راديو الاهرام

د. خالد قنديل يكتب: البناء والتنمية ومواجهة المخاطر في منتدى شباب العالم

17-1-2022 | 09:29

بكل معنى الكلمة جاء منتدى شباب العالم في نسخته الرابعة، والذي استضافته مدينة شرم الشيخ، مدينة السلام والأحلام في العالم، حدثًا عالميًا فريدًا واختصت به مصر كفكرةٍ فريدةٍ من نوعها، ضمت وفودًا شبابية من 196 دولة بين مشارك أو متحدث أومن خلال منصة افتراضية، فكان هناك 18 ألف مشارك، ونحو 500 ألف طلب لشباب من الداخل ومن حول العالم تقدموا للمشاركة والحضور، وكان هذا الزخم الكبير والحضور المميز لقادة وزعماء ورؤساء الدول ومسئولى المنظمات الدولية والمؤسسات العالمية فى المجالات كافة.

لقد كان منتدى شباب العالم على مدار أربعة أيام نموذجا وتجسيدًا حيًا لفلسفة استيعاب الأفكار الناضجة والفارقة التي تسعى إلى سلام البشرية وتجنيبها مخاطر الظواهر المختلفة ونقص الموارد، حتى كان النقاش الجاد وتوصيات كل جلسة العنوان الأبرز لفتح آفاق كبيرة لاحتواء الأفكار الخلاقة والطاقات والمواهب الاستثنائية، للاستفادة من قدراتها المختلفة في وضع أسس سليمة لمواجهة مشكلات قائمة أو محتملة، فرأينا وجوها مصرية مضيئة من الداخل والخارج وإقبالًا كبيرًا على فعاليات المنتدى التي ناقشت بكل مصداقية وجدية أهم القضايا التي تمس بلدان العالم أجمع، من تغير المناخ إلى حقوق الإنسان، إلى إعمار الأوطان، ومواجهة جائحة كورونا، والاستفادة من التكنولوجيا والأمن المائي، وغيرها العديد من القضايا المهمة والتي يشارك في محاورها مختصون وشباب من مصر وجميع أنحاء العالم، فضلا عن مصريين يقيمون في الخارج، حرصوا على التواجد والمشاركة في فعاليات المنتدى نظرًا للأهمية القصوى والجدية في المحاور المطروحة.

من هنا لاحظنا كيف أن منتدى شباب العالم جاء ترجمة دالة على الرعاية التي يوليها الرئيس السيسي للشباب، من منطلق ثقته الكبيرة في قدراتهم الخلاقة لمواجهة جميع التحديات، وتمكينهم بكل الطرق والوسائل، وذلك عبر عزيمة وإرادة نحو استرداد الريادة والتميز للدولة المصرية من جديد، والقيام بدورها الفاعل نحو عالم أفضل ومستقبل مشرق للإنسانية مهما كانت التحديات والظروف المحيطة، ونحن جميعا في سياق بناء جمهورية جديدة قوامها استلهام الحضارة وتوافر قيم العدل الاجتماعي والحياة الكريمة ودرء المخاطر المحتملة والتشارك مع العالم في محاولة التصدي لكل ما يهدد سلامة الأرض، والاعتداد بكل فكرة موحية وإيجابية والاعتناء بالإنسان في كل صوره، طفلًا وامرأة وشيوخًا وشبابًا، وإتاحة جميع الفرص الممكنة لإنارة الطريق أمام الخطوات الجادة؛ سواء لإيجاد حلول جذرية للأزمات المطروحة، أو لدفع الأفكار ذات الإضافة التي تتسم بمتغير يحدث طفرة جديدة في أي من مجالات الحياة، كل ذلك في حضور رؤساء وزعماء الجمهوريات وبمشاركة أكبر وأهم المنظمات الدولية كالأمم المتحدة ومجموعة البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية.

ونظرًا لجدية التناول والمصداقية والشفافية عقد الرئيس لقاء مع عدد من المراسلين الأجانب المعتمدين وكان لافتا رده القوي على مزاعم وجود انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر: "هو انتوا بتحبوا شعبنا أكتر مننا؟..انتوا خايفين على بلادنا أكتر مننا؟، البلد دي عاوزة تعيش والشعب عاوز يكبر وينمو زي الباقي ما كبر، محدش يعوقنا ويعرقلنا".

وعبر أربعة أيامٍ زاخرة بالنشاط والجلسات والجدية تمت مناقشة العديد من القضايا، وصولا إلى توصيات الختام التي جاءت معبرة عن البعد الدولى والإقليمى للمنتدى، بشكل يعكس درجة كبيرة من النضوج، ونتاجا لنقاش ثرى جدا، جرى حول قضايا تخص العالم بشكل كبير والدعوة للسلام والتفاهم والشراكة فى وقت تعرض العالم للتهديد فى ظل جائحة كورونا، مما أعطى للمنتدى هذه الصورة المشرفة، متجاوزا المحلية إلى إطار عالمي ضخم، فحملت التوصيات رسائل مهمة جدًا بإعادة تنظيم العالم لنفسه، والتعاون بشكل أكبر للتصدي لآثار جائحة كورونا التي ضاعفت معدلات الفقر، بالتزامن مع التصدي للتغير المناخي الذي يؤدي إلى فيضانات وجفاف، فتقرر إعلان عام 2022 عامًا للمجتمع المدني بحيث تقوم إدارة المنتدى والجهات المعنية بالدولة بإنشاء منصة حوار فاعلة بين الدولة وشبابها ومؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية، وتكليف إدارة المنتدى بتفعيل مبادرتها التي أطلقتها بإنشاء حاضنة عالمية  لرواد الأعمال والمشروعات الناشئة والصناعات الصغيرة، وتكليف رئاسة مجلس الوزراء بإعداد تصور شامل مع شركاء التنمية  لتحقيق امتداد إفريقي للمبادرات التنموية المتحققة في مصر، وذلك في إطار المسئولية الإقليمية للدولة المصرية تجاه محيطها الإقليمي، وتكليف الأكاديمية الوطنية للتدريب بإعداد برامج تدريبية متخصصة للشباب  العربي والإفريقي لتطوير مهاراتهم لمواجهة المتغيرات الناجمة عن جائحة كورونا والصراعات الحالية، وفي مقدمتها تطوير القدرات الشبابية في ريادة الأعمال والتكنولوجيا. 

تكليف إدارة المنتدى بتفعيل منصة حوار دائمة لشباب العالم وشباب مصر لتبادل الرؤى والأفكار على أن يتم عرض نتائجها بشكل دوري على مختلف مؤسسات الدولة، لتمثل هذه النتائج رؤية استشرافية  للدولة تجاه جميع القضايا والموضوعات ذات الاهتمام، وتكليف إدارة المنتدى والجهات المعنية بالدولة بإطلاق حملة دولية قوامها الشباب المصري وشباب العالم المشارك في المنتدى للتعريف بقضايا الموارد المائية  الدولية، وتكليف رئاسة مجلس الوزراء  وبالتنسيق مع أجهزة الدولة  ومؤسساتها ذات الصلة بإعداد تصور شامل يعبر عن رؤية الدولة المصرية لإعادة إعمار مناطق الصراع إقليميا، ليكون منتدى شباب العالم في مجمله استثمارًا حقيقيا وفاعلا في الشباب، الذين يمثلون في كل وقت عصب البناء والتنمية للمجتمعات المتحضرة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الذكاء الاصطناعي.. عملة واحدة ووجهان

لا شك في أن التكنولوجيا في القرن الحادي والعشرين قد أتاحت للفرد الكثير مما لم يكن يتوقع في أزمانٍ وعقود وحقب سابقة، وقد تطورت التكنولوجيا الرقمية بتواتر

انتهاك المقدسات والحريات الزائفة

يبدو أن الغرب يصر على إرسال رسائله الخبيثة والساذجة في الوقت ذاته، ويسعى إلى الاتجاه بالعالم إلى هاوية لا رجعة منها، ظنًا من هذا الغرب الذي دنسه التخلف

الأكثر قراءة