راديو الاهرام

كمال جاب الله يكتب: أهلا وسهلًا بالرئيس الكوري في مصر

17-1-2022 | 08:55

في يوم الخميس المقبل، 20 يناير، سوف يصل القاهرة الرئيس الكوري الجنوبي، مون جيه إن، في ثاني زيارة يقوم بها رئيس كوري لمصر، بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، في إطار جولة، تشمل السعودية والإمارات العربية المتحدة.
 
زرت كوريا ثلاث مرات، 2002-2004-2006، وتشرفت بمقابلة الرئيس الكوري الأسبق، روه مو هيون، في المرة الثانية، وأجريت حديثا معه في الثالثة، نشرته "الأهرام"، يوم 6 مارس 2006، وكانت هي الزيارة الأولى لرئيس كوري لمصر.
 
المقابلة الأولى مع الرئيس روه مو هيون جرت في القصر الرئاسي "الأزرق" بالعاصمة الكورية الجنوبية، سول، وجرى نشرها ضمن 10 تحقيقات خارجية بعنوان "خريطة طريق إلى بان مون جوم (القرية الحدودية) لعبور الأسلاك الشائكة في شبه الجزيرة الكورية، وقتها، كنت مراسلا لـ «الأهرام» في طوكيو.
 
أيضًا، تشرفت، وقتها، بمقابلة وزير الخارجية، بان كي مون، الذي أصبح - في وقت لاحق - أمينًا عامًا للأمم المتحدة، ووزير الدفاع، تشونج كيل، ووزير الوحدة (عذرًا لا أذكر اسمه).
 
هؤلاء القادة الكوريون الجنوبيون عبروا – جميعهم - عن خصوصية العلاقات بين سول والقاهرة، وولعهم بالحضارة المصرية القديمة، وتطلعهم لزيارة المعالم السياحية المصرية، بالإضافة إلى معلم تاريخي رمزي يتذكره الكوريون، دائمًا.
 
في شهر نوفمبر من عام 1943، صدر "إعلان القاهرة" المنادي باستقلال كوريا، عقب قمة "مينا هاوس"، التي جمعت قادة عالميين، وقتها، في مقدمتهم، روزفلت وتشرشل وتشاي كاي تشك.
 
تلك المناسبة التاريخية والمعاني النبيلة، الراسخة في أذهان الكوريين عن مصر، كانت حاضرة - بقوة - في الحديث التالي، الذي أجريته مع أول رئيس كوري يزور القاهرة في عام 2006، وزاد عليها الرئيس روه قوله، نصًا: "مصر دولة رائدة وواعدة استثماريًا وماضية في طريق النمو، والعلاقات الثنائية في تقدم مستمر".
 
بعد نشر حديثي الرئيس الكوري الأسبق، وكذلك سلسلة التحقيقات الخارجية والتحليلات في "الأهرام"، في عامي 2004 و2006، توجت عنقي شهادة، أتمنى – بصدق - أن أستحقها، لسفير مصر الأسبق في سول، رضا الطايفي، بقوله، نصًا:
 
"بدون مجاملة، تغطية زيارة الرئيس روه مو هيون، سواء بنشر المقابلة، وما تبعها من مقالات وتحليلات، كانت هي الأقيم والأشمل والأكثر مصداقية، حقيقي كانت الزيارة فرصة طيبة للقائك في سول والتعرف عليك كرمز من أكثر الإعلاميين المصريين إلمامًا بالشأن الآسيوي، وما يدور في هذه المنطقة المهمة من العالم". 
 
في عام 1962، فتحت كوريا الجنوبية قنصلية لها بالقاهرة، فيما تأخرت مصر في المعاملة بالمثل حتى عام 1991، حين جرى افتتاح قنصلية مصرية عامة في سول، وفي عام 1995، اتفقت الدولتان على إقامة العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء.
 
يقول السفير الطايفي: "رغم حداثة العلاقات الدبلوماسية – نسبيًا - بين مصر وكوريا الجنوبية، إلا أنها علاقات شابة ومتينة وواعدة، حيث وصلت إلى الاتفاق والارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الكاملة والتعاون - بين البلدين - في خلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لـ سول في يوم 3 مارس عام 2016".
 
أكد الطايفي: "أن آفاق العلاقات بين كوريا والدول العربية كبيرة جدًا، ولابد من بذل جهود أكبر – من جانبنا - لجذب الاستثمارات والمستثمرين الكوريين في مشروعات أكثر، خاصة أن كوريا تعتمد على معظم احتياجاتها من الطاقة من المنطقة، وهناك مصالح متنامية للجانبين في تطوير علاقاتهما الاقتصادية والتجارية".
 
أحدث الأرقام الخاصة بالتبادل التجاري بين مصر وكوريا الجنوبية تشير إلى أنه بلغ نحو 2.2 مليار دولار، وسجلت مصر عجزًا تجاريًا بلغ نحو 896 مليون دولار. 
 
وزير دفاع كوريا الجنوبية، وكذلك رئيس البرلمان، كانا قد زارا مصر مؤخرًا، يقول السفير الطايفي: "أثق أن القمة المصرية - الكورية الوشيكة ستحقق نقلة نوعية جديدة في مسار العلاقات الثنائية، ارتباطًا بالتجارة والاستثمار ونقل وتوطين التكنولوجيا والاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة والبيئة ومعونات التنمية".
 
كوريا الجنوبية هي بلد المعجزة الاقتصادية والصناعية والتجارية – بامتياز - في العصر الحديث، وهنا أتوقف لسرد بعض المؤشرات والأرقام المؤكدة لذلك:
 
- من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية الكورية في 9 مارس المقبل، وتتوقع الحكومة أن انتعاش الاقتصاد في عام 2021 سوف يستمر خلال العام الحالي، مع تزايد الصادرات والاستثمار وانتعاش الطلب المحلي، بالإضافة إلى توقع نمو الاقتصاد بنسبة 4% في 2021، و3.1% في عام 2022.
 
- بلغ حجم تجارة كوريا في عام 2020 نحو 980 مليار دولار فقط، بسبب الأضرار الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا، ووفقًا لهيئة الجمارك الكورية، فقد تجاوز حجم تجارة كوريا مستوى تريليون دولار في الساعة 1:53 بعد ظهر يوم 26 أكتوبر 2021، حيث بلغت الصادرات 512.2 مليار دولار والواردات 487.8 مليار دولار، ومن المتوقع أن يتجاوز حجم الصادرات الرقم القياسي البالغ 604.9 مليار دولار والمسجل في 2018.
 
- في عام 2011، أصبحت كوريا الجنوبية الدولة التاسعة على مستوى العالم التي يتجاوز حجم تجارتها تريليون دولار، كما كانت الدولة الوحيدة التي حققت هذا الإنجاز من بين الدول التي حصلت على استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية. 
 
- وفقًا للبنك المركزي في سول، بلغ احتياطي النقد الأجنبي لكوريا الجنوبية أعلى مستوى له على الإطلاق عند 458.68 مليار دولار أمريكي في نهاية يوليو 2021، تتكون الاحتياطيات من الأوراق المالية القابلة للتداول مثل السندات الحكومية والودائع ومقتنيات الذهب، ووضع صندوق النقد الدولي. وبلغت الأوراق المالية 414.9 مليار دولار، أي بنسبة 90.5%، فيما بلغت الودائع 30.8 مليار دولار، وقيمة وضع سبائك الذهب وصندوق النقد الدولي: 4.79 مليار دولار و4.67 مليار دولار، على التوالي.
 
- احتلت كوريا الجنوبية المرتبة الخامسة، وهي أعلى مرتبة في آسيا، متجاوزة سنغافورة والصين واليابان، في إصدار 2021 من مؤشر الابتكار العالمي، الذي أعلنته المنظمة العالمية للملكية الفكرية، وقد دخلت كوريا لقائمة الدول العشر الأولى في المؤشر لأول مرة في عام 2020.
 
- قبل بضعة عقود، كانت اليابان أغنى من كوريا الجنوبية، وكان يُنظر إلى كل شيء من اليابان على أنه ممتاز، ولكن لم يعد هذا هو الحال الآن، حيث يفضل العديد من الكوريين المنتجات المحلية على المنتجات اليابانية ويشعرون بالفخر بها.
 
- في عام 1990، كان الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لكوريا الجنوبية 283 مليار دولار، أي ما يعادل 8.9% - فقط - من الناتج المحلي الياباني، لكنه زاد بستة أضعاف خلال 30 عامًا إلى 1.6 تريليون دولار في عام 2020، وهو ما يمثل ثلث الناتج الياباني. 
 
- قبل 30 عامًا، كانت كوريا الجنوبية تحتل المرتبة 17، بينما اليابان تحتل المرتبة الثانية على مستوى العالم، من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. ولكن في عام 2020، صعدت كوريا إلى المركز العاشر، بينما تراجعت اليابان إلى المركز الثالث، مع تضييق الفجوة بشكل كبير. 
 
- في التجارة الدولية، شكلت صادرات كوريا الجنوبية في عام 1990 ما نسبته 24% من إجمالي الصادرات اليابانية، ووارداتها 31% من واردات اليابان، لكن في عام 2020، سجلت كوريا 513 مليار دولار في الصادرات و468 مليار دولار في الواردات، وهو ما يعادل 80% و74% من صادرات وواردات اليابان على التوالي.
 
- أختتم بهذا المؤشر الطريف: وفقًا لتقرير صادر عن هيئة الإحصاءات الكورية في 27 يونيو 2019، سينخفض عدد السكان - في سن العمل في كوريا الجنوبية - بحوالي 12 مليونًا خلال الفترة من عام 2017 إلى عام 2047، في الوقت نفسه، ستبلغ نسبة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عامًا، في ثماني مدن ومقاطعات رئيسية، أكثر من 40% من إجمالي عدد السكان في مناطقهم، خلال العقود الثلاثة المقبلة. 
 
وتعتبر مشكلة انخفاض عدد السكان في كوريا معقدة، ويتجنب الشباب الكوريون الزواج وإنجاب الأطفال لأسباب متعددة، تشمل التباطؤ الاقتصادي، وانخفاض عدد فرص العمل، وأعباء أسعار الإسكان، وعدم الكفاية في مرافق رعاية الأطفال، أما النتيجة الأكثر خطورة - لكل ذلك - فهي أن انخفاض عدد السكان في سن العمل سوف يشكل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد والمجتمع، الكوريين.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
خدمــــات
مواقيت الصلاة
اسعار العملات
درجات الحرارة