بكين( د ب ا)- يبلغ عدد سكان الصين 20% من سكان العالم، وليس لديها سوى 10% من الأراضي القابلة للزراعة، لذلك فإنها تعتمد منذ وقت طويل على الواردات لتوفير الغذاء لمواطنيها.
وفي هذه الأيام تشعر الحكومة الصينية بخوف متزايد من أن يؤدي هذا الاعتماد المتزايد على الاستيراد إلى أن تصبح عرضة للضغط من جانب الدول التي تصدر لها المواد الغذائية، وخاصة الولايات المتحدة, وهنا يثار التساؤل حول إمكانية أن تكون الأغذية المعدلة وراثيا هي الحل في نهاية المطاف.
يقول الكاتب الأمريكي آدم مينتر في تقرير نشرته وكالة بلومبرج للأنباء إنه على الرغم من أن الأغذية المعدلة وراثيا حظيت بالقبول على نطاق واسع في دول أخرى في السنوات الأخيرة، ما زال المستهلكون الصينيون يعارضونها بشدة، وقد أرجأت الحكومة أي موافقة على مثل هذه المحاصيل طوال عقود لتجنب ردود الفعل السلبية.
ولكن يبدو أن هذا الموقف على وشك التغيير, ففي مطلع هذا الشهر ، وضعت وزارة الزراعة الأساس لزراعة فول الصويا المعدل وراثيا، والحبوب مثل الأرز والذرة، على الأرض الصينية لأول مرة , والسؤال هو ما إذا كان المواطنون سوف يثقون بالحكومة بدرجة كافية لقبولهم مثل هذه الثورة.
ويقوم البشر منذ بدأوا زراعة الغذاء بتغيير الجينات انتقائيا, ويعنى هذا تاريخيا تهجين النباتات والحيوانات بسمات مرغوب فيها لانتاج مواد غذائية ذات قيمة غذائية واقتصادية أكبر.
وتعتبر الصين من أوائل الدول في هذا المجال: إذ ترجع السجلات المكتوبة عن علم المحاصيل الصينية، بما في ذلك التعليمات بشأن التهجين إلى 2000 عام.
ويضيف مينتر أنه بحلول سبعينيات القرن الماضي، تطورت التكنولوجيا الحيوية إلى حد أن علماء المحاصيل لم يعدوا في حاجة للمعاناة بالنسبة لتهجين النباتات , فهم ببساطة يمكنهم إدخال جين في خلية, ففي عام 1988، أصبحت الصين أول دولة تضفي الطابع التجاري على محصول معدل وراثيا عندما وافقت على نوع من التبغ المقاوم للفيروسات وأطلقت عليه" جين", وعندما اعترض المدخنون، تم تغيير الاسم إلى" الصين". ومع ذلك لم يحظ المنتج حتى بعد تغيير اسمه بالرواج في الأسواق، وتم استبعاد التبغ المعدل وراثيا من الزراعة التجارية تماما في عام 1995.
وفي أنحاء أخرى من العالم، خفت حدة المعارضة ضد الأغذية المعدلة وراثيا حيث قبل المستهلكون أعواما من المعلومات المتراكمة التي تظهر أنها آمنة للاستهلاك.
وفي عام 1994، منحت إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية ترخيصا لنوع من الطماطم معدل وراثيا لبيعه تجاريا, وكانت هذه أول موافقة من نوعها في العالم، وسرعان ما لحقت بالطماطم محاصيل أخرى, وبحلول عام 2020، كان 90% من محصولي الذرة وفول الصويا اللذين يتم زرعتهما في الولايات المتحدة معدل وراثيا.
ويختتم مينتر تقريره بقوله إنه حتى الآن، تحركت الحكومة الصينية بشأن الأغذية المعدلة وراثيا ببطء , وربما سوف يتعين على الشعب الصيني قبول القرار سواء كان يروق لهم أم لا.