Close ad

حسين خيري يكتب: أغاني تبني وأخرى تقتل

7-12-2021 | 10:04

يعد ضربًا من الجنون مغامرة أطباء النفس علاج مرضاهم بموسيقى وأغاني المهرجانات، وذلك تنفيذًا لوصية أرسطو "أن الفن شكل من أشكال العلاج"، فقد أثبتت التجربة أن سلوك مدمني الأغاني الهابطة يشتركون في سمات واحدة، أولها تعاطي المخدرات، ويليها فشلهم المتكرر في حياتهم العلمية والعملية، ويعانون من مزاج عصبي مضطرب، فلذا يميلون إلى الأساليب الإجرامية.
 
وطبقًا للمعادلة الحسابية فلكل أغنية هابطة أمامها مجموعة من الأفراد متدني الأخلاق، وحين يطرب بعض المراهقين وفئات عمرية أخرى بسماع الأغاني الهابطة، فلا عجب إذن من اعتياد الناس رؤية حوادث اعتداء الطلاب على الأساتذة، دون أن يصدر عنهم رد فعل، ولا غرابة كذلك من تصدر صور مدمني الشابو على مواقع التواصل الاجتماعي.
 
وزمان كان الفنان صاحب الفن الحقيقي، يقدم القدوة الصالحة للأجيال، وشارك في تهيئة أجواء النصر أثناء حرب 73 وقبلها وبعدها، وكان له دوره في مسيرة البناء بعد ثورة 52، وصار حافزًا في علو همة المصريين، وسجل ملحمة بناء السد العالي.
 
والموسيقى والكلمات الراقية أثرت في وعي الشعوب، فالمستعمر قديمًا دأب على تجريد المجتمعات من تراثهم الفني والثقافي، الذي يحافظ على هويتهم، فالموسيقار سيد درويش سجل في عصره بألحانه أفراح الشعب المصري وأحزانه، وألهب حماسه ضد المحتل الإنجليزي، وتجاوبت معه الجماهير.
 
فالفن الأصيل - لمن لا يعرفه - يملك سلاحًا سحريًا، يجعل المشاعر النبيلة تسمو فوق الضغائن والإسفاف، ودراسة بإحدى جامعات اسكتلندا بعنوان "الذوق الموسيقي المفضل يرتبط بالشخصية"، وشملت الدراسة 36 ألف شخص من 60 دولة، وعددًا مختلفًا من فروع الموسيقى، أكدت نتائجها أن صفة الإبداع مقترنة بمحبي الموسيقى الهادئة، واستبعدت عشاق موسيقى البوب الصاخبة، وعلقت أسبابها لما تؤديه من انحدار في الذوق العام، ولترويجها نمط حياة استهلاكي غير صحي.
 
ودراسات علم النفس الحديثة تشير إلى أن سماع الموسيقى الهادئة، تضاعف معدلات الإنتاج، وتزيل التوتر لتأثيرها على المخ في إفراز هرمون الدوبامين المسئول عن السعادة، ويرى آخرون أن تفضيل بعض الشباب والمراهقين سماع الموسيقى الصاخبة كونها تشبع رغبتهم في التمرد على تقاليد المجتمع، وتمنحهم في الوقت نفسه الشعور بالإثارة، ولكنها قد تصل إلى حد الإثارة المفرطة، وتصبح عاملًا مساعدًا في ارتكاب سلوك عدواني.
 
وفي النهاية يتوارى أصحاب المواهب الشعرية الحقيقية، ويفقد الجيل الحالي الحس الفني الراقي، ويفصله الفن الهابط عن واقعه كمتعاطي المخدرات، فلا يستطيع المشاركة في عملية التنمية، ولا فرق بين مدمني الفن الهابط وسفاح الإسماعيلية، ويتشابهون كذلك مع الطالبة التي اعتدت على أستاذها خلال المحاضرة في كلية آداب أسيوط.
 
Email:[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة