Close ad

الأزمات تتعمق بين الجزائر وفرنسا

21-10-2021 | 14:59
 الأزمات تتعمق بين الجزائر وفرنسا الأزمات تتعمق بين الجزائر وفرنسا
 
موضوعات مقترحة

بقلم : مصطفى السعيد

لماذا فشلت كل محاولات احتواء التصعيد بين الجزائر وفرنسا؟ وهل هي أزمة تتعلق بالماضي الاستعماري وصعود اليمين الفرنسي أم ترتبط بالحاضر والمستقبل وتتقاطع مع استقطاب المحاور الإقليمية والدولية والتنافس حول النفوذ في القارة الإفريقية الفتية؟ هذه الأسئلة مازالت تلاحق الساسة والخبراء في ظل تفاقم الأزمة بين البلدين، والتي أزاحت الرماد من فوق جمر الفترة الاستعمارية المؤلمة، والتي بلغت ذروة جديدة مع تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون بأنه لم تكن للجزائر هوية وطنية قبل الاحتلال الفرنسي، وأثارت موجة من الانتقادات الجزائرية الحادة، وقررت منع الطائرات العسكرية الفرنسية من المرور إلى قلب إفريقيا عبر الأجواء الجزائرية، وقبلها كانت الجزائر استدعت سفيرها في باريس، وخفضت فرنسا التأشيرات الممنوحة لدول المغرب العربي وعلى رأسها الجزائر، التي لديها جالية كبيرة في فرنسا، واحتفل الجزائريون في فرنسا الأحد الماضي بذكرى مذبحة إطلاق النار على متظاهرين جزائريين في باريس عام 1961، وقتلت العشرات، ورغم حضور الرئيس الفرنسي لمراسم تكريم الضحايا، فقد انطلقت الهتافات ضد "جريمة الدولة"، ويجري فتح ملفات المجازر الفرنسية خلال احتلال الجزائر، والتفجيرات النووية الفرنسية جنوب الصحراء الجزائرية.

وإذا كان هذا الملف المليء بالمآسي والأحزان ظل مفتوحا منذ تحرير الجزائر، إلا أنه كان يتوارى ويعاود الظهور على إيقاع العلاقات بين البلدين، فما الجديد الذي دفعه بقوة إلى الظهور وينكأ الجراح القديمة؟ هناك بالطبع أجواء الكراهية التي اتسعت مع تنامي اليمين العنصري في فرنسا، وكراهية الأجانب، لكن معظم الجزائريين هناك يحملون الجنسية الفرنسية منذ عدة أجيال، لكن الحملة العنصرية استهدفتهم بقوة، حتى أنها طرحت سحب الجنسية من بعض هؤلاء، ووضع آخرين في برامج للاندماج الثقافي، وظلت أزمة الأجانب أو الأقليات العرقية ورقة انتخابية مؤثرة، يزداد استخدامها مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الفرنسية العام المقبل، لكنها ليست السبب الوحيد ولا الرئيسي في اتساع الفجوة، فلدى الحكومة الجزائرية هواجس تجاه فرنسا، وأنها تسعى إلى التدخل في الشئون الداخلية الجزائرية، وتهدد استقرار وتماسك الجزائر، كما تتوجس الجزائر من اتساع التدخل العسكري الفرنسي في دول الساحل والصحراء، حتى لو كانت تحت ذريعة مطاردة الجماعات الإرهابية مثل داعش وبوكو حرام وغيرها، إلا أن الجزائر تراها محاولات فرنسية لتعزيز النفوذ والهيمنة، وأدت حالة انعدام الثقة إلى تعزيز الجزائر لعلاقاتها بكل من روسيا والصين، وتولت روسيا تحديث الجيش الجزائري، وأصبحت الجزائر أول مستورد للأسلحة الروسية، وبلغ الأمر حد إجراء مناورات عسكرية مشتركة بين قوات جزائرية وروسية في أوسيتيا الجنوبية في القوقاز لأول مرة، ورافق هذه الخطوة قفزة كبيرة للعلاقات الاقتصادية الجزائرية مع الصين، وبدأ إنشاء ميناء الحمدانية غرب العاصمة الجزائرية ليكون أكبر ميناء على سواحل البحر المتوسط وأفريقيا بتكلفة ستة مليارات دولار، تتولى شركات صينية وجزائرية إنشاءه، إلى جانب خطوط للسكك الحديدية والطرق البرية تربط الميناء الجزائري بدول الساحل والصجراء، وتصل إلى نيجيريا، ويبدو أن هذا التوجه الجزائري في تعزيز العلاقة مع خصوم فرنسا وأهم منافسيها في إفريقيا زاد غضب فرنسا، ومنح الجزائر أصدقاء أقوياء عسكريا واقتصاديا، لتتمكن من لعب دور إقليمي منافس للسياسات الفرنسية في القارة الإفريقية، وأبرز الأمثلة دعمها للحكومة الجديدة في مالي، المعادية للنفوذ الفرنسي، والتي قررت أيضا التعاقد على صفقة أسلحة روسية، تشمل طائرات ومدرعات ومنظومات دفاع جوي، ومع التضارب في المصالح واستقطاب المحاور الدولية والإقليمية، تخرج الملفات القديمة للحقبة الاستعمارية، لتزيد الأمور تعقيدا، وتمنح الأزمات عمقا جديدا.

 

 
اقرأ أيضًا: