راديو الاهرام

سيد محمود سلام يكتب: في البحر الأحمر السينمائي .. أفلام تؤمن بقضايا الشعوب

11-12-2021 | 01:21

جرت العادة أن تكشف المهرجانات السينمائية القوية عن حال السينما في العالم، حتى إن كثيرين يعتبرونها الترمومتر الحقيقي لمستوى الإنتاج، بل والصناعة السينمائية في الأعوام التي تقام فيها هذه المهرجانات.
 
عبر عن ذلك مهرجان الجونة، ثم القاهرة، ثم جاءت الدورة الأولى من مهرجان البحر الأحمر السينمائي لتكشف عن قياس مهم لمستوى إنتاج السينما الأردنية الخالصة – أي تلك التي تصنع بأيدي أبنائها- لا تلك التي يتخذ منها البعض وسيلة للتعبير عن أفكارهم ومعتقداتهم ومصالحهم تحت مسمى إنتاج أردني، كما حدث في أحد الأفلام المثار حولها جدل كبير حاليًا.
 
في مهرجان البحر الأحمر السينمائي ومن بين أكثر من 130 فيلما عربيا وأجنبيا، كانت السينما الأردنية حاضرة بقوة، من بين إنتاجاتها المهمة فيلم "فرحة" للمخرجة دارين سلام، مستوحى من أحداث حقيقية، راصدًا حالة سينمائية بديعة، تؤكد أن القضية الفلسطينية وإن طال الزمن وتغيرت رؤى بعض السينمائيين بحكم البيزنس والمصالح، ستجد من يؤمنون بها.
 
الفيلم تدور أحداثه في فلسطين، عام 1948 حول فرحة التي تبلغ من العمر 14 عامًا، وهو سن خطوبة أو زواج معظم فتيات قريتها، إلا أنها مصرة على إقناع والدها بأن يسمح لها بالذهاب لتكمل دراستها في المدينة مع صديقتها المقربة فريدة.

ولكن ما إن شعرت فريدة بأن والدها قد اقتنع، تتعرض القرية لهجوم تفجيري، فيغادر والدها بعدما حبسها في مخزن العائلة حفاظًا على سلامتها، ويعدها بأنه عائد، ومن خلال ثقب في الجدار، تراقب فرحة قريتها التي كانت متحمسة لمغادرتها وقد تحولت إلى ركام، شاهدة على سقوط بلادها وتهجير أهلها، تقرر أن تتخلى عن كل أحلامها من أجل قضية وطن.
 
لم يكن الفيلم الوحيد من إنتاج أردني يحصل على تقدير الجمهور والنقاد، بل قدم فيلم "الحارة" للمخرج باسل غندور رؤية تشبه أفلام الحارة المصرية ولكن مع اختلاف العادات والتقاليد والواقع الأردني، تجربة لها خصوصيتها، تدور أحداثه في أزقة حي جبل النظيف في شرق عمّان، راصدًا ما يحدث من القيل والقال في هذه الأزقة الضيقة كاشفا عن قصة حب وهمية لمحتال يدعي بأنه رجل أعمال محترم، محاولًا اختلاس ما يكفي من المال ليبرر علاقته السرية بحبيبته لانا.

في هذه الأثناء، تتعرض والدة لانا للابتزاز من شخص يدّعي أنه صور لانا وعلي معًا، يعرف علي شخصًا قادرًا على أن يخرجهم من هذه الورطة، لكن هذا النوع من الحلول سيفضي إلى المزيد من الخداع وانكشاف الحقائق. لا شيء مؤكد سوي أن زوايا الأزقة المظلمة مثقلة بالأسرار.
 
هكذا يعبر الفيلم الذي قام ببطولته منذر ريحانة، نادرة عمران، عماد عزمي، محمد الجيزاوي، وأنتجته رولا نصر وشاهيناز العقاد، ويوسف عبد النبي.
 
تشهد السينما الأردنية حالة نشاط سينمائي وتطور يؤكد أننا أمام مرحلة فاصلة ومهمة في تاريخها السينمائي، في وقت تتبعثر الأفكار بإنتاجات لا تغني ولا تثمن من جوع فيما ينتج في دول أخرى، حتى إن الصراعات حول ترشيحات الأوسكار تفضي دائمًا بها إلى لا شيء.
 
وما يؤكد أن هناك سينما مختلفة بالأردن وكشف عنها مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، وقبله القاهرة السينمائي تفوق فيلم "بنات عبد الرحمن" الذي حصل على جائزة من المهرجان، ونال تقديرًا كبيرًا من قبل نقاد وإعلاميين وجمهور، عن أربع شقيقات يختفي والدهن، فتبدأ سلسلة من المكاشفات في حياتهن، وعلاقاتهن بالحي الذي يسكن فيه.
 
بالطبع تحدث طفرة سينمائية في العالم العربي، ومنها أيضًا سينما لبنان، رغم ما تشهده الساحة هناك من حالة توتر، والسينما أيضًا في السعودية، بإنتاجات أثمرت عن أكثر من عمل فني، وقد يكون لإقامة مهرجان مثل البحر الأحمر السينمائي الدولي إسهاماته في زيادة عدد الأفلام المنتجة، وبخاصة أن فيلمًا سعوديًا هو "حد الطار" للمخرج عبد العزيز الشلاحي يمثل المملكة العربية السعودية في ترشيحات الأوسكار لهذا العالم، والتي يكشف عن قائمتها القصيرة لأفضل فيلم أجنبي في العام المقبل.
 
[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: