Close ad

بعد فيلم أصحاب ولا أعز.. دراسة قانونية تؤكد أن الفن لا يجب أن يؤسس لواقع على خلاف القانون والدين والأخلاق

1-2-2022 | 13:37
بعد فيلم أصحاب ولا أعز دراسة قانونية تؤكد أن الفن لا يجب أن يؤسس لواقع على خلاف القانون والدين والأخلاق المستشار الدكتور محمد خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة
محمد عبد القادر

الفن لا يمكن أن يعيش بلا حرية، وهو وثيق الصلة بالصراع بين الخير والشر والقبح والجمال قوام الحياة الإنسانية، وتثير بعض الأعمال الفنية من بين الحين والآخر صخبًا مجتمعيًا كبيرًا، إذا ما مست تقاليد المجتمع وأخلاقياته من وجهة نظر الرأي العام ولا يراه الفنانون كذلك، مما يثير التشابك بين الطرفين، ويلزم فض هذا التشابك من طرف محايد بسياج القانون المنظم لحياة المجتمعات. 

موضوعات مقترحة

ويثور التساؤل حول مدى حرية الفن، هل يتجرد من كل شيء، ويصبح مطلقا أياً كان أم يتقيد بضوابط تحد من حريته لصالح المجتمعات؟ نجد الإجابة على هذه التساؤلات في أحدث دراسة قانونية  للفقيه المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، بعنوان: "مدى حرية الفن بين محاكمة الإبداع والمقومات الأساسية للأمة المصرية" ونعرض للجزء الثالث من تلك الدراسة لفض التشابك بين الرأي العام وأهل الفن في أربعة عناصر فيما يلى:

أولاً: على الفنانين أنفسهم النظر إلى واقع المجتمع المصرى بعين الناقد البناء لا الناقد الأعمى لأفكار مستوردة بنموذجها من بيئة الغرب

يقول الفقيه المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى على الفنانين أنفسهم النظر إلى واقع المجتمع المصري بعين الناقد البناء لا الناقد الأعمى، وفقاً لأفكار نستوردها كما هى بنموذجها من بيئة الغرب، وبالنسبة للأعمال الفنية التي تتناول العلاقات الجنسية بكافة صورها وأشكالها تثير العديد من التساؤلات، فمثلا العلاقات المثلية يجرمها القانون وتحرمها الأديان وتحظرها قواعد الأخلاق، فهل يجوز تناول موضوع يبعث برسالة للمجتمع يحض على مخالفة القانون والدين والأخلاق ! أم تعالج تلك العلاقة وفقاً لهذه الأسس وتتغير نظرة المعالجة وزاوية التناول لتبعث برسالة إلى الشفاء والإبراء وفقا لقواعد العلم الطبى الحديث.

تلك هى النظرة التى يجب أن نعالجها، وأهمية طرح هذا التساؤل هو أنه يجب على الفنانين أنفسهم النظر إلى واقع المجتمع المصري بعين الناقد البناء لا الناقد الأعمى وفقاً لأفكار نستوردها كما هي بنموذجها من بيئة الخارج والغرب، فتصبح عملاً مشوهاً في التكوين الفني لا يتماشى وطبيعة المجتمع المصري  والعربي الذي يجب التعبير عما يعيش فيه اليوم من مشكلات تتناول ألواناً من معاناته فى الحياة وفقاً للحقيقة والواقع .

ثانياً: السينما المصرية ولدت عملاقة عالميًا وواقع المجتمع هو الذي يجب أن يؤسس للفن وليس للفن أن يؤسس لواقع على خلاف القانون والدين والأخلاق

يشير الدكتور خفاجى أن حرية الإبداع الفني تُعدّ عنصرّا من عناصر احترام حرية التعبير عن الذات، وهي واحدة من القيم الأساسية فى المجتمعات المتقدمة، لذا تميزت مصر على مختلف العصور  بحرية الإبداع في مختلف الفنون.

والسينما المصرية ولدت عملاقة عالميًا، وواقع المجتمع في غالبيته هو الذي يجب أن يؤسس للفن وليس للفن أن يؤسس لواقع على خلاف القانون والدين والأخلاق، والخطأ الفني المستورد من بيئة اجتماعية مغايرة للمجتمع الشرقي بدعوى الحرية المطلقة، ليس  نوعاً من أنواع الفنون السينمائية المستجدة ، بل هو فى حقيقته وجوهره فن الخطأ السينمائي. 

ويضيف، أن واقع المجتمع في غالبيته هو الذي يجب أن يؤسس للفن وليس للفن أن يؤسس لواقع على خلاف القانون والدين والأخلاق، وهذه المرحلة من الفن تحتاج فضلا عن طرح واقع مشكلاته تحتاج أيضاً إلى تجسيد معاني الخير والكرامة ، والرأى عندي أن الخطأ الفني المستورد من بيئة اجتماعية مغايرة للمجتمع الشرقي بدعوى الحرية المطلقة، ليس  نوعاً من أنواع الفنون السينمائية المستجدة ، بل هو فى حقيقته وجوهره فن الخطأ السينمائي الذي يجب أن تتغير مفاهيمه ومعانيه في السينما المصرية المستجدة والتى ولدت عملاقة وتميزت بالعالمية منذ بدايتها .

ثالثاً: ضوابط العمل الفني والإبداعي بعضها مجتمعية وأخرى للفنان ذاته ومع الاعتراف للفنان بخصوصيته الفنية لا يجب أن يتجاهل خصوصية مجتمعه أيضاً وقواعد الهوية الوطنية للدولة التي يحيا في ظلها

توضح الدراسة أن ضوابط العمل الفني والإبداعي منها مجتمعية ومنها للفنان ذاته، ومع الاعتراف للفنان بخصوصيته الفنية لا يجب أن يتجاهل خصوصية مجتمعه أيضاً وقواعد الهوية الوطنية للدولة التي يحيا في ظلها ، وليس لأحد أن ينصب نفسه وصيّا على الفن أو الإبداع أو الجمال.

والحقيقة أن ضوابط العمل الفني والإبداعي تتنوع لأسباب كثيرة تختلف باختلاف المجتمع الذي ينتمي إليه الفنان والمبدع، وبعض هذه الضوابط  يضعها المجتمع ككل وهى لازمة من لوازم حياته الثقافية والدينية والأخلاقية والاجتماعية، وبعض هذه الضوابط  تكون نابعة من داخل نفسية الفنان ذاته ، مثل قناعاته ومبادئه الخاصة التى تشكلت عصارتها الفنية من عمله وخبرته بل وحياته ، صحيح  أن حرية الفنان في الإبداع حرية خاصة عن نفسه بملكاته الخاصة وقدراته الذاتية، إلا أنه مع الاعتراف للفنان بخصوصيته الفنية لا يجب أن يتجاهل خصوصية مجتمعه أيضاً وقواعد الهوية الوطنية للدولة التي يحيا في ظلها وينعم بها في فنه، ذلك هو مفهوم ضوابط العمل الفني والإبداعي.

رابعاً: ليس الإبداع أن يستعير الشرق من الغرب فناً ليفرضه فرضاً على بيئة لا يحيا بها لأنه سيصبح مسخاً فى التكوين الفني تلفظه الغالبية العظمى من المجتمعات الشرقية وفق موروثها الفني والحضاري والثقافي  والسياسي

يوضح المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، أنه ليس الإبداع أن يستعير الشرق من الغرب فناً في بيئته المغايرة ليفرضه فرضاً على بيئة لا يحيا بها لأنه سيصبح مسخاً في التكوين الفني تلفظه الغالبية العظمى من المجتمعات الشرقية وفق موروثها الفني والحضاري والثقافي والسياسي، وتختلف المجتمعات في موروثها الفني والحضاري والثقافي والسياسي،  ولا يجوز استعارة نموذج ليعيش في بيئة لا تناسبه.

فالنموذج الغربي يختلف اختلافا جوهريا عن النموذج الشرقي في عناصر ذلك الموروث بتنوعاته وتجلياته، وجميع عناصر هذا الموروث هي التي تحدد ضوابط الحياة العامة والخاصة في المجتمعات غربها وشرقها، فكما أن لا يجوز للشرق أن يستعير ديمقراطية الغرب التي لا تصلح إلا للغرب وحده وللشرق قواعده الديمقراطية يحددها هنا أو هناك الموروث السياسي والحضاري، فإنه ليس في الإبداع من شئ أن يستعير الشرق من الغرب فناً في بيئته المغايرة ليفرضه فرضاً على بيئة لا يحيا بها، لأنه سيصبح مسخاً في التكوين الفني تلفظه الغالبية العظمى من المجتمعات الشرقية.

كلمات البحث