Close ad

السفير لياو ليشيانج يكتب: الصين ومصر .. نموذج للتعاون المثمر

17-1-2022 | 14:47

إذا نظرنا إلى الوراء في عام 2021 الذي لا يُنسى، فقد استمر انتشار الوباء العالمي صعودًا وهبوطًا، وتسارعت التغييرات التي لم تحدث لقرن من الزمان، ودخل العالم فترة من المتغيرات والاضطرابات. 
 
وبصفتي سفيرًا للصين في مصر، يسعدني جدًا أن أرى استمرار التعاون الودي بين الصين ومصر على الرغم من تأثير الوباء واستمرار الجائحة، وبعد التعافي البطيء للاقتصاد العالمي وغيرها من التحديات، توطدت العلاقة بين البلدين حتى تجذرت في قلوب الشعبين.
 
لقد كان عام 2021 عامًا استثنائيًا بالنسبة للصين، احتفلنا فيه بالذكرى المئوية للحزب الشيوعي الصيني، وبناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل، حيث تجاوز نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 10000 دولار أمريكي لمدة عامين متتاليين، وتوصلنا لحل تاريخي لمشكلة الفقر المدقع، وتم استهلال مسيرة جديدة لتحقيق أهداف الكفاح عند حلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.
 
وفي ذات السياق، كان عام 2021 أيضًا عامًا ذا مغزى كبير بالنسبة لمصر، انطلقت فيه مصر - في ظل القيادة الحكيمة للرئيس السيسي - على طريق التنمية الذي يتناسب وظروفها الوطنية، وحققت تنمية مرضية في جميع جوانب المجتمع ومعيشة الناس. 
 
وأحرزت مصر تقدمًا مهمًا في مكافحة الوباء وأصبحت مركزًا إقليميًا لإنتاج اللقاحات، وحقق الاقتصاد المصري نتائج غير متوقعة وقد حسنت مبادرة "حياة كريمة" معيشة وحياة 58 مليون مصري، وفي السنة المالية 2020/2021، نما الناتج المحلي الإجمالي لمصر بنسبة 3.3٪، لتصبح واحدة من الدول القليلة في العالم التي حققت نموًا إيجابيًا هذا العام، وانتعشت عائدات السياحة والتصنيع، وكذلك عائدات قناة السويس، وفي أكتوبر، أعلنت الحكومة المصرية إلغاء حالة الطوارئ التي استمرت أربع سنوات ونصف، نتيجة تحسن وضع الأمن القومي.
 
يصادف عام 2021 أيضًا الذكرى الخامسة والستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر، وعلى مدى السنوات الـ 65 الماضية، أقامت الصين ومصر علاقة أخوة ثابتة لا تتزعزع من أجل حماية الاستقلال الوطني، وشرعتا في التعاون في رحلة التنمية والإنعاش.
 
كما كتبتا فصلًا رائعًا من المساعدة المتبادلة في خضم التغييرات المعقدة، وقدما مثالًا رائعًا لبناء نوع جديد من العلاقات الدولية.
وهنا يأتي التساؤل: لماذا العلاقات الصينية - المصرية جيدة؟ لماذا الصداقة بين الصين ومصر عميقة؟ السر هو أن الصين ومصر قد خلقتا روح الصداقة والتعاون التي استمرت لفترة طويلة، في بداية تفشي الوباء، تحدث رئيسا الدولتين عبر الهاتف لمناقشة الإجراءات المشتركة لمكافحة الوباء، وتعزيز بناء مجتمع صيني - مصري ذي مستقبل مشترك، وتم التوصل إلى توافق إستراتيجي حول بناء العلاقات الصينية - المصرية لتكون نموذجًا رائدًا لبناء مجتمع صيني - عربي، ومجتمع صيني - إفريقي ذي مصير مشترك.
 
كما هنأ الرئيس السيسي الرئيس الصيني شي جينبينغ بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، معربًا عن استعداد مصر للعمل مع الصين لزيادة تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين والدفع بالعلاقات الثنائية بين البلدين إلى آفاق أوسع.
 
وخلال العامين الماضيين، قام عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي بزيارة مصر مرتين، وتبادل خلال الزيارتين وجهات النظر والتوصل إلى توافق في الآراء مع القادة المصريين حول تعزيز التعاون البراجماتي بين الصين ومصر، وتعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة.
 
مصر هي الدولة العربية والإفريقية الأولى التي تقيم علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية، فإن العلاقات بين الصين ومصر هي نقطة الانطلاق للعلاقات الصينية - الإفريقية وتمثل تعبيرًا لذروة العلاقات الصينية الإفريقية.
 
منذ فترة، عُقد المؤتمر الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني - الإفريقي بنجاح، وفي المنتدى شرح الرئيس الصيني شي جينبينغ رؤية من أربع نقاط لبناء مجتمع صيني إفريقي ذي مستقبل مشترك في العصر الجديد، وأعلن عن "البرامج التسعة" فيها تخطيط إستراتيجي وتصميم عالي المستوى لمستقبل التعاون الصيني - الإفريقي. 
 
وفي هذا الصدد، أود أن أطلعكم على الوضع المتعلق بالتعاون الصيني - المصري في مختلف المجالات على أساس "المشاريع التسعة" التي اقترحها الرئيس الصيني شي جينبينغ.
 
أولًا: فيما يتعلق بمشاريع الصحة، منذ تفشي الوباء، قدمت الصين لمصر أربع دفعات من المساعدات وأربع دفعات من اللقاحات، وساعدت مصر في إنشاء خط إنتاج الكمامات، ووقعت اتفاقية مع مصر بشأن الإنتاج المحلي للقاحات الصينية، وستصل دفعة جديدة من لقاح فيروس كورونا المستجد إلى مصر قريبًا. 
 
وفي كلمته خلال حفل افتتاح المؤتمر الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني - الإفريقي، توجه الرئيس السيسي بالشكر إلى دولة الصين على دعمها الفني الذي جعل مصر أول دولة في إفريقيا تمتلك الطاقة الإنتاجية للقاح كوفيد-19.
 
وستواصل الصين بنشاط تعزيز التعاون الثنائي في مجال البحث والتطوير في مجال اللقاحات والأدوية مع مصر، وستواصل بناء جدار قوي لمكافحة الوباء حتى تحقيق التغلب النهائي عليه.
 
ثانيًا: فيما يتعلق بمشاريع التخفيف من حدة الفقر، في نوفمبر 2021، وقعت الهيئة القومية للاستشعار من البعد وعلوم الفضاء المصرية ومعهد الموارد الزراعية والتخطيط الإقليمي الصيني، على مذكرة تفاهم للتعاون في الزراعة الذكية، ويمثل هذا الاتفاق توسعًا إضافيًا في التعاون الزراعي بين الصين ومصر في مجال الاستشعار عن بعد.
 
وبصفتها الشريك الإستراتيجي الشامل لمصر، فإن الصين على استعداد لتعميق تبادل الخبرات في مجال الحد من الفقر مع مصر، ودعم الشعب المصري لتحقيق هدف الحد من الفقر في أسرع وقت.
 
ثالثًا: فيما يتعلق بمجال تعزيز التجارة، ظلت الصين على مدار ثماني سنوات متتالية أكبر شريك تجاري لمصر، وهي البلد الأكثر نشاطًا في مجال الاستثمار في مصر في السنوات الأخيرة، في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2021، بلغ إجمالي تجارة السلع بين الصين ومصر 14.77 مليار دولار أمريكي، بزيادة سنوية قدرها 44.9٪، من بينها، بلغت واردات الصين من مصر 1.23 مليار دولار أمريكي بزيادة 70.3٪ على أساس سنوي.
 
وفي المرحلة القادمة، ستواصل الصين توسيع نطاق المنتجات المستوردة من مصر وتعزيز التنمية الصحية للتجارة بين الصين ومصر.
 
رابعًا: نطاق المشاريع الاستثمارية في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2021، بلغ الاستثمار الصيني المباشر في مصر 223 مليون دولار أمريكي، بزيادة 1.5 مرة على أساس سنوي.
 
قدمت منطقة تيدا السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري في مصر فرص عمل بشكل مباشر أو غير مباشر لأكثر من 40 ألف مصري وقدمت دفعة لا يمكن أن نغفل عنها للتنمية الاقتصادية في مصر، والصين على استعداد للدفع بمزيد من الشركات ذات التمويل الصيني للاستثمار في مصر وتعزيز عملية التصنيع في مصر.
 
خامسًا: مشاريع الابتكار الرقمي، على مدار السنوات الماضية، قامت الشركات الصينية، بما في ذلك Huawei، بتعاون جيد مع الدول الأفريقية وحققت نتائج مفيدة ومربحة للجانبين.
 
في 12 ديسمبر 2021، عُقد مؤتمر التعاون الابتكاري الصيني-الإفريقي، وفي هذا الإطار، ستعمل الصين مع الدول الإفريقية بما في ذلك مصر لتعزيز بناء المختبرات الإفريقية المشتركة، والمعاهد البحثية المشتركة، وإرساء قواعد التعاون في الابتكار العلمي والتكنولوجي وغيرها.
 
سادسًا: مشاريع التنمية الخضراء، في ديسمبر 2021، تم التوقيع على مشروع "التعاون الأخضر" مع شركة ويتشاي الصينية، والتي ستقوم باستكمال أعمال "التحويل من النفط إلى الغاز" لـ 240 ألف حافلة صغيرة في مصر، مما يساعد مصر في تنفيذ مبادرة "التنمية الخضراء"، الصين على استعداد للتعاون مع مصر لتطوير الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى، وتقديم الدعم العملي في مجال التكنولوجيا وبناء القدرات.
 
سابعًا: مشاريع بناء القدرات، في السنوات الأخيرة قدمت ورشة لوبان والكلية المصرية الصينية للتكنولوجيا جامعة قناة السويس تدريبًا على المهارات المهنية للشباب المصري، وتم صقل العديد من المواهب، كما قام برنامج إعداد المواهب في مصر في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من Huawei بتدريب عدد كبير من الشباب المصري وساعد المئات منهم في العثور على عمل.
 
ثامنًا: حول مشاريع التبادل الثقافي، منذ تفشي الوباء، قمنا بنقل العديد من أنشطة التبادل الثقافي بين البلدين إلى منصة الإنترنت منها سلسلة محاضرات "الصين في عيون المصريين"، و"رأس السنة الصينية الجديدة" وغيرها من الفعاليات، كما لاقت أنشطة مثل الحفل الموسيقي السحابي "سيمفونية الصداقة" ومسابقة مقال "أنا والصين" ترحيبًا حارًا ومشاركة إيجابية من الشعب المصري، وتعد مصر دولة سياحية رئيسية وتحظى أيضًا بشعبية كبيرة بين السياح الصينيين، والصين على استعداد لإجراء أنشطة ترويجية للسياحة مع مصر بعد تحسن الوضع الوبائي، وتشجيع المزيد من شركات السياحة الصينية على تنظيم المزيد من المجموعات السياحية إلى مصر.
 
تاسعًا: حول مشاريع السلام والأمن، كل من الصين ومصر قوتان مهمتان في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، وكلاهما يشارك بنشاط في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وتساهم الصين بأكثر من 40 ألف جندي لحفظ السلام، مما يجعلها أكبر دولة مساهمة بقوات بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، كما تعتبر مصر من الدول الأولى هذا المجال. 
 
ففي أبريل 2021، انضمت مصر أيضًا إلى فريق قوات حفظ السلام التابع للأمم المتحدة، وفي هذا السياق ترغب الصين في زيادة تعزيز التعاون في هذا الصدد مع مصر لحماية الأمن المشترك للبلدين.
 
عام 2022، سيشهد العالم متغيرات كثيرة، وسيكون عامًا مليئًا بالتحديات والفرص.
قال القدماء الصينيين: عندما يأتي البرد العظيم، يتساقط الصقيع والثلج، ثم ينمو الصنوبر والسرو، وتقول المقولة المصرية: الصداقة الحقيقية لا تتجمد بالشتاء، وإن التعاون بين الصين ومصر أشبه بأشجار الصنوبر والسرو التي لا تنضب، وقد صمدت أمام الاختبارات والاضطرابات الإقليمية والعالمية، ودائما شابة كما هي للأبد.
 
عام 2022 هو عام النمر في التقويم القمري الصيني، وكحضارتين قديمتين، ستواصل الصين ومصر دعم كل منهما للأخرى سياسيًا، وتعزيز التعاون العملي في مختلف المجالات، والمعارضة المشتركة لسياسات القوة والهيمنة، والدفاع عن العدالة الدولية، وتعزيز العلاقة بين البلدين لتكون كالتنين المحلق وقفزات نجاحها كقفزات النمر! وإضفاء حيوية على التعاون الثنائي بين البلدين.
 
وأخيرًا، أتمنى لجميع الأصدقاء المصريين، في العام الجديد، موفور الصحة والسعادة.
 
* سفير الصين بالقاهرة

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: