راديو الاهرام

محمد إبراهيم الدسوقي يكتب: رد الاعتبار

29-12-2021 | 14:49

منذ أن تولى الرئيس السيسي المسئولية، حرص وبشكل واضح على تأكيد وترسيخ سلسلة حميدة ورائعة من المبادئ والقيم، التي طالما افتقدناها وتقنا إليها، خلال عهود سابقة، من بينها وأبرزها على الإطلاق في نظري مبدأ "رد الاعتبار" بمفهومه الشامل الممتد لمناحٍ واتجاهات لا حصر لها.
 
فها نحن نرى الصعيد وقد استرد جزءًا كبيرًا ومهمًا من اعتباره عمليًا وليس بالأقوال والشعارات الجوفاء خالية المضمون وعديمة الجدوى، بعد حقب طويلة وكئيبة من التجاهل والتهميش والإهمال، والتي تمخضت عنها تلال وجبال شاهقة من الأزمات والأعباء الثقيلة، وأفسحت مجالًا واسعًا استغلته الجماعات الدينية المتطرفة والإرهابية، لنشر أفكارها الظلامية والتخريبية ومحاربة الدولة الوطنية ومعاداتها بضراوة، بزعم أن الدولة وحكوماتها المتعاقبة لا تكترث بمحافظات الصعيد وتهملها عامدة متعمدة، وتترك أهلها يعيشون في فقر مدقع، وبلا خدمات صحية وتعليمية واجتماعية محترمة ولائقة، وبلا فرص عمل يُعتد بها.
 
الحال تغير للأحسن بفضل مشروعات تنموية، وتخطيط متقن وواعٍ، وراعت الدولة المصرية في خططها بالصعيد تعظيم الاستفادة؛ مما يزخر به منِ موارد بشرية وطبيعية، ومهدت السبيل ليصبح جاذبًا للاستثمارات الداخلية والخارجية، وألا يكون مناطق طاردة للكفاءات والطاقات البشرية الباحثة عن لقمة عيش كريم، وأن يجد سكانها فيها متنفسًا حقيقيًا لأحلامهم وآمالهم وطموحاتهم.
 
وأضحى الصعيد مقصدًا لزيارات كبار المسئولين، لمتابعة أحواله على أرض الواقع، وليس عبر تقارير أعدت فى المكاتب المكيفة، وهي سنة حسنة يجب المداومة عليها، وعن نفسي أتمنى مخلصًا أن يعقد مجلس الوزراء اجتماعه الأسبوعي مرة واحدة شهريًا في إحدى محافظات الصعيد، وأن يحل الوزراء كل في اختصاصه ما يستجد من مشكلات فيها دون إبطاء، للحيلولة دون تراكمها وتفاقمها.
 
أيضًا شهدنا رد الاعتبار لشخصيات وطنية نالها نصيب معتبر وظالم من الانتقادات اللاذعة المُرّة، وعدم التقدير لعملها الدؤوب ومشروعاتها المستقبلية، منهم رئيس الوزراء الراحل كمال الجنزوري، الذي وضع اللبنة الأولى لمشروع توشكى، وناله ما ناله من تجريح وتهكم وسخرية، ومن قبله الرئيس الراحل محمد نجيب، والفريق سعد الدين الشاذلي، والمشير محمد عبدالغني الجمسي، وقائمة طويلة من الأسماء التي منحها الرئيس السيسي حقها من التكريم والإشادة، خلال كثير من المناسبات واللقاءات والمؤتمرات العامة، وتلك رسالة لكل المستويات الرسمية وغير الرسمية بإعطاء كل ذى حق حقه، وأن نفهم ونستوعب جيدًا ما وراء ما يُطرح منِ مشروعات ومقترحات ومخططات للحاضر والمستقبل، وما سنحصده من فوائد لاحقة وآنية قبل التسرع بإهالة التراب عليها، والتحفيل عليها في منصات ووسائط التواصل الاجتماعى.
 
كذلك رد الاعتبار إلى هيبة الدولة، التي عملت بعض القوى السياسية والدينية والخائنة على تقويضها واستباحتها، حتى يستتب لها الأمر وتفعل ما تشاء وتشتهي، وتوهمت للحظة من اللحظات أنها تستطيع دفن هذه الهيبة في التراب، لكن الدولة الوطنية كانت لها بالمرصاد، وفوتت عليها الفرصة وأجهضت خططها ومساعيها الأثيمة المشجعة على التخريب والفوضى، ووقفت الدولة على قدمين ثابتتين مرة أخرى، وأكدت قوتها واستعادت هيبتها، وقدرتها الفائقة على الإنجاز وتخطي الصعاب والتحديات الجسيمة داخليًا وخارجيًا، وكان الانكسار والخذلان مصير كل مَن حسب أنه قادر على مناطحتها ولي ذراعها لتحقيق مآربه.
 
ووصل رد الاعتبار لقيمة العمل والاجتهاد، فما من لقاء يُشارك فيه الرئيس السيسي إلا ويُشدد في مداخلاته وخطبه على أن العمل الجاد والجهد الصادق، هما طوق النجاة مما نكابده ونواجهه من صعوبات وهموم، وأن وطننا يحتاج لكل سواعدهم الفتية، وعندما تحدثت سيدة نوبية مع الرئيس السيسي، لدى زيارته الأخيرة لأسوان، عن أن شباب أسوان لا يجد فرص عمل بالشكل الكافي، وارتباط أعماله بالنشاط السياحي، أخبرها بأنه على هؤلاء الشباب انتهاز الفرص المتاحة في توشكى وشرق العوينات القريبة منهم واللذين يلزمهما عمالة في قطاع الزراعة براتب يصل لثلاثة آلاف جنيه، فحل مشكلتهم يبدأ وينتهي عند العمل وعدم الاستكانة للظروف الصعبة.
 
وتوخيًا للعدل والمساواة، شدد الرئيس السيسي، خلال أسبوع الصعيد، على أن تكون الكفاءة هي المعيار الوحيد لتشغيل العاملين في المشروعات الجديدة المقامة في جنوب مصر، وألا يكون هناك مجال لاختيار أرباب المحسوبية والواسطة والأقرباء، وتلك رسالة لطائفة لا تزال تصر على تقديم أهل القرابة والمحسوبية على أهل الكفاءة والخبرة، لشغل المناصب والمواقع القيادية وغير القيادية.
 
يتصل بذلك رد الاعتبار لمبدأ الثقة في النفس، وأنه لا يوجد مستحيل ولا صعب، طالما وجدت الإرادة والعزيمة التي لا تلين ولا تضعف، فلو قال أحد قبل 7 سنوات إننا سننجز ما نراه من حولنا اليوم، والذي اعتبر البعض تحقيقه شبه مستحيل، ما صدقه الكثيرون، غير أن المعجزة تحققت، لأن لدينا قيادة سياسية مؤمنة إيمانًا راسخًا بقدرة المصريين على فعل المستحيل والإنجاز، وتشجع المواطنين دائمًا على توسيع دوائر أحلامهم وأمانيهم وطموحاتهم، وتنظر لما تحقق بوصفه أقل مما تتمناه وتأمله لمصر وشعبها.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: