Close ad

لو عندك مشكلة مع السمنة.. اسمع كلام داليا الحديدى

18-10-2021 | 14:08
لو عندك مشكلة مع السمنة اسمع كلام داليا الحديدىالكاتبة داليا الحديدي
رانيا نور
الشباب نقلاً عن

لايصل الإنسان إلى حلمه بدون أن يمر بمحطات التعب والفشل واليأس، وصاحب الإرادة القوية لايطيل الوقوف عند هذه المحطات فالإرادة هى ما تدفعك للبدء فى الخطوة الأولى أما عزيمتك فهى ما تبقيك على الطريق للنهاية وهذا بالضبط ما فعلته الكاتبة والباحثة فى علوم الصحة النفسية داليا الحديدى ومؤلفة كتاب "حكايات لباقى العمر" عندما تعرضت لواحدة من أصعب العوائق التى تحول بين الإنسان وأحلامه خاصة فى مجتمعنا وهى السمنة المفرطة ولكنها استطاعت وبعد جولات كثيرة وانكسارات أكثر أن تنتصر عليها وتصبح شخصا آخر تماما.. وفى هذا الحوار سنحاول الاقتراب من هذا الآخر لعلنا نتعلم منه سرا جديدا من أسرار التمسك بالأمل فى الوصول للهدف.

موضوعات مقترحة

فى أحد مقالاتك قلت إن السمنة أصعب ابتلاءات حياتك، فلماذا كانت الأصعب ومتى كانت بدايتها؟

الابتلاءات الصعبة عصية على البوح ولكنها أقسى تجربة مررت بها من حيث الاستمرارية والتداعيات فقد استهلكت عمرى كما كانت سببا للعديد من الأمراض، خاصة أن معاناتى معها بدأت عقب ولادتى ب14 يوما لأنى نشأت فى بيت عائلة حيث يتدخل الجميع فى تربية المولود وقيل لوالدتى: "حرام البنت نحيفة مستخسرة فيها علبة لبن" فقطعت الرضاعة الطبيعية واستبدلتها بالصناعى وكانت أمى تتركنى مع خالاتى وحتى اليوم ترن فى أذنى ضحكة خالتى وهى تروى كيف كانت تغفل أمى وتضع لى ست ملاعق سكر فى الببرونة ليصبح شكلى كأطفال الإعلانات وكان ذلك يحدث بمحبة ممزوجة بالجهل، حيث إن التعاطى المدمر للسكر أصابنى بمقاومة الأنسولين والتى كانت سببا فى متلازمة أمراض لاحصر لها فيكفى أننى كنت أفشل فى الوصول الى نقطة الشبع بسبب إدمانى للسكر الذى حقنت به وأنا رضيعة والذى أصاب المخ بنشوة تماثل نشوة المخدرات ومن ثم لاأشعر بالشبع إلا بعد تناول السكريات وأمثالى لو تناولوا أطنان من الخضراوات لن يشبعوا إلا بعد جرعة السكريات.

كيف نجنب أطفالنا الشراهة فى السكريات منذ البداية؟

المشكلة أن الآباء لا يلتفتون لسمنة صغيرهم ولا لما يترتب عليها من تداعيات مرضية خطيرة بالعكس فهم يتعاملون معها على أنها قضية تجميلية أما لو أصيب بأى مشكلة صحية أخرى يهرعون به إلى الأطباء بالرغم من أن السمنة هى السبب الأول للعديد من الأمراض النفسية والصحية، كما أنها تقلل من تقدير الشخص لذاته؛ لذا آمل أن يكتب على كل قطعة حلوى "السكر ضار جدا بالصحة"، وأهيب بوزارة الصحة توعية الآباء بخطورة السكر لقد عانيت من السمنة رغم نشأتى فى أسرة متعلمة لذلك صدق طه حسن عندما حذر من تفشى الأمية بين أصحاب الشهادات العلمية.

بعد سنوات استطعت الانتصار على السمنة.. فما الذى يعيق الإنسان للتغلب على انكساراته؟

يعوق الإنسان انتظاره التعاطف من الغير دون أن يتعاطف هو مع نفسه أولا والخوف من الناس يجعله يفصل نفسه وفقا  "للباترون" الذى يرضى قياسات مجتمعه فلو روى له حديث بلا سند يحرم الإستعانة بطبيب سيكتبه بالخط الكوفى ويضعه أعلى سريره، فالجهل بقيمة النفس يجعل الإنسان "ودنى" وتقديره لذاته سيكون مشروطا بآراء المجتمع لذا فمن أهم ما يعيق المرء هو عدم وضعه خطة لأحلامه فيستهدف من الآخرين فضلا عن جهله بحقوقه، بدليل أننى عندما أتحدث مع أم مصابة بالسمنة تقول: لاأريد إنقاص وزنى لنفسى بل من أجل أسرتى فهى تبحث عن عذر مقنع تقدمه لمجتمعها مقابل الوقت المستقطع لعلاجها وكأنها تقول: "سامحونى سأراعى نفسى ولكنى سأعوضكم".

متى قررت الوقوف أمام السمنة وهزيمتها؟

بعد خبرات حياتية عديدة وبعدما بقيت لسنوات طويلة أبذل جهدا يفوق طاقتى لمعاونة أسرتى فكنت أوصل زوجى لعمله ثم أعود لتوصيل أبنائنا للمدرسة ثم أشترى احتياجات البيت وأعود لتجهيز الغداء ثم أخرج لإحضار الأولاد وأطعمهم وبعدها أخرج لإحضار زوجى من العمل لأجده غاضبا لتأخرى، والحقيقة أن زوجى لم يكن متواكلا، ولكنه لايجيد قيادة السيارة رغم إجادته عشرات المهارات الأخرى ومن ثم كنت أحتمل إرهاقا كبيرا، ولكن ما كان يؤذينى حقا هو النقد الدائم وإشعارى بالتقصير، تلك التراكمات أكدت لى أننى مهما بذلت من جهد فلن يرضى عنى أحد فغيرت بوصلتى من لحظة ما شعرت بالتقصير فى حق نفسى خاصة بعد تدهور صحتى فبدأت أحب نفسى عن حق وأكرس وقتى لتحسين حالتى النفسية والصحية.

وما خطواتك التى بدأت بها حبك لنفسك كما ينبغى؟

أعطيت الأولوية لنفسى من حيث الوقت والمال، وصَمَمْتُ أذنى عن الاستماع للكلام السلبى بل كنت أعيد توجيه رسائل إيجابية لنفسى واعتبرت كل يوم فرصة جديدة لمحاولة جديدة وتعاملت مع الانتقادات كأنها الحواجز التى يضعها المدرب لتمرين العداء على القفز، وخصصت وقتا لنفسى أقرأ وأسمع موسيقى وألعب رياضة، والأهم من ذلك أننى قمن بإقصاء الشخصيات المؤذية مصاصى الطاقة من حياتى  وأحطت نفسى بالمريحين فقط، حتى لو كانوا قلة، ومرنت نفسى على طلب المساعدة لأثبت استحقاقى للدعم كما أنى منعت نفسى من استخدام ألفاظ سلبية لوصف شخصيتى ووضعت احتياجات أولوية فأنا أحب نفسى فى العلن لا فى إطار علاقة حب عرفى وكأنى أرتكب المحرمات بإحسانى لذاتى، وشتان بين أن تحب نفسك علنا وبين أن تحبها عرفيا، وكلما تفكرت بقول الله تعالى: ( لايكلف الله نفسا إلا وسعها) أوقن أنها إشارة من المولى عز وجل كى لانثقل على أنفسنا.

وكيف حققت المعادلة بين حبك لنفسك وعدم تقصيرك فى واجباتك تجاه أسرتك؟

أنا لم أحب زوجى لكماله، ولكنى أحببته رغم نقصه ولم أعشق أولادى لبرهم بل رغم عيوبهم، ومن ثم فلم يكن هاجسى عدم التقصير،  بل كان يعنينى أن يتقبلونى رغم تقصيرى فأنا لاأتهاون فى حقوق أسرتى وأقوم بمهام البيت كاملة بالإضافة الى عملى ككاتبة ودراستى ولكن قبل شعورى بالتعب أوقف العمل.. وجدت يوما ما جوربا على الأرض فانحنيت لألتقطه ولكنى سمعت نفسى تقول لى: ألست مرهقة كيف تؤلمين نفسك لأجل جوربا؟ فتركته مكانه.. أغير لون شعرى فإن راق لزوجى كنت بقمة السعادة وإن لم يرق له لا أتزحزح عن سعادتى وأطبخ الطعام بطريقتى إن عجب أسرتى أسعد وأن لم يعجبهم لا أنزعج فأنا أحب زوجى وأبنائى وأحترم مجتمعى، ولكنى أضع صحتى فى المقدمة.

جراحات السمنة هى الحل الأفضل للتخلص من الوزن الزائد أم هناك حلول أكثرأمانا؟

اختبرت مختلف طرق إنقاص الوزن كالأدوية والجراحات والتى ساعدنى فيها زوجى مشكورا ولكن الجراحة تساعد المرضى أول سنة فقط، ثم يعتاد الجسم كمية الطعام فيستعيد المريض وزنه لذا توفير الوقت للعناية بالذات أهم، والله يختبر إصرارك على رفضك للممنوع ومقاومتك للضغوط تحت أى ظروف مهما كانت قاسية من ضعف إمكانيات مادية أو خذلان قريب أو عبارت اليأس والإحباط، ومن ثم على الإنسان أن ينجح إن وجد التشجيع أو التحطيم وأن يجتهد حتى وإن لم يجد من يدعمه، فالحياة ورقة امتحان والمواد صعبة والأسئلة إجبارية ولكن هناك أسئلة للنخبة وأنا فى طريقى للتخلص من السمنة مررت بانكسارات كثيرة أصعبها حين صدمتنى سيارة دفع رباعى فأقعدتنى لأشهر عن ممارسة الرياضة، ولكنى لم أيأس وعندما عدت كنت الصوت الداعم لنفسى .

نصيحة أخيرة لكل شخص يعانى من السمنة؟

ابدأ ولا تيأس.. ابدأ تحت أى ظروف حتى لو نزلت تمشى فى الشارع ستنجح وستنتصر على واحدة من أصعب ابتلاءات الحياة والسبب الأول وراء العديد من الأمراض.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: