راديو الاهرام

د. خالد قنديل يكتب: قراءة .. حوار .. فكر .. وعي .. لا يفوتكم معرض الكتاب

31-1-2022 | 11:43

انطلقت فعاليات النسخة الثالثة والخمسين من معرض القاهرة الدولى للكتاب، بمركز المعارض الدولي بالتجمع الخامس، ولعلها فرصةٌ عظيمة أن تتواكب هذه الدورة من المعرض الثقافي والفكري الكبير كتظاهرةٍ كبرى وكأقدم معرض للكتاب في الوطن العربي مع النشاط الدؤوب للدولة المصرية في التماس مع جميع مجالات الحياة في سياق بناء الإنسانِ المصري، وتحري إذابة العقبات أمام الإنسان في العالم كله، حيال ما يواجهه من أزماتٍ مختلفة وأوبئةٍ مفاجئة وظواهر طبيعية تهدد الكوكب، وهو ما شاهدناه جليًا عبر فعاليات منتدى شباب العالم في نسخته الرابعة بشرم الشيخ.
 
ولأن الشباب دومًا في المقدمة كشريحةٍ مستهدفةٍ بالبناء النفسي والفكري والعملي، يمثل معرض الكتاب دائمًا تظاهرة مميزة نحو هذا البناء في الوعي، خصوصًا مع تعدد الأنشطة التي يضمها بين جنباته، إذ إن هناك شريحة واسعة وكبيرة ممن يقدرون قيمة الكتاب كمادةٍ ورقية في ظل الهجمة الإلكترونية والتكنولوجية على مسارات الحياة كافة، حتى وصل إلى الكتاب في صورة مادة مقروءة عبر شاشةٍ جامدة، لا نبلغ منها هذا الإحساس المغاير في ملمس الورق وظلال القلم التي تجري بإحساسنا أسفل الجمل الفارقة والمؤثرة، كما أن الكتاب الورقي يقضي على سأم الرحلات الطويلة ويسهم في قضاء وقت ممتع قبل الوصول إلى الوجهة المحددة في السفر.
 
ومعرض القاهرة الدولي دون مبالغة فرصة حقيقية لالتقاء وتبادل الأفكار، حيث يشارك فيه أبرز الكتاب والمثقفين، بالإضافة إلى أهم دور النشر ومؤسسات الإنتاج الثقافي، ويمثل مؤشرًا مساعدًا لقياس درجة التفاعل مع الحراك الثقافي والأدبي والحالة الفكرية التي تعيشها وتمر بها أي أمة، كما يمثل انعكاسًا لحركة التأليف والنشر والتوزيع، ذلك أن الأمم التي تقرأ وتهتم بالقراءة وتغذية عقول الأجيال بالفكر والمعرفة، هي أمم قوية ومرنة في الوقت ذاته، أمم تعرف قيمة السلام والاحتواء ونبذ الحروب ولا تعرف مصادرة الإبداع والفكر والثقافة، حيث يشكل المعرض منبرًا مفتوحًا على كل الثقافات، وتظهر الإبداعات الأدبية المختلفة شعرية وروائية ونقدية وفكرية وسياسية وعلمية.
 
وإذا طالعنا هذه التعددية في أنشطة معرض القاهرة الدولي للكتاب، ربما ندرك السر في هذا الإقبال الغفير عليه من الجماهير بكل الشرائح العمرية والمجتمعية ومستويات الوعي المختلفة، فهناك الندوات الفكرية واللقاءات الثقافية والأمسيات الشعرية، وحفلات التوقيع التي تشمل جميع الأجنحة لتقديم المؤلفات الجديدة بتوقيعات مؤلفيها.
 
إذن نشهد منذ السادس والعشرين من يناير حتى السادس من فبراير 2022، بمركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية بالتجمع الخامس، العديد من الأنشطة الثقافية والفنية، مع اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا، ليتعرف جمهور القراء على عدد كبير من العناوين والمؤلفات المتنوعة ما بين الأدب والتاريخ، والفلسفة، والفكر، والعلوم الاجتماعية وجميع المجالات، في نشاط موزع على 5 قاعات، وساحة للفنون بخلاف الفرق الموسيقية، ونشاط الطفل ويتناول المعرض عبر فعالياته قضية في غاية الأهمية وهي فكرة الهوية المصرية.. عبر عنوان (هوية مصر.. الثقافة وسؤال المستقبل)، والتي تتماس مع جميع مناحي الفكر والفن في العمارة والفنون الشعبية والفن التشكيلي، مع تناول قضية (انتصار الهوية) عبر توثيق خطاب الجماعة الإرهابية، وربط الموضوع بالكتاب قيمة ونافذة مستمرة.
 
ومن الجميل في هذه الدورة المميزة من نسخ المعرض أن دولة اليونان تحل ضيف شرف المعرض، توازيًا ومواكبة لتأكيد العلاقات المصرية - اليونانية وهذا التطور الكبير فيها، بعد أن شهدت نموًا ملحوظًا في حجم التعاون والتنسيق المشترك حيال عدد ليس قليلًا من القضايا، على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري، سواء على المستوى الثنائي أو في إطار آلية التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان، الأمر الذي بدا نموذجًا مثاليًا للعمل والتعاون الإقليمى، خصوصًا مع العلاقة  التاريخية الخاصة التي تربط الشعبين المصرى واليونانى، والتى تبدو فى التقارب الثقافى والاجتماعى، حيث عاش كثير من اليونانيين بمصر لعقود ليست قصيرة، ولا يزالون يحتفظون للمصريين بكل ود، والأمر نفسه بالنسبة للمصريين.
 
وفي هذا السياق المميز سيكون لجمهور المعرض فرصة كبيرة للتعرف على كتاب يونانيين نُشرت ترجمات لأعمالهم بالعربية في مصر مؤخرًا مثل كتاب "اليونانيون وبناء مصر الحديثة" لـ"ألكسندر كيتروف"، وكتاب "أصوات سكندرية" لـ"بيرسا كوموتسي"، كما يتضمن برنامج اليونان المتنوع كضيف شرف معرض القاهرة الدولي للكتاب تكريمًا للشاعر السكندري الكبير قسطنطين كفافيس، إذا سيتم عرض ما يزيد على خمسين كتابًا عن الشاعر باليونانية والعربية ولغات أخرى، فضلا عن معرض فن تشكيلي لأعمال مستوحاة من قصائد وحياة الشاعر الكبير، وعرض موسيقي بعنوان (نغني باليونانية) تحييه المطربة اليونانية فاسيليكي كاراكوستا التي تحيي بدورها روح اليونان الشعراء الكبار المعاصرين في أغنياتها، ومن الجميل أن سيكون هناك تكريم للمفكر الكبير عميد الأدب العربي الدكتور الكبير طه حسين مؤسس الدراسات اليونانية في مصر والعالم العربي، ومناقشات حول العلاقات الثقافية والترجمة بين اليونان ومصر منذ العصر القديم وحتى اليوم، وكذا مساهمة مترجمي اللغة اليونانية في نشر الحضارة والثقافة اليونانية في مصر، بمشاركة نخبة من أهم المختصين والمترجمين المصريين.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة