Close ad

كمال جاب الله يكتب: مصر 2070 في "إكسبو دبي 2020"

27-12-2021 | 00:14

زيارتي لعاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، أبوظبي، وكذلك إلى مدينة دبي، التي استغرقت أسبوعًا، جاءت سياحية صرفة، ولم تكن مهمة صحفية بأي حال، غير أنها تزامنت مع استضافة الدولة لحدث دولي كبير، بات واجبًا وحتمًا رؤيته.

لأن استضافة الحدث، الذي يعقد لأول مرة في دولة شرق أوسطية وإفريقية وجنوب آسيوية، يتزامن مع تفشي وباء كورونا، فقد استعدت دولة الإمارات العربية المتحدة، بكل إمكاناتها، ليصبح "إكسبو دبي 2020"، هو الأكبر والأشمل، والأكثر تنوعًا، منذ انطلاقة دورته الأولى في بريطانيا، عام 1851، أي منذ 170 سنة.

في مقالي السابق بـ"بوابة الأهرام"، الموقرة، كتبت عن مصاعب السفر وأعبائه، المملة، في زمن كورونا وسنينها، وهو ما دفعني إلى كبح جماح هوايتي المزمنة في السفر خارج الديار المصرية لأكثر من عامين، إلى أن أتيحت الفرصة الأخيرة.

أربع "مسحاتPCR"، بالإضافة إلى اللقاحين، المسبقين، سينوفارم، كان محتمًا أن أمر بهم، خلال الأسبوع، الذي أمضيته في مدينتي أبوظبي ودبي، للتنقل بين مرافقها، وارتياد أسواقها ومقاهيها، والسماح لي بركوب الطائرة، ذهابًا وعودة. 

في مقالات تالية، سوف أخصص مساحة للحديث عن التجربة التنموية، العظيمة، لدولة الإمارات العربية المتحدة، الشقيقة، التي تأسست في الثاني من ديسمبر عام 1971، وكيف أصبح التفوق والإنجاز نمط حياة دائم، لكل المقيمين على أرضها.

نصف مليون زائر، حتى كتابة هذه السطور، توافدوا على جناح مصر في معرض "إكسبو دبي 2020"، الذي جرى افتتاحه في الأول من شهر أكتوبر الماضي، ويستمر حتى آخر مارس 2022، واستقطب الملايين من مختلف أنحاء العالم.

صعدت إلى أعلى طابق بالجناح المصري، لأشهد، بنفسي، تجربة مثيرة لـ آلة الزمن، مدتها 120 ثانية، تعرض مصر الحاضر والمستقبل، حتى عام 2070.

يمتد الجناح، الواقع في ساحة الفرص بـ إكسبو 2020، على مساحة ألف متر مربع، يقسم إلى 14 منطقة، تغطي التاريخ الحضاري لمصر، في الماضي والحاضر والمستقبل، ويخصص 3 طوابق لعرض ما تزخر به المحروسة من إمكانات وفرص استثمارية، وما تتمتع به من مقومات مادية وبشرية هائلة.

تصميم جناح مصر الاستثنائي بالمعرض، أبدعه المهندس المعماري حازم حمادة، يبرز ما تتمتع به مصر من عمق تاريخي، وثراء حضاري، ويتيح للزائر أن يتعرف عليه من النظرة الأولى؛ حيث الكتابات الهيروغليفية، التي تزين الجدار الخارجي، والبوابة ثلاثية الأضلاع، التي تحاكي الأهرامات، فضلًا عن مجسم توت عنخ آمون، والتابوت الأثري للكاهن "بسماتيك أوزير"، المكتشف حديثًا في منطقة سقارة.

طوال فترة انعقاد إكسبو، يشهد الجناح المصري عشرات الفعاليات، تتضمن ورش عمل ولقاءات نقاشية، بالإضافة إلى تنظيم معارض، في مجالات الآثار والتعليم والاستثمار العقاري، ومعرض تراثنا، فضلًا عن الفعاليات الترفيهية والثقافية.

ساحة الوصل، التي تمثل قلب "إكسبو دبي 2020"، كانت هي نقطة الانطلاق، صباح يوم الإثنين الماضي، لتفقد فعاليات المعرض الدولي المهيب، التي يشارك فيها ممثلو 191 دولة ورواد أعمال من مختلف أنحاء العالم.

الساحة مغطاة بقبة فولاذية عملاقة، ذات تصميم مستوحى من شعار إكسبو 2020، وتبلغ مساحة القبة 724 ألف متر مربع، وارتفاعها 67.5 متر، تغطي الساحة ما يساوي 16 ملعب تنس، وتزن ما يعادل 500 طن، وتتسع لإيواء ما يساوي ركاب طائرتي إيرباص A 380 عملاقتين. 

بمشاركة مواهب عربية وعالمية، تستضيف ساحة الوصل، يوميا، أول أوبرا إماراتية، لتروي حكاية ألف سنة من ثقافة الدولة، وتعزف "الروبوتات" الألمانية موسيقى مستوحاة من مقطوعات بيتهوفن، فيما تقدم مختلف الدول المشاركة استعراضات فنية، تحمل عنوان "ليالي الجلسات" و"موسيقى في الحديقة".

من متابعتي لما نشرته، وتنشره، "الميديا" الإماراتية، منذ الفوز، في عام 2013 بتنظيمه، يتوقع أن يترك إكسبو 2020 انعكاسات إيجابية هائلة على اقتصادات الدولة، ويوفر قوة دافعة طويلة الأمد للاقتصادات المحلية والإقليمية، ولقطاعات اقتصادية رئيسية، كالخدمات المالية والنقل والسياحة والخدمات اللوجستية.

يسهم المعرض في الاقتصاد غير النفطي بالإمارات، وثمة ترجيحات تحليلية بأن يولد إكسبو 2020 ما يقرب من 23 مليار دولار أمريكي (24.4% من الناتج المحلي الإجمالي الحالي لدبي) بين عامي 2015 و2021، كما يسهم في إضافة نحو 122.6 مليار درهم من 2013 حتى 2031، وقد ساهمت استضافة المعرض بالفعل في تعزيز النمو الاقتصادي في دبي إلى متوسط 6.4% سنوياً من 2014 إلى 2016.

 يسهم "إكسبو 2020" بأثر ملموس في الاقتصاد الإماراتي يتمثل في زيادة معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للدولة؛ حيث توقع صندوق النقد الدولي أن يسجل اقتصاد دبي نمواً بنسبة 3.1% خلال عام 2021 بعد انكماشه في عام 2020 بنحو 5.9% نتيجة الآثار المتفاقمة لجائحة "كوفيد–19".

تتوقع وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن يدعم إكسبو دبي 2020 اقتصاد الإمارات من خلال المساهمة في ارتفاع فائض الحساب الجاري للدولة من 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي في 2020 إلى 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي في 2021، ثم إلى 7.9% من الناتج المحلي الإجمالي في 2022. 

وتستند تلك التوقعات إلى حدوث انتعاش تدريجي في صادرات الخدمات والسلع؛ حيث يقود إكسبو 2020 انتعاشًا في قطاع السياحة، كما سيسهم في ارتفاع إيرادات السفر.

خلال الفترة من بدء الإعلان عن المعرض في عام 2013 حتى عام 2031، من المتوقع أن يسهم الحدث بنحو 33 مليار دولار أمريكي في الاقتصاد الكلي للإمارات؛ ومن المتوقع أن يجلب الحدث ما بين 100 مليار دولار و150 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر، عبر قطاعات مثل: الخدمات المالية، والسياحة، والضيافة، والعقارات، والبنية التحتية.

يشهد إكسبو 2020 زيادة في معدلات التوظيف، بالإضافة إلى زيادة أعداد العمَّال المهرة؛ حيث من المُتوقَّع أن يوفِّر هذا الحدث ما يزيد على 270 ألف فرصة عمل جديدة في دولة الإمارات العربية، ويتوقع أن يجذب أكثر من 25 مليون زائر.

 يعد معرض إكسبو 2020 نقطة وصول مهمة للمستثمرين الأجانب إلى الأسواق الإقليمية، باعتباره بوابة مرور رئيسية بين الشرق والغرب؛ لذا فإنه يوفر فرصة للوصول إلى أكثر من 1.7 مليار مستهلك في مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وباكستان والهند.

منذ الإعلان عن معرض إكسبو 2020، كان هناك أثر إيجابي على سوق العقارات الإماراتية، وستحتفظ مدينة "دستركت 2020"، التي ستتطور في موقع إكسبو 2020 دبي بعد ختام الفعاليات، بأكثر من 80% من تلك البنية التحتية المخصصة للمعرض، وستتحول إلى مجتمع ذكي متكامل محوره الإنسان، ومزار جاذب للسياح والشركات والمقيمين.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: