غريب ما تقوم الإدارة المسئولة عن موقع المجالس الطبية المتخصصة، وخاصة فيما يخص تسجيل المعاقين لتحديد موعد للكشف الطبي للحصول على سيارة مجهزة طبيًا.
عبر تجربة شخصية قمت بها على مدار 3 أسابيع؛ فما حدث معي، حدث أيضًا مع غيري.. فالمحصلة واحدة.. فشل ذريع في الحصول على موعد للكشف الطبي حتى لو بعد 6 أشهر.
التسجيل على الموقع غير متاح طوال اليوم.. ويفتح ساعات قليلة من اليوم.. وإذا كان حظك جيدًا وفتح معك التسجيل فلا تخرج لك إلا رسالة واحدة تقول لك: "لا يوجد مواعيد متاحة حاليًا برجاء المحاولة لاحقًا"
أمر في غاية الغرابة ويثير كثيرًا من التساؤلات.. فلقد ذهبت هناك إلى مقر المجالس الطبية في الحي السادس بمدينة نصر.. وتحدثت مع المعاقين عن تجربتهم على الموقع.. ثم اشتركت في مجموعات فيسبوك لسيارات المعاقين.. وقرأت عشرات المنشورات كتبوا عن بطء وتأخير موقع الحجز.
لماذا التسجيل صعب؟!! لا أحد يعرف.. ولماذا المواعيد غير متاحة؟! لا أحد يدري.. لماذا لا يتاح التسجيل وتكون المواعيد معروفة وواضحة وشفافة حتى لو بعد عدة أسابيع أو أشهر؟!
وإذا كان هناك إقبال كبير من المعاقين على التسجيل لماذا لا تفتح وزارة الصحة أماكن أخرى للكشف الطبي؟!
وإذا كانت أعداد الأطباء غير كافية فيمكن أن يعملوا على فترتين أو يستعينوا بأطباء مختصين من أماكن أخرى يعاونونهم.
بالتأكيد هناك حل لهذه المعضلة وهذا التأخير، ولكن الحل ليس عندي.. إنه هناك عند وزارة الصحة وعند المسئولين عن المراكز الطبية المتخصصة.. سواء في الإدارة أو في الموقع لتحديد مواعيد الكشف الطبي.
الغرابة أتت من مفارقة أن يكون إنشاء الموقع الإلكتروني لخدمة المعاقين وراحتهم وتجنيبهم عناء التنقل والسفر.. فأصبح عذابًا لهم.
في المرتين السابقتين اللتين قمت فيهما بالكشف الطبي لشراء سيارة.. قدمت أوراقي ودفعت المبلغ المطلوب.. ثم دخلت مباشرة لتوقيع الكشف الطبي.
كانت الحياة أسهل والدنيا أقل صعوبة.. أما الآن فظهر - مع صعوبة التسجيل بل استحالته أحيانًا كثيرة - تجار السوق السوداء، لكي يحصلوا لك على موعد للكشف الطبي نظير مبلغ مالي ليساعدوك على التسجيل.. وبدلًا من قضاء يوم واحد فقط في أمر بسيط.. أصبحت تذهب عدة مرات.. مرة للسمسار أو الوسيط لدفع الأموال.. ومرة لتلقي الحجز منه، وقد تتكرر الزيارة والأيام نظير مشكلة هنا أو هناك! وبدلًا من توفير الأموال تضطر إلى إنفاق أموال أكثر.
ثم سؤال للأطباء والمختصين.. ما الداعي لكي نعيد الكشف الطبي مرة تلو الأخرى وسنة وراء سنة، على أشخاص معروف إعاقتهم بأنها ثابتة ودائمة لا تتبدل ولا تتحول أو تتحور أو تختلف من عام لآخر.. أو يحدث لها طفرة جينية؟!
هل يمكن مثلا أن تنمو ساق المعاق التي بُترت كما يحدث مع الزواحف وأذيالها؟! أو يتحول الضرير الذي فقد عينيه إلى قناص في القوات الخاصة؟! الإجابة بالطبع لا.
وإذا كانت الإجابة، لا.. لماذا الإصرار على إعادة الكشف ليس في المجالس الطبية فحسب.. ولكن مثلا عند استخراج معاش الوالد أو الوالدة بجانب الراتب الشهري.. ما السبب الذي يجعل المعاق يكشف مرة تلو الأخرى؟! ألا تكفي بطاقة الخدمات المتكاملة؟!
ألم تخرج هذه البطاقة من الوزارة بشهادة الأطباء؟! إذن لماذا يرسلون المعاق مرة تلو الأخرى ليشهدوا نفس الشهادة؟!
ثم لماذا لا تُكتب في هذه البطاقة نوع الإعاقة وهل هي دائمة أم لا؟! لإراحة الأطباء والمعاقين والسيستم.. بدلا من اللف في دوامة متهالكة غريبة من البيروقراطية وسماسرة السوق السوداء ونزيف الأموال.
الإجابة ليست عندي هي فقط عند المسئولين، فهل يمكن أن تسهلوا الحياة قليلًا على المعاقين؟! ولا تحولوها إلى تكرار نفس الإجراءات في نفس الأماكن التابعة لنفس الوزارة.. وإيقاف تعذيب المعاقين ونزيف أموالهم ومجهودهم.