Close ad

د. خالد قنديل يكتب: مصر ومكافحة الفساد .. خارطة طريق للعالم

20-12-2021 | 05:09

بذلت الدولة المصرية جهودًا عظيمة وجبارة لمكافحة الفساد بصوره وأشكاله وأنماطه المختلفة، وذلك من خلال تبنيها تطبيق إجراءات وتدابير تنظيمية فاعلة، وكانت تلك الجهود دؤوبة ومستمرة وفق منهج علمي ووفق عمل جماعي مؤسسي من خلال اللجنة التنسيقية الوطنية لمكافحة الفساد، والتي تضم كل الهيئات والجهات العاملة والفعالة في مجال مكافحة الفساد.

واستطاعت مصر أن تؤسس أجندة عالمية لمكافحة الفساد، عبر تولي هيئة الرقابة الإدارية المصرية رئاسة الدورة التاسعة لمؤتمر دول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، الذى نظمته الأمم المتحدة، واختُتمت فعالياته التي أقيمت على مدار خمسة أيام فى شرم الشيخ يوم الجمعة الماضي، بحضور عدد كبير من مسئولى مكافحة الفساد في العالم ومشاركة أكثر من 2700 شخصية دولية من مختلف أنحاء العالم، وهو الحدث الأكبر فى مجال منع ومكافحة الفساد على مستوى العالم، والذي يضع الأجندة الدولية للدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة ومنع الفساد، وتعزيز التنمية المستدامة، والتعافي بنزاهة من جائحة كورونا، وضمان الاستقرار الاقتصادى والسياسى.

ولعلنا نلاحظ بوضوح هذا التفاعل الدولي من مصر مع جميع القضايا المؤرقة للعالم، إذ تكون دائمًا حاضرة مع كل المؤتمرات الدورية التي تعقدها منظمة الأمم المتحدة تقدم الرؤى والخبرة والتجربة وتسهم بشكل فاعل في وضع حلول جادة لتجاوز هذه الأزمات، ومنها قضية الفساد، وما قامت به من إجراءات في مكافحته.

وكان الرئيس السيسي قد أطلق المرحلة الأولى من الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد عام 2014 حتى 2018، تزامنا مع اليوم العالمي لمكافحة الفساد، ثم أُطلقت المرحلة الثانية للإستراتيجية في ختام  فعاليات منتدى إفريقيا 2018 بشرم الشيخ، حيث تعد مصر من الدول التي كانت في المصاف الأولى التي صدقت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد عام 2005، وكان أبرز الإجراءات في هذا الصدد أن الرقابة الإدارية صارت المظلة الرسمية للتعامل مع منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في مكافحة الفساد.

وتأتي استضافة مصر لهذا المؤتمر العالمي تأكيدا لدورها مع بقية دول العالم في تنفيذ التوصيات الدولية لمكافحة الفساد، التي تعد جرائمه منظمة وعابرة للحدود، حيث يحدد المؤتمر إجراءات التعامل الدولي مع قضايا الفساد أثناء حالات الأزمات والطوارئ، والتي تتسبب في ضعف سيطرة الدول على الفساد.

وفق اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي اعتبرت أن الفساد ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقدة تؤثر على جميع البلدان، باعتباره مقوضَا للديمقراطية ويبطئ التنمية الاقتصادية ويساهم في عدم الاستقرار الحكومي، إذ يقول أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة معلقًا على حلول مناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد "إن الفساد فعل إجرامي لا أخلاقي وخيانة للأمانة المستودعة من الشعب، وضرره يكون أشد جسامة في أوقات الأزمات، كما في الوقت الحالي الذي يكابد فيه العالم جائحة كوفيد-19، والتعامل مع هذا الفيروس يخلق فرصا جديدة لاستغلال ضعف الرقابة وعدم كفاية الشفافية، حيث يتم تسريب الأموال بعيدا عن الناس في أوقات هم فيها أحوج ما يكونون إلى تلك الأموال".

وتعد مناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد فرصة كبيرة للتوعية بمخاطر الفساد على التنمية والمجتمع بشكل عام، وقد تجاوزت تكلفة الفساد  2.6 تريليون دولار وهي تكلفة الفساد العالمي، وقد صار لدى الرقابة الإدارية المصرية باعتبارها الجهة الرسمية للتعامل مع منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في مكافحة الفساد، مؤسسات تدريبية وعلمية  بدور التثقيف ونشر ثقافة مكافحة الفساد وتدريب الكوادر  حتى داخل الهيئات القضائية ومؤسسات وأجهزة الدولة المختلفة في الجانب الإداري وتدريبهم على مكافحة الفساد، فضلا عن أنها تتلقى كل التوصيات والرؤى التي ترسل لها من الهيئات الحكومية والوزارات سواء ما يتطلب منها تعديلا تشريعيا لمكافحة الفساد أو ما يتطلب إصدار تشريعات جديدة أو دمج تشريعات، أو إصلاح مؤسسي في بعض الجهات لغلق منافذ الفساد.

فإذا تتبعنا بالرصد نجاح إستراتيجية مكافحة الفساد سنكتشف نتائج مهمة في عدد من الملفات التي شغلت الأمم منها الاستيلاء على أراضي الدولة والإجراءات الصارمة المتخذة بالنسبة للأراضي المستولى عليها، وكذلك ملف الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، لتكون التجربة المصرية محل تقدير بارز من قبل الأمم المتحدة  والمنظمة الدولية للهجرة والاتحاد الأوروبي.

كما يأتي في هذا السياق ملف الإصلاح المؤسسي من خلال جهاز التنظيم  والإدارة بالتنسيق مع اللجنة التنسيقية ورئاسة الجمهورية في الاستفادة بالعنصر البشري وتوظيفه توظيفًا يخدم التنمية الدولة ويحد من الفساد في الوقت نفسه، فضلا عن ملف الاتجار في العملة وتحرير سعر الصرف، ورأينا كيف تم توجيه الضربات الموجعة للفساد.

ومن هنا كان المؤشر الذي أشاد به صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية بالقضاء على ما يسمى بالسوق السوداء في تجارة العملة، وبناءً على تلك الجهود الحثيثة جاء تقييم الأمم المتحدة لمصر تقييمًا موضوعيًا، يعكس قيمة الدور المصري في مكافحة الفساد والذي جاء نتيجة إرادة سياسية قوية، أثمرت جهودها عن نتائج طيبة لهذه الإستراتيجية، لعل أهمها تصنيف صندوق النقد الدولي للاقتصاد المصري، الذي واصل تفوقه على العديد من اقتصادات المنطقة، ليرتقي إلى المرتبة الثانية بين أكبر الاقتصادات في الوطن العربي بعد السعودية، متفوقًا على الاقتصادات النفطية، ومنها الإمارات والعراق وقطر، الأمر الذي أسهم في فتح المجالات أمام المستثمرين الأجانب.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة