحنا دولة متقدمة في مجال تطبيق العدالة! هل يعلم الجميع بأننا نحن كشعب من نصنع دولة متقدمة أو نجعلها نامية! هل يعلم الجميع لو توقفنا عن إهانة دولتنا وسخريتنا من كل شيء بها لأنتهينا من سياسة المنع التي تقوم دائمًا الحكومة بها عندما تعجز عن حل المشكلة!

هل يعلم الجميع بأن كل شيء يعكر صفو حياتنا ويجعلنا نشعر بالاشمئزاز من بلدنا ونرغب في الهجرة حيث العدالة والإنسانية نحن من تسببنا فيه! فجميع الجرائم التي نسمع عن عقاب الدول المتقدمة عليها مُعاقب عليها في مصر، ولكن نحن من تقاعسنا عن أخذ حقنا وتهاونا فيه! بخلاف جرائم الإنترنت التي نشاهدنا يوميًا، فهذا يسخر من ذاك، وهذا يهدد هذه، وهذا يَسِب الآخر كل ذلك مٌعاقب عليه قانونًا، لو فهم الجميع القانون لتوقف عن عمل لايك وشير وكومنت بلا تفكير، فالقانون يعاقب حتى على تشيير الجريمة!

فمن يَسُب الآخر على الملأ ويشعر بأمان من عدم معاقبته! لو تقدم المجني في حقه ببلاغ لتم معاقبة الجاني ومن شير ذلك السب أيضًا يُعاقب! كما حدث مع سما رامي من ذوي الهمم التي لم تتنازل عن حقها عندما سخر وتنمر على ذوي الهمم شخص تجرد من الإنسانية ليتنمر على هؤلاء الملائكة فتقدمت ببلاغ للنيابة العامة، وانتهى المطاف إلى حصوله على أقصى عقوبة 3 سنوات مع الشغل و100 ألف جنيه غرامة بعد تصديق مجلس النواب على القانون الجديد ليكون عبرة لغيره، فلو تقدم كل شخص ببلاغ ضد من يسيء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتوقف الجميع عن عمل لايك أو كومنت للآخر!

فمن تعمد إزعاج أو مضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، أي فعل يضيق به صاحبه يعاقب عليه القانون، فترك رسائل مزعجة أو أخبار الزوجة كذبًا بإصابة زوجها كذبًا، وأيضًا المعاكسات التي نتعرض لها يوميًا! وما شابه كل ذلك يٌعاقب عليه القانون، فلا ينقصنا القوانين بل ينقصنا تطبيق القانون وتَقدُم شكوى المجني عليه، فلو بدأ كل منا بذلك أي بتقديم شكوى عند تعرضه لأي أذى نفسي قبل أن يكون بدنيًا، ولا يخاف من اللجوء للعدالة بزعم الخوف من الفضيحة أو التشهير، فبالتأكيد سنصبح دولة إنسانية عظيمة قبل أن تكون متقدمة، ولقل عدد الجرائم غير الإنسانية ولم نحتج حتى لقانون بعد انتشار الإنسانية، فما ينقصنا بحق الإنسانية!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: