ونحن نستقبل عامًا جديدًا نجد أن الإسلام لم يفرق في رؤيته للإنسان ما بين مسلم ومسيحي أو يهودي، فهو لم يسمح بسرقة أموال اليهود ولا سبي نسائهم ولا حتى الاعتداء عليهم ما لم يبدأوا هم بالاعتداء، فالإسلام دين يدعو إلى الإحسان إلى الناس كافَّة، والتعامل معهم بالحسنى؛ على أساس أن الجميع خلق الله .
وصية رسول الله
والإسلام لا يُفرِّق في التعامل الحَسَن بين المسلم وغير المسلم، وعن هذا المعنى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَن في الأرض يرحمْكم من في السماء... ))
وهذه وصيَّة من النبي رحمة الله للعالمين ودعوة منه إلى التعامل الحَسَن مع سائر الناس على اختلاف أجناسهم وألوانهم ومذاهبهم وأديانهم، ويَضمَن صلى الله عليه وسلم للقائمين بهذا التعامل الحسن الرحمةَ من الله - عز وجل - في الدنيا والآخرة.
الإسلام والكرامة الإنسانية
ولقد أوجب الإسلام على المسلمين أن يُراعوا الكرامةَ الإنسانيَّة التي وهبها الله تعالى للإنسان فضلاً منه ورحمة، ولم يُفرِّق فيها بين المسلم وغير المسلم، وهو يؤكِّد أن الناس كلهم أبناء أب واحد وأم واحدة، كما نادى به الرسول صلى الله عليه وسلم في خُطْبته لحجة الوداع : ((يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضلَ لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى)) .
فالإنسان في نظر الإسلام مُكرَّم، بصرف النظرعن أصله وفصْله، دينه وعقيدته، مركزه وقِيمته اجتماعيًا، فقد خلقه الله مُكرَّمًا، ولا يَملِك أحد أن يُجرِّده من كرامته، يستوي في ذلك المسلم الذي يؤمن بالقرآن كتاب الله وبمحمد بن عبدالله رسول الله ونبيه، وغير المسلم من أهل الأديان الأخرى، أو من لا دين له، فالكرامة البشرية حقٌّ مشاع يتمتَّع به الجميع من دون استثناء.
فلقد أمر الإسلامُ أتباعَه بالمحافظة على كرامة غير المسلمين ومراعاة مشاعرهم، ونهى عن جَرْح عواطفهم؛ فقال الله - عز وجل -: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [العنكبوت: 46]
استوصوا بالقِبْط خيرًا
وقد شرع الإسلام من حقوق وواجبات، ألزم المسلمين القيام بها نحو إخوانهم المواطنين غير المسلمين، مساويا بين المسلمين وغيرهم، فأعطى للذميين في المجتمع الإسلامي نَفْس الحقوقَ التي للمسلمين، وحُقَّ لهم أن يعيشوا آمنين على أنفسهم وعلى أموالهم وعلى أعراضهم، بل ويتمتَّعون بالبرِّ والإحسان والمعاملة الطيبة، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لهم ما لنا، وعليهم ما علينا)) .
ثم هاهو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابَه بالقبط خيرًا؛ حِفاظًا على ذمَّتهم ورحِمهم، ويقول: ((إذا فتحتم مصرَ، فاستوصوا بالقِبْط خيرًا؛ فإن لهم ذمَّة ورَحِمًا))، أما الذمة، فهي الحُرْمة والحق، وأما الرَّحم؛ فلكون هاجر أم إسماعيل منهم، وأما الصِّهر؛ فلكون مارية أم إبراهيم منهم .
أدعية لاستقبال العام الجديد
لذا فإننا نستقبل العام الميلادي الجديد ونحن ندعو بالخير لكل البشر كما تعلمنا من ديننا ومن نبينا، ومن هذه الأدعية التي نتوجه به إلى الرحمن :
اللهم في بداية هذا العام نسألك من فيض رحمتك وواسع كرمك، ألا تترك بيننا مريضًا إلا شفيته، ولا غائبًا إلا رددته، ولا محرومًا إلا أعطيته، ولا مديونًا إلا قضيت دينه، ولا مظلومًا إلا نصرته، ولا مكروبًا إلا وقد فرجت عنه.
اللهم إنا نفوض إليك كل أمرنا في بداية هذا العام الجديد، اللهم ارفع عنا كل بلاء، واكتبنا من السعداء.
الحمد لله رب العالمين اللهم إنك قدير .. وهذا عام جديد قد أقبل وسنة جديدة قد أقبلت نسألك من خيرها ونعوذ بك من شرها، اللهم اجعله عام جبر دون فقد ولا خيبة، ولا كسر ولا ضعف.
اللهُم إني أستودعك سنة من عمري بأن تغفرها لي، وترحمني وتعفو عني وأن تُبارك لي في أيامي القادِمة وتصلح نفسي وتُيسر أمري، ويا رب لا تفجعني بفقد أحد فلا طاقة لي لفقد الأحباب، ربي احفظ لي منْ حولي ولا تحرمني قريبْا ۆلا بعيدا.
اللهم اجعلهُ عامًا لا يضيق لنا فيه صدر ولا يخيب لنا فيه أمر، ولا يرد لنا فيه دعاء واحفظ لنا من نحب، وبشرنا بما يسر وحقق لنا ما نتمنى..
اللهم اجعله عام جبر دون فقد ولا خيبة، ولا كسر ولا ضعف، وارفع عنا كل بلاء، واكتبنا من السعداء.
اللهم إني أسألك خير هذه السنة المقبلة يمنها ويسرها، وأمنها وسلامتها، ونورها وبركاتها، وأعوذ بك من شرورها وعسرها، يا أكرم الأكرمين، يا أرحم الراحمين، وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
انشودة العذراء وعيسى عليه السلام -انشاد بديع للمنشد معاذ زغبى سلاما يانبي الله عيسى
أجمل التهاني2022