للمنسوجات المصرية تاريخها العريق الذي يضرب بقوة في جذور الأرض الطيبة، وقد صدر عن المؤسسة الدولية للكتاب كتابًا جديدًا بعنوان "المفروشات القبطية في العصر الإسلامي في ضوء مجموعات المتحف القومي للحضارة المصرية"، للباحث والدكتور أحمد عبد الحميد النمر، عضو المكتب العلمي لوزارة السياحة والآثار، وأحد المتخصصين في الدراسات القبطية.
بدوره قال النمر في دراسته، إن الآثار والفنون القبطية حلقة مهمة من حلقات تطور الحضارة المصرية القديمة، ومما يدل على ذلك الشواهد الأثرية المكتشفة في ربوع مصر، وهي عبارة عن آثار ثابتة وأخرى منقولة مصنوعة من مواد تطبيقية متنوعة تعكس الثقافة والهوية القبطية آنذاك، مؤكدا أنه من المعروف أن النسيج القبطي من أكثر المكتشفات الأثرية بمصر، والتي نجدها محفوظة بالآثار القبطية والمتاحف المحلية والعالمية، وجميعها يعكس مدى ما وصل له النساج المصري من براعة في نسج الخيوط وإخراج متطلبات حياته اليومية في الملابس والمفروشات وغيرها.
وتعد مجموعة المنسوجات المحفوظة بمتحف الحضارة القومي المصرية بالقاهرة أحد نماذج المقتنيات القبطية المكتشفة خلال أعمال الحفائر المصرية، ومنها مفروشات تم اكتشافها في حفائر عام 1984 و عام 1985م بدير البنات بالفيوم، ومنها مجموعة هبة من حضرة صاحب السمو الأمير يوسف كمال، وأخري هدية من الملك فؤاد الأول.
وقد تنوعت التصميمات والأنماط الزخرفية على حسب استخدام المنسوجات، فأخذت المفروشات أشكالاً مربعة ومستطيلة، مقسمة إلى أشرطة مُلئت بزخارف نباتية وهندسية متنوعة وأشكال صلبانية متنوعة.
وأكد أحمد عبد الحميد النمر، أنه يمكن تصنيف المنسوجات القبطية إلي نوعين وهى: المفروشات الأرضية، وتحتوي على عدد كبير من المفروشات التي تستخدم في تغطية الأرضيات وحدات الأثاث المختلفة، وقد جاءت أغلبها مصنوعة من الألياف الكتان والصوف.
أما من حيث التصميم فقد جاءت ذات أطوال مختلفة من حيث المقاسات تأخذ أشكال مستطيلة مقسمة إلي أشرطة، وأحيانا جامات ملئت أغلبها برسوم نباتية وأشكال هندسية، بالإضافة إلي رسوم كائنات حية، وينتهي المفرش في الأطراف بشريط مستطيل مفرغ من خيوط اللحمة، يليه برسل من خيوط سميكة تنتهي بشراشيب مبرومة من خيوط السداء.
وأوضح أن المنسوجات موضوع الدراسة تتضمن قطع استخدمت كغطاء للمذبح بالكنيسة القبطية. كذلك المفروشات "الستائر" الحائطية: فأخذت أشكالا مستطيلة ومربعة نسج بداخلها أشرطة وجامات تتضمن رسوماً آدمية وحيوانية وطيوراً وأشكالاً نباتية وأخري هندسية.
وقد أخرج الفنان القبطي هذا النوع من المفروشات بصورة جميلة وكأنها لوحات مرسومة، وذلك لدقة التنفيذ والتفاصيل التي تجذب العين لها، مضيفا أن تلك المفروشات هي امتداد إلي تصميم المفروشات التي أنتجها الفنان المصري القديم، والمفروشات التي تم الكشف عنها والي تعود إلي مصر خلال العصرين الرومان والبيزنطي.
وأضاف أن هناك العديد من المفروشات والستائر القبطية المحفوظة بالمتاحف المحلية والعالمية التي قد تشبه من حيث تصميمها المفروشات المحفوظة بالمتحف القومي للحضارة المصرية منها مفرش من الصوف، محفوظ بمتحف المتروبوليتان، مزخرف بتصميمات هندسية متنوعة، مؤرخ بالقرن الرابع والخامس الميلادي، كما نجد أيضا مفرشاً آخر، مزخرفاً بأشكال هندسية عبارة عن جامتين، وينتهي المفرش ببرسل تخرج منه شراريب مبرومة من خيوط السداء الحرة، مؤرخ بالقرن الخامس الميلادي.
كذلك يحتفظ المتحف القبطي بالقاهرة بمجموعة من الستائر منها ستارة كبيرة فريدة في نوعها ورسومها المتعددة الألوان منسوجة بخيوط من الكتان، مزخرفة بمنظر يمثل زماراً ومجموعة من الراقصات والمحاربين والفرسان، مؤرخة بالقرن الرابع.
ونجد أيضا جزءًا من ستارة من الصوف مطرزة بصلبان وكتابات قبطية، مؤرخة بالقرن السادس الميلادي. كما نجد أيضا ستارة هيكل من الحرير، مزخرفة بنصوص دينية ورسم صليب محاط برسم للسيدة العذراء والسيد المسيح والملائكة المجنحة.
وأوضح الدكتور أحمد عبد الحميد النمر، عضو المكتب العلمي لوزير السياحة والآثار واستشاري التراث، أن الكتاب يعد الدراسة الثانية المنشورة له عن المجموعات المعروضة بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط والذي تم افتتاحه في شهر أبريل الماضي بعد استقبال موكب المومياوات الملكية، كذلك يعتبر إضافة جديدة للمكتبة العربية بمصر والوطن العربي في مجال الآثار القبطية والإسلامية، حيث يتناول الكتاب نشر ودراسة لمجموعة جديدة من المفروشات القبطية، واتسمت هذه المجموعة بتنوع أشكالها، واختلاف أغراض استخدامها ما بين ومفروشات أرضية ومعلقات.
وقد صنعت هذه الأنسجة من مواد متنوعة كالكتان والصوف والحرير والخيوط المعدنية، ونُسجت بطرق تطبيقية مختلفة من بينها طريقة السادة (1/1) واللحمة غير الممتدة واللحمة الزائدة، المفروشات الوبرية.
دراسة أثرية تستعرض المفروشات القبطية خلال العصر الإسلامي أحمد عبدالحميد النمر