في نهاية العام السابق عقدت مكتبة الإسكندرية لقاءً فكريًا بعنوان "عام 2022.. رؤية مصرية" برئاسة الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية بحضور لفيف من رجال الفكر والسياسة، وبحنكته الفكرية والسياسية دار الحوار حول أهم القضايا والتحديات والآمال التي تواجه الوطن في العام الجديد.
قال: إننا نعيش في وقت غير ضائع، فلم تشهد مصر حركة دؤوبة ولا تحليق للأعلى مثلما هو الآن، مشيرًا إلى الإنجازات التي تتحقق على أرض الواقع كل شهر.. وأن الشعب يحقق أحلامه، هذا الشعب الذي يدفع فاتورة صعبة لبناء دولته بعد أن عاش فترة صعبة على المعونات العربية والأجنبية، ولكن الوضع الآن تغير، ومصر الآن دولة ند ولها رأيها الحر، ولا يستطيع أحد أن يجور عليها، وإن عام 2022 عام غير عادي ومهم جدًا في حياة مصر والمصريين، فأمامهما عدة أحداث كبرى؛ منها افتتاح المتحف المصري الكبير، واستضافة قمة المناخ في العالم؛ وهو مؤتمر يبحث مستقبل البشرية والمخاطر التي تواجهها..
توقفت أمام قضية المناخ، تذكرت أن مصر طالبت خلال قمة جلاسكو التي عقدت منذ أسابيع، بمزيد من الدعم والتعويضات للدول النامية المتضررة من استخدامات الدول الكبرى للطاقة، والتي استفادت بشكل كبير فيما تضررت الدول النامية وعانت من الآثار السلبية لتغيرات المناخ والتلوث البيئي، ولا أحد يستطيع إنكار المسئولية السياسية التي تتحتم على الدول الصناعية الكبرى لدفع تعويضات للدول الفقيرة، لأن المتسبب في هذه الكارثة هي الدول المتقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين، بسبب الغازات المنبعثة من مشروعاتهما الضخمة، هذا المؤتمر المهم ينعقد منذ حوالي ثلاثين عامًا، إن اختيار مصر لعقد قمة المناخ المقبلة بمثابة خطوة إيجابية تعكس ثقل مصر الدولي، وتقدير دول العالم لجهودها في قضية تغير المناخ.
الحدث لم يأتِ مصادفة، لكن بعد أخذ مصر العديد من الإجراءات للحد من انبعاث الغازات الضارة للبيئة، على رأسها تنفيذ مشروع تصنيع السيارات الكهربائية، ومبادرة إحلال السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، اللذين سيحدان من استخدام الوقود المتسبب في حدوث تغير المناخ، والمشروعات الحكومية المصرية التي تسير في اتجاه التحسن البيئي، بإنشاء المدن الجديدة من بينها العاصمة الإدارية، وهي مدن يراعى فيها عدم الإضرار بالبيئة، واستخدامات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كل ذلك من طاقة متجددة وبديلة للطاقات المستخدمة التي تنتج غازات الكربون.
هذا المؤتمر أيضًا سيحقق أكبر مكاسب للدول النامية والدول الأكثر تضررًا من كارثة تغير المناخ، خاصة في قارة إفريقيا.
إن الدول الصناعية الكبرى إن لم تنتبه إلى إنتاج طاقات بديلة للطاقات التي تؤدي إلى انبعاثات كربونية سيكون هناك تأثير سلبي على العالم، وإن لم تلتزم الدول الصناعية الكبرى، بتوصيات مؤتمر باريس 2015، والتي كان من ضمنها دفع 100 مليار دولار للدول المتضررة من التغيرات المناخية في إفريقيا وآسيا، وعدم إمداد هذه الدول بالتكنولوجيا الحديثة التي تمكنهم من مجابهة التغيرات المناخية ستقع كارثة كبرى.
لذلك على الدول الصناعية الكبرى أن يكون لها دور في دعم الدول النامية بإسهامات كبيرة تكنولوجية ومالية لمواجهة التغيرات المناخية.
وتعتبر القمة الأخيرة للمناخ بالغة الأهمية لاستمرارية اتفاق باريس الذي عقد عام 2015، ونص على الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى أقل بكثير من درجتين مئويتين، والعمل على حصرها بحدود 1,5 درجة، ومع ارتفاع درجة الحرارة بما يزيد على درجة مئوية واحدة منذ الثورة الصناعية، تتعرض الأرض لموجات حر أكثر شدة من أي وقت مضى، وفيضانات وعواصف استوائية تتسبب في ارتفاع منسوب مياه البحار.
قضية تغير المناخ باتت قضية حياة أو موت للبشرية جمعاء على سطح هذا الكوكب، هذا المؤتمر "COP 27" سيضع مصر في بؤرة الاهتمام الإعلامي الدولي الذي تستحقه.