راديو الاهرام

ثابت أمين عواد يكتب: "الأزهر" مجددًا ومنفتحًا ومنبهًا!!

5-2-2022 | 13:32

من "بيت العائلة المصرية" في الداخل، إلى آفاق "الوثيقة الإنسانية" في الخارج، مرورًا بحوارات العصف الذهني حول إحباطات الشباب وظواهر الانتحار والإلحاد والمخدرات والتحرش والجلوس إلى المقاهي، سعت مؤسسة "الازهر" وبادرت لتحصن البلاد والعباد من المخاطر والشرور، والتنبيه إلى الظاهر من الفتن وما بطن.

قبل 10 سنوات بادر "الأزهر" إلى فتح حوار مع الأشقاء في الوطن، أثمر عن ولادة "بيت العائلة المصرية"، بعد أن دلف إلى كنائس مصرَ وقادتها، ساعيًا لإذابة الفوارق بين العقائد والملل والأديان، والتي قد يستغلها البعض، فمد جسور التعاون والتنسيق بين المؤسسات الدينية في مصر وخارجها، والهدف الأسمي هو تحصين الخلائق من فتن ضحيَّتَها الملايينُ من الأرواح.

ونبه، مجددًا، إلى ضرورة فهمُ الفرق بين احترام عقيدة الآخَر وبين الإيمان بها، منفتحًا يبحث عن المشتركات بين الأديان السماوية، والتعلُّق بها لإنقاذ الإنسانية من أزمتها الراهنة، وفند قائلًا: إنَّ احترامَ عقيدة الآخَر شيءٌ والاعترافَ بها شيءٌ آخر مختلفٌ تمامَ الاختلاف، ليستقيمُ فهمنا لقوله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ في الدِّينِ) "البقرة: 256"، وقوله: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) "المائدة: 48"، وغيرها من آيات القرآن الكريم.

كما تصدى إلى دعوى العولمة، ونهاية التاريخ، و"الأخلاق العالمية" وغيرها، محذرًا من عدوى مغرضة تستهدف مصادرة أغلى ما يمتلكُه الإنسانِ وهو "حرية الاعتقاد والإيمان والاختيار، وهي دعوة "الدين الإبراهيمي الجديد" الذي يستهدف وضع كل العقائد والدين في وعاء واحد، ما يعاكس الطبيعة التي خلقها "الله سبحانه" في ألوانهم وعقائدهم، وعقولهم ولغاتهم، بل في بصمات أصابعِهم وحديثًا بصمات أعينِهم، ثم بيَّن أن هذا الاختلاف باقٍ ومستمر في الناس إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها: "وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ" "هود: 118" وغيرها من الآيات الكثير.

ولم تكتف المؤسسة بالحوار مع الرؤوس والقمم ورجال الدين فقط، بل أرسلت علماءها وشباب وعاظها إلى المقاهي لمعالجة الظواهر السلبية في المجتمع عبر الفتاوي المغرضة والشائعات الكاذبة، والتعرف على ما يدور في أذهان الشباب، عبر القوافل الممنهجة واللقاءات التوعوية، فتوجه مجموعة من الوعاظ الشباب الحاصلين على دورات الإرشاد الأسري والبرمجة العصبية والتنمية البشرية والتقديم الإذاعي، إلى تجمعات الشباب والفتيات والمقاهي للتوعية ببعض الظواهر السلبية في المجتمع ومناقشة وسائل التواصل الاجتماعي، فضلًا عن استعراض إحباطات الشباب وحثهم على العمل، والمسئولية الجماعية والفردية، ولاتستثنى ظواهر الانتحار والإلحاد والمخدرات والتحرش من المناقشات والتحذير منها ومواجهتها.

وكثير ما تتحول الحوارات إلى "عصف ذهني"، والتعرف على المشكلات، وتختلف الأسئلة من فئة عمرية إلى أخرى، فالشباب يسألون حول كيفية تربية الأبناء والمخدرات والزواج، والفتيات يسألون عن التحرش الجنسي، وكبار السن عن أحكام الطلاق والعبادات والوضوء والصلاة، وأسئلة عامة مثل العمل في البنوك وإيداع الأموال بها وتداول الأوراق المالية، وحكم البيتكوين، والألعاب الإلكترونية.

وبعد أن سعى إلى تحصين الداخل، اتجه إلى آفاق الخارج وأصدر "وثيقة الأخوة الإنسانية" التي تتبنى ما جاءت به الشرائع السماوية التي تتفق على قيمة التسامح، وما يقره العقلاء والحكماء، وما تنطق به الأعراف والمواثيق الدولية، والمبادئ والقيم الأخلاقية التي تضبط حركة الحياة، فلا فرق في الإسلام بين بني الإنسان بسبب اللون، أو الجنس، أو اللسان، فهم جميعًا من أصل واحد.

ولم يترك حملات المسخ والترويج للانحراف ونشر الكوارث الأخلاقية عبر وسائل إعلام، وبرامج ترويحيَّة، ومنصَّات إلكترونيَّة، بهدف الترويج لفاحشة الشُّذوذ الجنسي، فقد تصدى لها، فالزواج في الأديان، حتى عوالم الكائنات الحَيَّة، لا يكون إلا بين ذكر وأنثى، وفق ضوابط مُحدَّدة، وهذا الزواج المثلي مخالَفة للفطرة الإنسانية، وهادِمة للقيم الأخلاقية، وهو سلوكٌ عدواني حرام، ومن كبائر الذنوب، وأن اللهَ تعالى قد أرسل من رُسله نبيًّا كريمًا، هو سيدنا لوط عليه السلام؛ ليخرِج قومَه من براثن هذه الفاحشة المُنكَرة، وأنها كانت سببًا في تدمير بلدة كاملة، وهلاك أهلها، فقال الله سبحانه:

"وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ". "الأعراف: 80 -84”، والمتأمل في الآيات يقف على أوصاف القرآن الكريم لهذه الفاحشة بما يَنفي عنها صِلتها بالتَّمدُّن أو التَّحرُّرِ أو التَّنوير، بل إن امرأة لوط عليه السلام عُدّت من أهل المعصية رغم أنها لم تفعل أفعالهم، وأصابها من العذاب ما أصابهم، حينما تقبَّلت مُنكرَهم، واعتبرته حريةً شخصية، وأن محاولات فرض ثقافة الشذوذ الجنسي على العالم الإسلامي بدعوى قبول الآخر، وكفالة الحقوق والحريات يعد تَّلاعبًا بالألفاظ، وتَّنكُّرِا للدِّين والفِطْرة والقيم الإنسانية.

ولأولياء الأمور قدم "الازهر" حلولًا ومقترحات تساعدهم لحماية أولادهم من فاحشة الشذوذ، لتحصينهم من رسائل ترويجِ وتقبُّلِ ودعمِ هذا الشُّذوذِ عبر وسائل الاعلام الحديث، ومُتابعة أنشطتهم الواقعية والإلكترونية، وأهمية وكيفية شغل أوقات فراغهم.

يقف "الازهر" اليوم واضحًا وصريحًا..مجددًا ومنفتحًا.. موجهًا ومربيًا.. مرشدًا وناصحًا.. منبهًا وذاكرًا لعل الذكرى تنفع المواطنين..

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة