الحلم هو السبيل لتغيير الواقع؛ جولة سريعة للمرور على أحلام الناس؛ كفيلة بتبيان كم الفوارق الكبيرة بين أحلامهم؛ بين من يحلم بطعام يسد رمقه؛ إلى من يحلم بمضاعفة ثروته الضخمة مسافات كبيرة؛ قد تفوق المسافة بين المشرق والمغرب؛ ولكنها سنة الحياة؛ هكذا خلقها الله؛ وقسم أرزاقها بين عباده.
ولكن سيظل السعي هو الطريق الصحيح لتحقيق الحلم؛ منذ بضعة عقود كانت الصين تعاني معاناة شديدة؛ بسبب عدد سكانها الكبير؛ وكان الأمر بمثابة كارثة يصعُب حلها أو التعامل معها؛ اليوم تبدل الحال؛ وأصبحت الصين قوة اقتصادية كبيرة؛ وتكاد تكون الأكبر على مستوى العالم قريبًا.
تعاني مصر ويلات الزيادة السكانية الكبيرة؛ لأنها تبتلع كل إمكاناتها؛ وعلى مر العصور؛ تسعى لزيادة معدل الناتج القومي؛ ولكن الزيادة السكانية دائمًا ما تكون أكبر؛ فنشعر بفارق بين ما نتمناه؛ وما نحققه.
وكانت تلك السمة الغالبة على نمط الحياة كما ذكرت طيلة عقود مضت؛ إلا أن الناس شاهدت تغييرًا حقيقيًا وملموسًا في عدد من المجالات؛ منها الكهرباء؛ حققت مصر اكتفاءً ذاتيًا؛ وبدأت في التصدير؛ وهذا تغيير عظيم جدًا؛ فمن يتذكر حالنا في عام 2014؛ وخاصة فترة الصيف؛ سيقدر تمامًا ما نحن فيه الآن.
ليس ذلك فقط؛ ولكن شهدت بنية الطرق والكباري طفرة رائعة؛ يشعر بها الناس؛ وعرفت مصر أخيرًا المعنى الحقيقي لمفهوم جودة الطرق؛ وعشرات من المدن الجديدة؛ ومئات الآلاف من الأفدنة الجديدة لتزداد الرقعة الزراعية بشكل واضح؛ ظهر أثره في توافر الخضراوات وغيرها بأسعار معقولة طوال العام؛ بخلاف ما يتم تصديره.
أيضًا تغير نمط السوق العقارية؛ وشهدنا أشكالًا جديدة من الوحدات السكنية تناسب فئاتٍ متعددة؛ بأسعار في المتناول؛ وللحقيقة هذا كان حلمًا لملايين من الناس؛ وكان صعب المنال.
وقد نحتاج لمقالات عديدة لشرح ما تم إنجازه على أرض الواقع؛ ومثلها أو أكثر لشرح ما يتم التخطيط لتنفيذه؛ كل هذا رائع ومبهر للغاية؛ إلا أنني اليوم أتحدث عن حلم؛ يسعى قطاع كبير من الشباب لتحقيقه؛ وهو الحصول على فرصة عمل؛ نعم اليوم أكثر يسرًا من أمس؛ وغدًا إن شاء سيكون أكثر يسرًا من اليوم؛ بفضل ما يتم إنجازه في قطاع التنمية والاستثمار.
فأين المشكلة؟
المشكلة تكمن في نظرتنا لزيادتنا السكانية؛ وهي كارثية؛ هل من الممكن النظر لها بشكل مختلف؛ من منطلق أنها ميزة وليست عيبًا!
كيف؟
بتطبيق نظرية التنمية البشرية؛ فنحن نملك موقعًا هو الأفضل في العالم؛ ملتقى الشرق والغرب؛ وهي ميزة لم نحسن استغلالها جيدًا حتى اليوم؛ فبتحويل الفرد لوحدة إنتاج؛ على سبيل المثال؛ الفلاح؛ لتنميته وتأهيله للعمل في مشروعات التسمين؛ يمكن لنا أن نضرب عدة عصافير بحجر واحد؛ أولها تحويله من مستهلك لمنتج؛ ثانيها؛ تحقيق اكتفاء ذاتي؛ ويليها الاتجاه للتصدير؛ سيأتي يوم ونحقق المعادلة الصعبة؛ ويزداد الناتج المحلي بشكل أكبر من ناتج الزيادة السكانية.
الأفكار في هذا الإطار كثيرة وتحتاج لصقلها؛ ونحن نملك من المؤهلات والإمكانات ما يتيح لنا تحقيق نظرية التنمية البشرية بكفاءة؛ فهل من سبيل ليكون 2022 عامًا فريدًا ومتميزًا؛ مختلفًا عن كل الأعوام السابقة؟
وذلك يحتاج للمناقشة في مقال قادم.
،،، والله من وراء القصد
[email protected]