راديو الاهرام

كمال جاب الله يكتب: السفر إلى الإمارات في "زمن كورونا وسنينها"

20-12-2021 | 05:18

أكتب من دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحديدًا من العاصمة أبوظبي، التي وصلتها مساء يوم الجمعة الماضي، في زيارة سوف تستغرق أسبوعًا، وهي الرحلة الخارجية الأولى بالنسبة لي، منذ حلت على العالم لعنة كورونا وسنينها.

أحب السفر والترحال إلى درجة الوله، منذ وقت مبكر من العمر (68 سنة)، مسكون بالعبارة المنسوبة إلى الإمام الشافعي، رضي الله عنه، ونصها:

"تغرب عن الأوطان في طلب العلا، وسافر ففي الأسفار خمس فوائد: تفريج هم، واكتساب معيشة وعلم، وآداب، وصحبة ماجد، فإن قيل في الأسفار ذل ومحنة، وقطع الفيافي، وارتكاب الشدائد، فموت الفتى خير له، من قيامه بدار، هوان بين واش وحاسد".

في عام 1975، كنت لا زلت طالبا في الفرقة الثالثة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، قسم الصحافة والنشر، حينما انضممت إلى قائمة الطلاب المصريين، المغامرين، الذين استهوتهم فكرة السفر إلى "بلاد خلق الله"، وتحديدا، إلى دول أوروبا.

عاصمة إسبانيا –مدريد- كانت محطتي الخارجية الأولى، وبلغ سعر تذكرة الطائرة المخفضة بنسبة 50 في المائة للطلاب وقتها، أي منذ أكثر من 46 عاما، مائة جنيه و60 قرشا، وكان مبلغا كبيرا جدا، دفعني إلى الاستدانة، وتقسيط سداده لسنوات.

في مدريد، التحقت بعمل "باليومية" متواضع، شيال، في سوق مركزي للجملة، وكان توقيته في الصباح الباكر، لمدة ساعتين، من الخامسة إلى السابعة، بعائد يومي 300 بيزيتا، نحو 3 جنيهات، كان معظم المتنافسين عليه من شمال إفريقيا.

بعد 10 أيام من الإقامة في مدريد، وبعد الحصول على تأشيرة دخول فرنسا، غادرت إسبانيا، مضطرا، بالقطار إلى باريس، لأن فرص العمل الصباحي المبكر، والاستمرار في أدائه، كانت في غاية الصعوبة، مما كان يضطرني –أحيانا- للمبيت في السوق.

أيضا، كان العائد غير مجز لتغطية نفقة الإقامة بـ غرفة مزدوجة، 125 بيزيتا، والمعيشة والانتقالات، وواجبات التوفير، لسداد مديونية تذكرة السفر، وتحويل مبلغ "بوكيت موني" قيمته 112 دولارا، المسموح به (50 جنيها) بسعر 39 قرشا للدولار(!!).

في باريس، لم تكن أحوال معيشتنا، نحن -الطلاب- المغامرين المصريين، وعسرها، أفضل يسرا من سابقتها بـ مدريد، وزاد عليها صدور أوامر سيادية مصرية، بتنظيم رحلات لطائرات مدنية مصرية، لإعادة من يقع منا في قبضة البوليس الفرنسي.

نجحت في الهروب من البوليس الفرنسي (عباس كما كان الطلاب المصريون يسمونه)، الذي كان يصطاد شبابنا العاطلين عن العمل، في المزارع والحدائق والميادين العامة، ويجري شحنهم فيما كان يسمى وقتها بـ "طائرة السادات".

سويسرا كانت محطة مغامرتي الخارجية الثالثة، في السنة نفسها، في سن الـ 22، وقد استطابت لي الإقامة والعيش والعمل، بمزارعها وفنادقها، لمدة 6 أشهر تقريبا.

الوصول إلى تلك الغاية الثمينة، رافقه رحلة شاقة من المعاناة، بدءا من مرارة الحصول على تأشيرة دخولها، والتحايل على ذلك بـ طبع ختم تأشيرة مؤقتة، simple transit، نتيجة لركوب قطار دولي سريع، عابر لأراضيها باتجاه إيطاليا.

ربع مدة الإقامة في سويسرا، 45 يوما، عمل متقطع، وبدون، بسبب عدم الحصول على تصريح عمل، أصلا، وإقامة في المزارع، واستضافة لدى زملاء ومغامرين مصريين آخرين، إلى أن توافرت فرصة عمل "غسل أطباق" بأحد الفنادق الفخمة.

هذه هي أول مرة، أبوح -كتابة- عن ذكريات شخصية، مثيرة وشاقة، تسبب فيها حبي وولهي بالسفر، مررت –خلالها- بالكثير من التجارب والخبرات، مستأذنا القارئ الكريم لروايتها، بقصد التهوين مما قد يقابله من مشقة، في حالة مجابهة أي مصاعب تتردد -حاليا- عن مصاعب السفر والترحال في "زمن كورونا وسنينها".

زيارتي لدولة الإمارات العربية المتحدة، الشقيقة، هي الخامسة، أولها، كانت في عام 2009، على ما أذكر، لحضور مهرجان دبي للتسوق، وكانت الإمارة تعاني اقتصاديا، وقتها، كغيرها من مناطق العالم، نتيجة للأزمات التي حدثت في 2008.

في الزيارات التالية، شهدت -بنفسي- كيف تجاوزت دبي الأزمة الاقتصادية، بمهارة، وبمساعدة الشقيقة الكبرى، إمارة أبوظبي، لتعم دولة الإمارات ما يمكن وصفه بـ النهضة الكبرى، وموجة تطوير وتحديث شاملة، شملت البشر والحجر.

هذه المرة، جئت إلى أبو ظبي في زيارة سياحية خاصة، تلبي هيامي، أولا، في عشق السفر، والإمارات، تحديدا، أصبحت مقصدا عالميا مبهرا لجذب الزائرين، وثانيا، جئت متأثرا بالدعاية غير المسبوقة التي رافقت فعاليات إكسبو دبي 2020.

في عام 2005، حضرت فعاليات "إكسبو آيشي"، التي جرت في اليابان، وكنت، وقتها، مراسلا للأهرام في بلاد الشمس المشرقة، وكان المعرض حديث الدنيا في ذلك الوقت، ورأيت -بنفسي- حجم الإعجاب الذي أبداه إمبراطور اليابان السابق، أكيهيتو وقرينته، خلال تفقدهما للجناح المصري، بطرازه الفرعوني المهيب.

اليوم، الإثنين، سوف أزور إكسبو دبي، بإذن الله، وقد سمعت، منذ وصولي إلى الإمارات، عن الحجم المهول لزائري المعرض، والجناح المصري، تحديدا، وبت أكثر شوقا لرؤية فيلم تسجيلي تخيلي (لم أره في المحروسة) عن مصر 2070.   

[email protected] 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة
خدمــــات
مواقيت الصلاة
اسعار العملات
درجات الحرارة