Close ad

سيد محمود سلام يكتب: السينما والآراء المعدة مسبقًا!

23-10-2021 | 12:03

منذ أن عرف الإنسان فن السينما، وهناك علامات استفهام كثيرة تطرح، لمن تصنع الأفلام..؟ وقد دار نقاش بيني وبين كثير من العاملين بالحقل السينمائي وبعض النقاد في الدورة الخامسة لمهرجان الجونة السينمائي حول السؤال نفسه، وكانت الخلاصة بأن السينما فن للجميع، ولكن هناك أنواع منها.. الأفلام التى يصنعها المخرج لنفسه ليؤكد بها موهبته ويطرح من خلالها أفكاره، كما يفعل كبار المخرجين عادة.

وكان المخرج الكبير يوسف شاهين يفعلها كثيرًا، وتقريبًا معظم أفلامه صنعها لرؤية ورغبة خاصة به هو قبل أن يكون الهدف هو الجمهور فقط، وهذا النوع من السينما قد لا يكون جماهيريًا، وقد يحقق نجاحًا كبيرًا، فمثلا بعض التجارب الأولى للمخرجين يصنعونها ليؤكدوا من خلالها موهبتهم، وقد لا تنجح جماهيريًا والأمثلة كثيرة جدًا لاداعي هنا لذكرها، لكن كبار المخرجين فعلوها والموهوبون أيضًا منهم فمثلا شريف عرفة فعلها أكثر من مرة، وسعيد حامد عندما بدأ قدم "حب في الثلاجة"، فانتازيا هو يريدها، وأعتقد أن أي مخرج من حقه أن يقدم تجربته الخاصة إن استطاع الحصول على التمويل.. وتحمل مسئولية فيلمه. 

النوع الثاني هو الفيلم الذي يصنع للجمهور فقط، وعادة ما يكون المخرج مجرد صانع، وهذه نوعية منتشرة في العالم كله مثل السينما الهندية والأمريكية، والأفلام قليلة التكلفة، وصنعت في مصر مئات الأفلام؛ مما عرف حينها بالمقاولات. 

أما الثالث فهو الذي يلتقي فيه المنتج مع المخرج على مائدة واحدة، ويكون الهدف صناعة فيلم بمقاييس العرض والطلب والموهبة واسم المخرج والأبطال والمنتج، تجتمع كل العناصر تحت لوائه ليخرج في النهاية عمل يصنف جيدًا. 

السؤال لماذا لا يعجبك فيلم، ببساطة ليس لأنه سيء، بل لأنه لم يحدث بينك وبينه نوع من التلاقي، قد تكون شغوفًا أكثر من اللازم لرؤية فيلم، وسمعت عنه كثيرًا، وذهبت خصيصًا لمشاهدته، وفوجئت بأنك تجلس صامتًا تقرض ما تبقى من أظافرك بأسنانك، وتهز قدميك معبرًا عن امتعاضك، من حقك بالطبع أن تتوقف عن المشاهدة، أن تخرج من دار العرض، فأنت ذهبت بحثًا عن متعة، قد يستمتع غيرك به، لكن ثقافتك وطبيعتك لم تهضمه.. هذا ما يحدث في أفلام عربية وأجنبية حتى وإن كان أبطالها نجومًا كبارًا.. وقد يحصل فيلم على جائزة عالمية، وعشرات الجوائز، لكنه لن يصل إلى الجمهور العادي، أذكر فيلم "الأب" لـ"أنتوني هوبكينز" شاهدته مرات وأنا مستمتع بأدائه، بينما لم يستطع صديق لي أن يشاهد عشرة مشاهد منه، أترك السينما فورًا إن لم تستطع الاستمتاع بفيلم، لكن لا تطلق أحكامًا طالما أنك لم تصلك رسالة مخرجه، قد يكون به ما يفيد غيرك، فقد وقف النجم الكبير أحمد زكي على مسرح سينما أحد المولات التجارية بالقاهرة قبل عرض فيلم السادات بخمس دقائق، وكان من بين الحضور كبار الشخصيات منهم الراحلة جيهان السادات، والكاتب الكبير أنيس منصور، وقال عبارة أظنه قصد بها بعض الموجودين "ما أقدمه فيلم سينمائي.. أرجو ألا تشاهدوه بأحكام مسبقة". 

هنا وضع أحمد زكي حدودًا لأية رؤى مغايرة لما يقدمه في فيلم "السادات" فإن كنت تحب السادات ستحب الفيلم، وإن كنت غير ذلك فليس من حقك أن تخرج لتشوه في فيلمه الذي أنتجه على حسابه، إذن مشكلتنا مع السينما هي الأحكام المسبقة، والأفكار الملتبسة التي يكون الهدف من نشرها التشويش على صناع عمل ما، أو لأهداف خاصة... وقد حدث هذا في مهرجان الجونة السينمائي في دورته الخامسة، أفكار معدة مسبقًا للهجوم على فيلم ما قد يكون به مشاكل على المستوى الفني، أو "معجبش البعض" ليس من حق أحد أن يطلق لعنانه تفسيرات لم يكن لا المخرج ولا المهرجان يضعونها في حساباتهم. 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة