راديو الاهرام

د. خالد قنديل يكتب: الإيجار القديم .. من أجل صيغة عادلة لطرفي المعادلة

13-12-2021 | 00:37

على مدار سنوات لم يزل "الإيجار القديم" يعد أحد القضايا الشائكة في المجتمع، التي شهدت جدلًا كبيرًا، بشأن شرعية العقد غير محدد المدة، ولا تزل الأزمة مطروحة بين المواطنين وخصوصًا طرفي هذه الأزمة، المالك والمستأجر، فعلى الرغم من الاجتهادات العديدة في هذا السياق، فإنها لم تصل إلى الحل المرضي، الذي يفتت هذا التعثر وبالتحديد عند نقطة التلاقي المتعلقة بالقيمة الإيجارية؛ حيث إن ثباتها يبخس من قيمة الوحدات المؤجرة بمرور السنين، كما أن الاتجاه لزيادتها دون تقنين يُعجز المستأجر.

وكانت بؤرة الضوء التي جددت أحلام مُلاك عقارت الإيجار القديم في تعديل هذا القانون في حديث رئيس الجمهورية خلال حفل إفطار الأسرة المصرية الشهر الماضي، الذي أشار فيه إلى أهمية تكثيف المعروض من الوحدات السكنية لحل أزمة الإيجار القديم، مؤكدًا هذه المعضلة المتمثلة في وجود شقق بأماكن حيوية إيجارها الحالي زهيد جدًا يصل إلى 20 جنيهًا، بينما قيمتها الفعلية تبلغ ملايين الجنيهات، ومؤكدًا أن من حق المواطن أن يستقر ويستفيد من وحدته، لكن من حق صاحب الوحدة أيضًا الاستمتاع والاستفادة من هذه القيمة، وهنا من نافلة القول تتضح هذه الأهمية الكبرى لمشروعات الإسكان الاجتماعي المتفرقة والتي لم تتوقف لاستيعاب جميع فئات الشعب والإسهام في حل هذه الأزمة السكنية، وكان الرئيس قد وجه حديثه للمواطنين قائلًا: "هخلي الناس تمشي تتكعبل في الشقق".

ولأن قانون الإيجار القديم يعد واحدًا من القوانين الشائكة التي أثارت جدلًا في الشارع المصري خلال الفترة الأخيرة، فقد اتجه مجلس النواب والشيوخ إلى مناقشة مشروع قانون بتعديل قانون الإيجارات القديمة، لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، رقم 136 لسنة 1981، وذلك بهدف إحياء الثروة العقارية المهدرة، وعلى الرغم من أنه وفقًا لقانون الإيجار القديم الحالي، شروط واردة في أحكام القانون لفسخ عقد الإيجار القديم، مثل عدم الالتزام بسداد الإيجار بحسب عقد الإيجار المبرم، والتأجير من الباطن أو التنازل عن الشقة للغير دون موافقة المالك، وتغيير الاستخدام دون الرجوع إلى المالك، واستخدام الشقة في أعمال غير شرعية، وتهدم العقار الآيل للسقوط، وإذا كانت حالة العقار تعرض المستأجرين لخطر جسيم، وكذا استعمال العقار بطريقة ضارة بالصحة العامة، فإن الاتجاه القويم هو التفكير الموضوعي نحو ضمان تحقق الطمأنينة والاستقرار والوصول إلى صيغةٍ عادلة ومرضية لأطراف هذه المعادلة.

ومن ثم كانت هناك اقتراحات مختلفة بالتعديل، منها مقترح حزب الوفد لتعديل الإيجار القديم، الذي تضمن رفع الإيجار تدريجيًا 25% سنويًا على 10 سنوات، ويتضمن مشروع القانون عدة تعديلات أهمها، تحديد فترة زمنية انتقالية تتراوح بين 7 إلى 10 سنوات، يتمّ خلالها رفع تدريجي لقيمة الإيجار القديم، بنسبة 25% سنويًا، حيث تصل قيمة الإيجار في نهاية الفترة الانتقالية إلى قيمة مناسبة أو عادلة لا تظلم المالك ولا المستأجر وتتساوى مع القيمة المتداولة لا تظلم الملاك ولا تحمل المستأجر أعباءً جديدة، كما جاءت أبرز أفكار وطروحات أعضاء البرلمان في هذا السياق منها ما هو متعلق بزيادة قيمة الإيجار بشكل تدريجي، لكن في الوقت نفسه لا يؤثر على المستأجر، ويحقق العدل للملاك، ويحول دون طرد ساكن من مسكنه، أحقية استمرار الوريث الأول في المسكن، بشرط ألا يتم هذا إلا لمرة واحدة، ولا يتم تجديدها، مع رفع قيمة الإيجار بشكل مناسب للطرفين، وحالات إخلاء الوحدة المؤجرة في حال غلقها لمدة 3 سنوات لغير غرض السفر، أو مرور المدة نفسها على استخراج ترخيص بناء جديد باسم المُستأجر أو زوجته أو أولاده القصر، أو استفادته من الحصول على مسكن من برامج الإسكان التي تقدمها الدولة.

واقتراح بأن يدفع المستأجر 60% من القيمة السوقية للوحدة السكنية، ومع تحسن الظروف يمكن للمستأجر دفع الـ40% وتصبح الوحدة ملكية شخصية، أو يتم عرضها للبيع ويحصل الطرفان كلٌ على نسبته، وكذا تحديد الحد الأدنى للإيجارات، بأن تكون 200 جنيه للوحدات السكنية، و300 جنيه للوحدات الإدارية.

 ولا يزال النقاش جاريًا وجادًا من أجل الوصول إلى الصيغة العادلة والمنصفة للجميع وذلك انطلاقًا من حرص الرئيس على إحداث حالة التوازن بين المالك والمستأجر، وقد قالها واضحة وصريحة "حل أزمة قانون الإيجار القديم يتمثل فى العمل على تكثيف المعروض"، وأن"الملكية يجب أن تعود إليها قيمتها ومكانتها من قبل تعامل المواطنين فيما بينهم"، وكان قد طمأن المستأجرين  حين قال "أى حد عاوز شقة نقدر نوفرله، وهنعمل توازن نسبى لمواجهة مثل هذه القضايا، علشان نحسن من الواقع بعض الشيء".

 وهكذا نلمح هذا السعي الدءوب للتخلص من تلك الفجوة بين المواطن الذى يفتقر إلى امتلاك مسكن مناسب وبسيط والمواطن الذى يمتلك مسكنًا فاخرًا؛ بل يمتلك أكثر من مسكن، وتأكيد فكرة تملك المسكن وتحقيق الأمان لكل أسرة مصرية، وقد بدأت الدولة بالتخلص من العشوائيات والمجتمعات غير الصحية وأقامت مجتمعات عمرانية جديدة، أسهمت في إنقاذ شريحة كبيرة من المجتمع كانت تعاني مثلث "الفقر، والجهل، والمرض"، وكادت تندثر تحت أنقاض عشوائيات تنهش في جسد الوطن وتكون بؤر الفساد والتطرف الفكري.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
خدمــــات
مواقيت الصلاة
اسعار العملات
درجات الحرارة