Close ad

حكايات من الواقع.. أنياب الفقر

25-10-2021 | 15:31
حكايات من الواقع أنياب الفقرحكايات من الواقع
خالد حسن النقيب


موضوعات مقترحة
أنا امرأة كتبت عليها الأقدار أن تعيش سيناريو طويلا من العذاب والشقاء فقد كنت فتاة حالمة قبل أن أتزوج, وتنقلب حياتي رأسا علي عقب. كانت لي أحلام وردية في الحياة, ورغم فقر أسرتي وإحساس الحرمان الدائم فقد كنت أنتظر أن يأتي يوما الرجل الذي ينتشلني من شرنقة الفقر, ولم تكن أحلامي كبيرة مجرد بيت يجمعني برجل أحبه وأطفال هم كل أملي أعمل علي تربيتهم وتنشئتهم تنشئة سليمة.. لم أحلم بالثراء الفاحش ولا الرفاهية, ولكنها الأقدار التي كتبت علي أن أولد في مستنقع من الفقر المدقع ومقدر علي أن أعيش تحت نيران هذا الفقر أنا وأطفال من بعدي.


وقيود الفقر هذه هي التي جعلت أسرتي توافق علي رجل يتقدم للزواج مني تحت مبدأ الخلاص من فرد من أفراد البيت المتخم بالعيال.


والرجل الذي جاءني لم يكن حلما أو حتي سندا قويا أستند إليه في حياتي فقد كان أفقر من والدي يعمل أرزقيا باليومية يوم يعمل وأياما كثيرة بلا عمل.


وارتضيت الزواج وقلت لنفسي ضل راجل ولا ضل حيطة واجتهدت قدر طاقتي في تدبير أمور بيتي وفق ما يأتي من رزق وتوافقت مع الدنيا أسايسها وتسايسني كي تستمر الحياة حتي رزقني الله بأولادي الثلاثة كنت أحفي في العمل في أي شيء لأدبر لهم نفقات التعليم حتي لا يضيعوا في الحياة, وأهيئ لهم مستقبلا أفضل مني ومن أبيهم, وكم كانت تمر علينا الأيام والليالي التي نبيت فيها جوعا لندبر للأولاد نفقتهم.


كانت حياة صعبة إلي حد العذاب العيشة فيها مستحيلة ولكنها ماشية بالطول أو بالعرض حتي أتي يوم انهارت فيه كل الأحلام وبات المستقبل أشبه بشيء مخيف يحدق بنا فقد سقط زوجي طريح الفراش لا يقوي علي العمل يحتاج إلي إجراء غسيل كلي كل أسبوع ونحن من لا نملك قوت يومنا.


اهتزت الأرض من تحت قدماي وبعت كل شيء حتي عفش بيتي وتركت الشقة التي كنا نستأجرها, واضطررنا للعيش مع أخي الذي وافق أن ننحشر أنا وزوجي وعيالي مع عياله في بيته الذي لا يتجاوز الحجرتين وبالطبع عجزت حتي عن توفير نفقات تعليم الأولاد وباتوا معرضين للضياع والتشرد.

دارت بي الدنيا وتاه عقلي حتي إنني بت أكلم نفسي كما لو كنت أصيب بلوثة.. ماذا أفعل وطريقي كله أشواك.. فكرت في الانتحار والخلاص من كل عذاباتي ولكن لمن أترك أولادي.. هل يتشردون من بعدي وزوجي المسكين ما ذنبه في مرضه حتي أخي ما ذنبه أن يحمل من همي ما هو فوق طاقته.
سيدي أكتب لك بعد أن أظلمت الدنيا في وجهي وبت لا أعرف لي طريقا, ولم يتبق لي غير كرامتي وشرفي اللذين لا أستطيع أن أفرط فيهما أبدا, ومهما أحوجتني الأيام لن أرضخ لضغوط شياطين الإنس من حولي الذين يلوحون لي بالمال الحرام طمعا في.. يريدون إشباع رجولتهم علي حساب فقري وعجزي ولن أسمح لنفسي يوما أن أمد يدي تسولا من الناس, وبين أنياب الحيوانات الجائعة والحاجة المرة أقف حائرة لا أدر من أمر نفسي شيئا.


ب ـ م ـ الشرابية
ترفقي بنفسك يا سيدتي فما أنتي فيه ليس إلا امتحانا من رب العزة عز وجل عليكي أن تصبري عليه قدر طاقتك ولا تفقدي الأمل في تغيير الحال يوما ما ولستي وحدك من هذه المأساة, ولعلك لو رأيت حال غيرك لعرفتي أن عذاباتك وإن كانت قاسية هي أرحم بكثير ممن تعج بهم الحياة ويعيشون تحت خط الفقر.
ولكنها الحياة تستمر ويستمر الأمل في الخروج من شرنقة الفقر يداعب أعيننا طالما كانت هناك إرادة لمغالبة الدنيا وآلامها, ولعلك من الصابرين الموعودين يوم القيامة بنعم الله ورحمته وثقي أنك غير بعيدة عن رحمة ربك في الدنيا وسوف تنفرج الغمة المعتمة في حياتك يوما وستجدين من أصحاب القلوب الرحيمة من يمد يد العون وينتشلك وأسرتك إن شاء الله من الضياع طالما أن قلبك عامر بالإيمان وبداخلك يقين ان بعد العسر يسرا وصدق الله العظيم عندما قال في محكم آياته( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون* نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة, ولكن فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون* نزلا من غفور رحيم)[ سورة فصلت:30 ـ32].
وعليكي بالدعاء الدائم الذي لا ينقطع وحتما سوف يستجيب المولي عز وجل وأفضل الدعاء ما كان يدعو به سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم رسولنا الكريم عندما قال( اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب اللهم وما زويت عني مما أجب فاجعله فراغا لي فيما تحب) رواه[ الترمذي عن عبد الله بن يزيد الخطمي الأنصاري].

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة