راديو الاهرام

محمد الشاذلي يكتب: "ميرزا" رئيس تحرير الأهرام الغامض

21-12-2021 | 15:01

كما سلك كثير من اللبنانيين طريقهم إلى مصر كصحفيين ومفكرين وتجار ومترجمين ودارسين، وصلت إلى القاهرة عائلة رئيس تحرير الأهرام عزيز ميرزا.

وهو شخصية غامضة في حاجة إلى المزيد من المعرفة، وأعترف بأن هذا البحث بدأ بسؤال من صديقي الإعلامي اللبناني زياد دندن، والذي بات مهتمًا بشكل كبير بتراث بيروت، إذ يسألني عن سنة ميلاد ميرزا وسنة وفاته بالقاهرة.

وظننت أن زيارة سريعة لمعلومات "الأهرام" ترد على كافة الأسئلة، أما الذي حدث فإنها راكمت المزيد من الحيرة والإجابات الناقصة.

في استمارة المعلومات عن عزيز ميرزا أنه ترأس تحرير "الأهرام" من عام 1948 إلى 1955 والحالة الاجتماعية: متزوج، وعدد الأولاد: ولدان، والجنسية:لبناني، والديانة: مسيحي، وتاريخ الوفاة: 21 ديسمبر 1969، ونشرت "الأهرام" في عدد يوم 22 ديسمبر 1969 نعيًا للراحل، بعنوان: فقيد كريم انتقل إلى رحمة الله المرحوم عزيز ميرزا "بك" رئيس تحرير الاهرام سابقًا، ورئيس تحرير الأبحاث الاقتصادية بالهيئة الأفروآسيوية. زوج كيتي دباس ووالد نقولا بالمكسيك وفرانسوا بالولايات المتحدة والدكتور جان بألمانيا الغربية وشقيق هنري ميرزا بمونت كارلو والمرحومين جورج وجبرائيل ميرزا وعم جوزيف ميرزا بكندا وقريب ونسيب عائلات ميزرا ودباس ودهان وخوري وكفوري وخياط وسالم وشلهوب وشقرا وجهشان وصياد مصر ولبنان وكندا وألمانيا والولايات المتحدة. 

وستشيع الجنازة اليوم الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر من الكنيسة المارونية شارع بيروت بمصر الجديدة تلغرافيا 31 شارع عثمان بن عفان بمصر الجديدة.

وجاء في أرشيف "الأهرام": يجيد اللغات الثلاث العربية والانجليزية والفرنسية ويكتب بها جميعًا.. يميل إلى الأدب والفلسفة.. يميل إلى العزلة ويستغني عن الناس والاختلاط بهم بأدبه.. استقال من عمله بالوظائف العامة في حياته.. درس الاقتصاد.. ليسانس حقوق عام 1926.. وكيل الإدارة الأفرنجية بديوان جلالة الملك، مدير المعاشات بوزارة المالية، وكيل مصلحة الصناعة، ورئيس تحرير الاهرام (بالنيابة) واستقال سنة 1955.
وفي ورقة من الأرشيف ملحوظة: هناك صورة له وترجمة لحياته في مجلة "آخر ساعة" عدد 2 نوفمبر 1949 ص 35. 

أما مقالاته التي يحتويها الأرشيف فهي 17 مقالًا كتبها بعد الاستقالة، وكلها في مديح الاتحاد السوفيتي من تغطيته مرافقًا لرحلة وفد صحافي مصري إلى هناك، ونُشرت المقالات خلال الفترة من أغسطس إلى نوفمبر 1955، تقريبًا في الفترة التي قدم فيها استقالته من رئاسة التحرير.

استفزني النقص الفادح في المعلومات عن شخصية عزيز ميرزا التي وصفها موظف أرشيف "الأهرام" بـ "عُرف عنه أنه كان جافًا صامتًا، وكان مثل الرهبان، وكان مكفهرًا معزولًا عن الدنيا لدرجة أنه اعتذر لملكة هولندا عندما قدمت له سيجارًا؛ لأنه لا يدخن مخالفًا بذلك أبسط التقاليد". 

وأدهشني أن لا أجد مقالات لرئيس تحرير "الأهرام" في فترة غاية في السخونة وتكاد تكون أحد أهم الفترات المحورية في تاريخ مصر، حريق القاهرة وثورة يوليو ومحكمة الثورة، وأزمة مارس وجلاء الإنجليز.. لماذا لم يكتب؟! أم أنه لم يكن يمارس مهمة رئيس التحرير الفعلية، وترك الأمر لرئيس التحرير الأول أحمد الصاوي محمد، أو أن الرئيسين تركا الأمر لمدير التحرير نجيب كنعان. 

وكما جاء في كتاب مسعود ضاهر "هجرة الشوام.. الهجرة اللبنانية إلى مصر" (دار الشروق الطبعة الأولى 2009): 
"عزيز ميرزا ماروني الأصل من جبل لبنان، عمل في البداية مترجمًا خاصًا للملك فؤاد الذي لم يكن يتقن العربية جيدًا، فكان يلخص له الجرائد المصرية يوميًا". 

كان كاتبًا عاديًا له باع طولى في الصحافة والثقافة، تولى رئاسة تحرير الأهرام بالنيابة عام 1947، وذلك بعد وفاة أنطون الجميل، وتعين معه في الوقت نفسه أحمد الصاوي محمد، كأول تجربة لتعيين مصري وشامي في رئاسة تحرير الأهرام. لكن أصحاب الأهرام أوكلوا إلى نجيب كنعان إدارة التحرير عام 1948، واستمر فيها (كنعان) حتى عام 1957، حين عين هيكل لرئاستها".

كانت الصحيفة في زمان الصاوي وميرزا تعاني من الخسائر وتدني التوزيع وفكر أصحابها جديًا في بيعها، وهنا روايات عدة، منها رواية الأستاذ هيكل بأن: "علي الشمسي باشا هو من عرض المنصب عليه، وأنه وقع العقد بعد سنة من العرض، وأنه ظل رئيسًا لتحرير "آخر ساعة" و"الاهرام" معًا لمدة سنة".

ومن بين روايات أخرى أن الدكتور بطرس بطرس غالي رشح هيكل لأرملة جبرائيل تقلا من خلال صداقته لابنها بشارة، ورواية ثالثة لسكرتير عام حزب الوفد سعد فخري عبد النور في جلسة جمعتنا والصديق الكاتب الكبير سمير غريب: "أنه هو الذي رشح هيكل كصحفي شاب ولامع للوريثة، وبرر لها ذلك بنجاحه في مجلة "آخر ساعة"، وبأنه سيرفع توزيع الصحيفة، فهو أذن "الجنرال"، وهي جملة تفيد بالعلاقة القوية بين الزعيم والصحفي".

وعرفت من الأستاذ جورج ضرغام رئيس المركز الثقافي الماروني في القاهرة الذي يعمل على توثيق الشخصيات المارونية في مصر وإحياء تراثهم وإتاحته للباحثين، أن ميزرا بعد "الأهرام" ترأس تحرير جريدة "وطني" لصاحبها أنطون سيدهم، والتي تصدر في القاهرة صباح كل أحد، وذلك خلال الفترة من 21 ديسمبر 1958 إلى 13 أغسطس 1961، وأنه كاتب مقالاته في الصفحة الأولى تحت عنوان "من وحي وطني"، لكن لا هو ولا الأستاذ دندن ولا أقاربه في بيروت يعرفون تاريخ ميلاده.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة
خدمــــات
مواقيت الصلاة
اسعار العملات
درجات الحرارة