Close ad

«تسونامي التغيرات المناخية» يهدد الدلتا وعروس المتوسط.. تعرف على المخاطر وسيناريوهات المواجهة| صور

26-11-2021 | 11:43
;تسونامي التغيرات المناخية; يهدد الدلتا وعروس المتوسط تعرف على المخاطر وسيناريوهات المواجهة| صور مدينة الإسكندرية
دينا المراغي

لا شيء في العالم أخطر من الطبيعة حين تُكشر عن أنيابها وتدير ظهرها للإنسان ليواجه مصيرا مظلما واجهه أسلافه من البشر على مدى ملايين السنين، فقصص الطوفان وأساطير المدن الغارقة لا تزال عالقة في ذهنه من عصر نوح، فماذا يفعل الإنسان مع تغيرات مناخية تزيد من حرارة الأرض لتجعلها أشبه بقطعة الديناميت التي تنتظر الاشتعال فوق برميل من البارود، وتهدد الحضارة البشرية بالغرق فى تسونامي هائل تحت أمواج المحيط..في ظل تغيرات مناخية لا ترحم قد تقلب مستقبل العالم رأسا على عقب، وتظهر على السطح سيناريوهات المواجهة. 

موضوعات مقترحة

لسنوات طويلة عملت الحكومات على توقيع اتفاقيات بيئية للحد من آثار التغيرات المناخية وأقرت القوانين لضمان تفعيل الاتفاقيات، ولكن لم نلمس إلى الآن تغيرا ملموسا في ثقافة المجتمع تجاه البيئة.

استمرار الارتفاع والانخفاض المتزايد في درجات الحرارة، وتجريف الأرض، وانتشار ظاهرة التصحر والصيد الجائر الذي أوشك أن يقضي على الكائنات الحية، هي الإثبات الأكبر على تفاقم أزمة التغيرات المناخية.

ووفقا لما رصدته وكالة ناسا الأمريكية فقد ارتفعت درجة حرارة الأرض بمقدار 1.18 درجة مئوية منذ نهاية القرن التاسع عشر، ولقد حدث الجزء الأكبر من هذا الارتفاع خلال السنوات الأربعين الماضية.

وخلال قمة المناخ الـ 26 جاءت تصريحات رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون حول غرق الإسكندرية ومدن أخرى كالصاعقة على أذان المواطن البسيط، الذي لا يعي مخاطر التغيرات المناخية، ولا يتوقع كم الدمار الذي من الممكن أن تتسبب فيه إذا تفاقم الوضع.
ظاهرة دولية

بدوره يقول الدكتور مجدي علام، خبير التغيرات المناخية:"بالفعل هناك تغيرات مناخية حادة تضرب العالم أجمع وليس مصر فقط، وهناك دولا مهددة بالغرق تتجاوز العدد الذي سبق، وأعلن عنه "جونسون"، فلن تنجو دولة من هذه الظاهرة".

وأشار علام، أن هناك مظاهر عدة لتأثر الدول بالتغيرات المناخية، فهناك من ستتضرر بالسيول، وأًخر بالرياح والأعاصير،  فضلا عن  ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والتصحر، وهي معايير تختلف وفقا لخط عرض كل دولة.

غرق عروس المتوسط

وحول ما يُقال عن غرق مدينة الإسكندرية، أوضح خبير التغيرات المناخية، أن التخوفات بالفعل تدور حول منطقة أبو قير، والتي تضم شواطئها مجموعة ضخمة من الآثار الغارقة، والتى قد توحي بأن ذلك الجزء من المدينة قد تعرض لكارثة قد تكون مناخية، ويبدو أن هذا ما دفع البعض لوضع سيناريوهات المواجهة، فالوالي محمد علي باشا قام ببناء "سد أبو قير".. فالجزء الشرقي من هذه المنطقة يعد الأكثر انخفاضا بالمدينة.  


قلعة قايتباي محاظة بألواح حجرية لمواجهة تآكل الشواطئ

الآثار الغارقة بالإسكندرية قبالة شاطئ أبو قير

الدلتا فى خطر

وشدد علام، أن ارتفاع منسوب المياه سيؤثر على  كل دلتاوات العالم، كل وفقا لوضعه ومدى تضرره.

 ونفى علام تماما ما يُدار من آراء حول أن هناك تغيرا فى ارتفاع وانخفاض سطح الأرض، فسطح الأرض ثابت ومستوى المياه هو المتغير، وهو ما ينشر التخوفات في غرق بعدض البلدان.

دلتاوات الأنهار... عبارة عن ترسيب للطمي القادم من منبع النهر، والتي كانت مرتفعة قبل بناء السد العالي، لكن بعد بنائه لم يعد هناك طمي قادم من منطقة الدلتا، وهو السبب في هبوط الأرض الواقعة بين فرعي رشيد ودمياط، مما دفع وزارة الري لإنشاء كتل خرسانية؛ لحماية الشوطئ من التآكل.

ذوبان الجليد

أما القلق الآخر ، والذي يسهم في غرق المدن الساحلية فيتمثل فى ذوبان الجليد في القطب الشمالي؛ مما يتسبب في ارتفاع منسوب المياه في المحيط الاطلنطي، والذي ينتقل جزء منه الي البحر المتوسط، وهو ما نعتبره بحيرة شبه مغلقة؛ بسبب مضيق جبل طارق بين اسبانيا والمغرب، فهى منطقة ضيقة للغاية، وبالتالي تحصر المياه القادمة من المحيط ولا تنقلها بأكملها، وهو ما يساعدنا في حساب معدلات ارتفاع منسوب المياه بـ 50 سنة والـ 100 سنة.
 
عملية النحر وحماية الشواطئ

بالتأكيد تغير المناخ يزيد من عمليات النحر.. هكذا قال "علام"، فإن زيادة سرعة الرياح يزيد من قوة الأمواج، والتي بدورها تضرب الرمال وتحفرها، وهو ما دفع وزارة الموارد المائية صرف نحو 750 مليون دولار؛ لحماية الشواطئ المصرية من التآكل.

وهناك أمور أخرى تتسبب في تأكل شواطئ المتوسط... يحصرها علام في شدة الرياح والأعاصير والتيارات البحرية، ثم انخفاض مستوى الطمي بدلتاوات الأنهار.


الآثار الغارقة بالإسكندرية قبالة شاطئ أبو قير

مبادرة الرئيس

وعن الإجراءات التي رآها خبير التغيرات المناخية هي الأفضل في مصر لمواجهة ظاهرة تغير المناخ.. مبادرة الرئيس السيسي لزراعة 1.2 مليون فدان لتعويض 1.2 مليون فدان المفقودة في الدلتا؛ بسبب التآكل والبناء على الأرض الزراعية، وذلك بعد الحسابات التي قامت بها وزارة الري والزراعة.

أما الدكتور خالد أبو زيد، المدير الإقليمى لبرنامج الموارد المائية لمركز البيئة والتنمية للإقليم العربى وأوروبا (سيداري)، فيرى أن مصر تقوم بجهود مختلفة لحماية الشواطئ، خاصةً في سواحل الدلتا من التآكل.

هكذا بدأ أبو زيد حديثه معنا، لكنه تخوف من تصريحات "جونسون" حول احتمالية غرق الإسكندرية، قائلا:"تلك التصريحات لابد وأن تلفت النظر إلى ضرورة الاهتمام الدولي بموضوعات التغير المناخي وأهمية دعم مشروعات التكيف مع التغيرات المناخية والتخفيف من الانبعاثات المؤدية للتغيرات المناخية".

ويكمل قائلا: "تعاني سواحل الدلتا من انخفاض منسوبها الطبيعي، بالإضافة إلى ما تحدثه التيارات البحرية الساحلية من نحر للسواحل، وما يحدث من هبوط في مناسيب الدلتا، ويتفاقم كل ذلك بما تحدثه زيادة درجات الحرارة من آثار للتغيرات المناخية تشمل، ذوبان الجليد وتمدد مياه البحار والمحيطات! مما يؤدي إلى ارتفاع سطح البحر، وما قد يتبعه ذلك من غرق السواحل المنخفضة وما يصاحبه من تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية العذبة الساحلية".

إستراتيجية الحماية

ولمواجهة تلك الآثار.. يقترح "أبو زيد" على المجتمع الدولي أن يتخذ التدابير اللازمة التي تخفف من الانبعاثات، والتي من شأنها خفض وتيرة ازدياد درجات الحرارة وارتفاع سطح البحر.  

ومن جانب آخر يجب على الدول الساحلية اتخاذ الاجراءات اللازمة للتكيف مع ارتفاع سطح البحر مع حماية للمناطق الساحلية المنخفضة، مثل دلتا النيل وتنظيم لاستخدامات المياه الجوفية في الدلتا للحماية من استنزاف المياه الجوفية وتداخل مياه البحر.

وقد بدأت مصر منذ أكثر من ١٧٠ عاما بحماية بعض الأجزاء المنخفضة بسواحل الدلتا، حين تم إنشاء حائط محمد علي بمنطقة أبو قير.

ويتذكر أبو زيد ما قامت وزارة الموارد المائية والري منذ عدة سنوات بعد انشاء السد العالي بمشروعات كبيرة لحماية سواحل الدلتا من النحر عند فرعي رشيد ودمياط والمناطق المحيطة بها، وسوف توفر تلك المشروعات بعض الحماية من ارتفاع سطح البحر. 

وأشار إلى توفر الكثبان الرملية  تعد حماية طبيعية للمناطق الساحلية من تداعيات ارتفاع سطح البحر، الأمر الذي دعى الدولة إلى الاستفادة من تلك الفكرة في تنفيذ مشروع كبير لتغذية أجزاء من السواحل الشمالية المنخفضة بالرمال باستخدام أسوار قصيرة مصنوعة من الخوص المتواجد بالبيئة الطبيعية لتلك المناطق الساحلية، يكون من شأنه تكوين كثبان رملية لحماية المناطق الساحلية.

كما تعمل الدولة على إعداد إستراتيجية للإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية تاخذ في اعتبارها مخاطر ارتفاع سطح البحر والإجراءات والمحددات المطلوب إتباعها عند تنفيذ المشروعات التنموية بجميع أنواعها بالمناطق الساحلية.


شواطئ الإسكندرية بين الماضى والحاضر

السيناريو الأسوأ

من جانبه يرى الدكتور صابر عثمان، مدير قطاع البيئة وتغير المناخ والاستدامة بشركة أهدو - العربية للصحة والتنمية، أن "جونسون" قد أشار في تصريحاته الي السيناريو الأسوأ، حين تطرق إلي غرق عدد من المدن الساحلية، فهذا بالفعل ما سيحدث في حالة استمرار معدلات الانبعاثات على ما هى عليه دون تدخل بخفضها، وعدم استبدال الوقود الأحفوري بمصادر متجددة عديمة الانبعاثات الكربونية.

ويقول "عثمان": "مصر واحدة من أكثر دول العالم تهديدًا من أثار التغيرات المناخية؛ وذلك حين نتحدث عن تلك المنطقة الواقعة بين محافظتي الإسكندرية وبورسعيد –المهددة بغرقها جراء ارتفاع منسوب المياه- تساويها في معدلات الخطورة دلتا بنجلاديش ودلتا فايتنام".

وتطرق عثمان لمشروعات وزارة الري لحماية الشواطئ من ارتفاع سطح البحر، حيث تم تحديد النقاط الضعيفة بطول خط الشاطئ وجار عمل حمايات لها بتقنيات هندسية مختلفة طبقا لطبيعة كل منطقة. 

مسئولية الدول الكبرى

ويقول عثمان:"الوضع الحالي دقيق ويحتاج لتكاتف الجميع من الدول المتقدمة أولاً ثم من الدول النامية؛ لأن استمرار الوضع الحالي يعني تحقق السيناريو الأسوأ هو ارتفاع منسوب سطح البحر بنهاية القرن بحوالي متر"

وشدد أن الدول المتقدمة هي المنوط بها المجهود الأكبر، كونها المسئولة عن ما يقرب من 50٪ من إجمالي الانبعاثات حاليا، وطبقاً لاتفاقية تغير المناخ تاريخيا فهي ملتزمة أيضا بتقديم التمويل والتكنولوجيا وبناء القدرات لدعم الدول النامية في عملية المواجهة.

فقدان الشواطئ

ويتخوف عثمان من فقدان الشواطئ الرملية رغم الجهود التي تقوم بها الحكومة دون غرق الشواطىء والمدن، فـ"البلوكات الأسمنتية" التي يتم بناءها لحماية مدن من الغرق؛ تتسبب في اختفاء الشواطيء الرملية، فلكل أمر إيجابي مردود سلبي.

ويشير، إلى أنه يتم بناء "البلوكات" حسب سرعة وشدة وقوة التيارات البحرية والأمواج، ومع ارتفاع سطح البحر، سيزداد عددها ليشمل مناطق أخرى، وبالتبعية ستتأثر الزراعة نتيجة تغلغل المياه المالحة في التربة الزراعية الخصبة بمنطقة الدلتا.

وحول احتمالية غرق الإسكندرية، علق قائلا: تصريحات جونسون لابد وأن تلفت النظر إلى ضرورة الاهتمام الدولي بموضوعات التغير المناخي، وأهمية دعم مشروعات التكيف مع التغيرات المناخية والتخفيف من الانبعاثات المؤدية للتغيرات المناخية.

سيناريوهات المواجهة

من ناحيته قال الدكتور محمد أحمد، مدير مشروعات رائدة لحماية مصر من تغير المناخ، ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، هناك مشروعات قام بها البرنامج لحماية السواحل المصرية على طول خط البحر الأبيض المتوسط.

موضحا، أن البرنامج الإنمائي بالتعاون مع مرفق البيئة العالمي، نفذ مشروع مشترك باستيراد تكنولوجيا جديدة لحماية المناطق بالدلتا من خطر الغمر وارتفاع منسوب سطح البحر، وبتكلفة وصلت نحو 4 ملايين دولار، بالإضافة إلى استخدام ووضع مجموعة من الأجهزة التي تقيس منسوب سطح البحر؛ لتصبح نواة لنظام رصد بحري على ساحل المتوسط.

وأضاف مدير مشروعات حماية المناخ، أنه يتم الآن إقرار وتفعيل الخطوات الأولي؛ لوضع خطة الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية.

وقال:"يُعد هذا المشروع أساس لمشروع أخر تنفذه وزارة الموارد المائية والري بالتعاون مع هيئة حماية الشواطيء والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، حيث تم بناؤه على التجارب التي تم التوصل إليها من المشروع السابق ذكره".

وعن المشروع الحالي، يوضح الدكتور محمد أحمد، أنه بتمويل يصل لنحو 100 مليون دولار، من صندوق المناخ الأخضر، والحكومة المصرية، والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة"، فالمشروع معني بحماية 70% من منطقة الدلتا من خطر الغمر وارتفاع منسوب سطح البحر والعواصف البحرية الشديدة.

وتم إنهاء حوالي60% من الحمايات بالدلتا، ويتم الاستعانة باستشاري عالمي لوضع خطة متكاملة لإدارة المناطق البحرية على طول البحر المتوسط، والتي تصل الي 1000 كيلو متر مربع.

 ويؤكد أن المشروعات حققت الهدف منها، وعلى أرض الواقع تحمي المناطق التي تقع خلفها وتحمي البنية التحتية للمنطقة كـ "الطريق الدولي الساحلي" بالإضافة إلي حماية السكان والممتلكات، وبدا هذا واضحًا في محافظة كفر الشيخ، حيث انتهي العمل على حماية 30 كيلو على طول البحر المتوسط.

ويكمل:"تعاني سواحل الدلتا من انخفاض منسوبها الطبيعي، بالإضافة إلى ما تحدثه التيارات البحرية الساحلية من نحر للسواحل، وما يحدث من هبوط في مناسيب الدلتا، ويتفاقم كل ذلك بما تحدثه زيادة درجات الحرارة من آثار للتغيرات المناخية، تشمل ذوبان الجليد، وتمدد مياه البحار والمحيطات؛ مما يؤدي إلى ارتفاع سطح البحر، وما قد يتبعه ذلك من غرق السواحل المنخفضة، وما يصاحبه من تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية العذبة الساحلية".

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: