Close ad

د. شيماء سراج عمارة تكتب: الفن وقيادة التغيير المجتمعي

2-12-2021 | 18:20
الأهرام المسائي نقلاً عن

التغيير هو سنة الحياة، وطبع من طبائع البشر، يلجأ له الإنسان بهدف تحريك الوضع الراهن، الذي قد يتسم بالركود المجتمعي النسبي، وهو ما يصيب الإنسان بنوع من الملل أو النمطية، النمطية التي قد تدفعه للبحث عما هو جديد ليتمكن من استكمال مسيرة الحياة بشغف وحب وبحث مستمر يدفع إلى التطور.

ليبني الاقتصاد المؤسسي نظرياته المرتبطة بالتغيير ما بين توجهات الاقتصاد المؤسسي القديم والاقتصاد المؤسسي الحديث، ليتعلق الأمر بكل ما هو مرتبط بالمؤسسات وقواعدها الحاكمة سواء داخل نطاق المؤسسة نفسها أو أثرها الخارجي، والمتمثل في الرسوم والمعاملات المختلفة وطرق تأديتها، ومن هنا تبدأ في الظهور توجهات التغيير المؤسسي إذا ما تعارضت مصالح الفئات الحالية مع المصالح المكتسبة أو المحتملة لفئات أخرى.

ليبني الاقتصاد المؤسسي نظريات تعاملاته على ثلاثة أبعاد متشابكة يدفعها بصورة رئيسية إلى أولا مساحة من الصراع أو المصالح المتعارضة بين الأطراف المتعاملة، ليتم الوصول بطرق التفاوض ثانياً إلى إيجاد مساحة من المكاسب المشتركة فيما بينهم، ليتفق جميع الأطراف ثالثاً إلى وضع مجموعة من القواعد التي قد تحكم إتمام المعاملة، ومن ثم يصبح دور المؤسسات هو صياغة القواعد التي تحكم كل معاملة بما يقلل من مساحة الصراع ويسمح بتحقيق المصالح المشتركة، ومن هنا يتحقق التغيير من وضع تعارضت فيه المصالح لتدفع إلى حتمية حدوث التغيير في حد ذاته، إلى وضع آخر أكثر حداثة وقبولاً من كافة الأطراف، ليتخطى حدوث التغيير كافة التحديات المقابلة للحد من تحققه، ليصبح أمر واقع يجب تقبله.

وإذا ما تعلق الأمر بالوضع الاقتصادي، فسنجد أن فكر الإصلاح الاقتصادي في حد ذاته قوة تدفع إلى التغيير في كافة الأساليب المؤسسية المرتبطة بتطبيق هذا الفكر، وسنجد أن هناك من الاقتصاديين أمثال ستيجلتز من نادى بأهمية حدوث تغيير مؤسسي قبل تطبيق سياسات الإصلاح الاقتصادي، وذلك بهدف أن تؤتي سياسة الإصلاح الاقتصادي ثمارها وبما يعود بالنفع على كافة الفئات المجتمعية، نظراً لأن فكر الإصلاح الاقتصادي نفسه يدعو إلى قيام القطاع الخاص بدوره الاقتصادي في تنفيذ المشروعات المربحة اقتصادياً، وهو ما يسمى بحرية الأسواق والمنافسة، في حين تركز الدولة على وضع القواعد الحاكمة للأسواق، وهو الأمر الذي يستلزمه مؤسسات قوية قادرة على صياغة مثل هذه القواعد، والقيام بالدور الرقابي اللازم لتحقق النزاهة والعدالة في الأسواق، وبما يضمن حقوق مختلف الفئات المجتمعية المتنوعة ما بين مستهلك ومنتج.

وإذا ما نظرنا إلى مثل تلك الأحداث المتسارعة، فسنجد أنها تعاني من عناصر مضادة متنوعة، أولها اختلاف المصالح وتعارضها بين الفئات المتصارعة على تطبيق فكرها ومن ثم الاستحواذ على السلطة، وثانيها هو الوصول بالفكر الأكثر رجاحة إلى مختلف أو معظم الفئات المجتمعية المستقبلة للتوجهات الجديدة، ليحتاج كل طرف من الأطراف المتصارعة قوة ناعمة داعمة، تصل إلى تلك الفئات بصورة غير مباشرة، وتتوفر تلك القوة من خلال الفن بكافة أشكاله، بالإضافة إلى الأدوات الإعلامية المبتكرة، لينتقل الفن بأنواعه المختلفة كالتمثيل والغناء والرسم والموسيقى والأدب من خانة الترفيه المجتمعي إلى خانة التأثير المجتمعي ليتحول إلى قوة ناعمة داعمة غير مباشرة، فلا يمكن إنكار أن الفن والفنانين يتمتعون بالقبول المجتمعي بين كافة شرائح المجتمع، وهو الامر الذي يسهل مهامهم التوعوية، لذا علينا بدعم واكتساب هؤلاء، دعمهم في تقديم رسالتهم التوعوية، واكتسابهم في صفوف تحقيق الصالح العام، لكن علينا قبل أن نحملهم بهذا العبء التوعوي أن يكونوا أولاً على قدر تحمل مسئوليته، من توفر لثقافة وإدراك وقوة تأثير، ليصبحوا بحق قادة فكر التغيير المجتمعي.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة