أول رد فعل رسمي من نادي الزمالك على أزمة القيد | مكتبة الإسكندرية تستقبل الملك السابق أحمد فؤاد |صور | محافظ بني سويف يوجه بصرف إعانة مالية لسيدة من الفئات الأولى بالرعاية | «الأوضاع في غزة وجهود مصر للاستقرار الإقليمي وإنفاذ المساعدات» تتصدر اتصال الرئيس السيسي و«روته» | الرئيس السيسي و«مارك روته» يتوافقان على أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كاف لقطاع غزة | الرئيس السيسي يحذر من أي عمليات عسكرية في رفح الفلسطينية خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الهولندي | خبير اقتصادي: ملف اللاجئين أحد أسباب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي | بايدن: قانون المساعدات لـ «إسرائيل» و«أوكرانيا» يحفظ أمننا ويجعل حلفاءنا أقوى | مندوب فلسطين بالجامعة العربية: الاحتلال استخدم سياستي الفصل العنصري والإبادة الجماعية رغم التحذيرات الدولية | الرئيس السيسي يناقش في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الهولندي الوضع بقطاع غزة وجهود مصر لوقف إطلاق النار |
Close ad

د. محمد حسين أبوالعلا يكتب: أمريكا و"جلجامش" .. الغرام بسرقة التاريخ

17-10-2021 | 17:48

نحن نناشدتكم على الدوام ألا تقولوا.. هذا أمر طبيعي إزاء ما يعترضكم من الأحداث كل يوم، فى زمن يسوده الاضطراب وتسيل فيه الدماء ويدين بالفوضى ويقوم الظلم والطغيان فيه مقام القانون وتفقد الإنسانية إنسانيتها.. لا ينبغي لكم أن تقولوا هذا أمر طبيعي حتى لا يستعصي شيء على التبديل والتغير، تلك هي رؤية الكاتب الألماني "برتولد بريخت" إزاء ضرورة التغيير وحتميته للمجتمع البشري منذ ستة عقود تلك التي صاغها فى أعمال كثيرة، إذ كانت هي قضيته المركزية التي ألحت عليه تفصيلاتها وخباياها حتى إنه قد قال.. علينا أن نغير العالم ثم نغير ذلك العالم المتغير.

وعلى ذلك يظل الاستسلام والخنوع والتراجع والانكماش والتضاؤل سمات بغيضة تسحق إنسانية البشر وتحول دون الوجود الفاعل وتجعلهم نهبًا للآخر الذى يستبيح تراثهم وتاريخهم وهويتهم وعقيدتهم وثقافتهم وآثارهم وهو بالفعل ما سجلته آخر مشاهد النهب الاستعماري العنيف في العراق كأبرز بؤر الشرق العربي ذات الحضارة الضاربة في العمق التاريخي، إذ مارس الأمريكيون هواياتهم الأثيرة في الابتزاز السياسي والاقتصادى والثقافي وتدمير التاريخ ونهبه فى عدوانهم الآثم على العراق، إذ دارت أعينهم وامتدت أيديهم على ملحمة جلجامش التاريخية أو ملحمة الوفاء التي يتجاوز عمرها نحو خمسة وثلاثين قرنًا، والتي تعد أقدم النصوص الأدبية والدينية في العالم، ذلك بجانب السطو الممنهج على نحو سبعة عشر ألف قطعة تراثية أخرى تعود إلى حقبة بلاد ما بين النهرين.

وقد كان لليونسكو أبرز الأثر وأقواه في إدارة معركة استرداد الملحمة ومكافحة الاتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية، وهي خطوة حضارية رائدة، لكن لابد أن تتبعها خطوات دؤوبة في معالجة جرائر فنون النهب الاستعماري من وثائق ومخطوطات ونسخ قرآنية نادرة وقطع متحفية جرى تداولها في قنوات الغرب في فترات متفاوتة تاريخيًا وغير ذلك من المنمنمات والزخارف ونماذج الخط العربى.

والباحث لهذه القضية في عمومها وتفصيلاتها قد يصاب بالدهشة والذهول حين يقوم برصد كم المقتنيات العربية والإسلامية القابعة فى متاحف الغرب ومكتباته ومراكزه البحثية وصالات المزادات الكبرى التي يتبارى أثرياء العالم للاستحواذ على هامش التراث المبعثر.

لكن لماذا ظلت استباحة التاريخ بعد استباحة الأرض واغتصابها هدف أسمى لكل الدول المتآمرة على الشرق العربي؟ لعل أبسط جولة تأملية يمكن أن تدلنا على جوهر فكرة أن اغتصاب الأرض أمده الزمنى قصير مهما يطل، لكن استباحة التاريخ فهي أبدية ذلك لأصالته وعمقه ورحابته وخلوده، وهى سمات لم يغنهم عنها بريق الحاضر المعاش وإلا لما يتهافتون على انتزاعه عن أصحابه؟ نعم.. ليس إلا أن صناعة المستقبل لديهم أهون كثيرًا من اختلاق تاريخ، وكذلك لأن نوازع الكبت الحضاري تجاه الشرق لا تهدأ إلا بتجريد هذا الشرق من تاريخه أو تشويه هذا التاريخ على أقل تقدير، وهو ما يحدث دومًا مع أدنى تماس أو احتكاك تتجدد معه فرص الاستيعاب.

ولعل المفارقة الخطيرة التى تطرحها القضية أن أصحاب الحضارة المعاصرة الذين يشكلون أطياف المستقبل البشري في اللحظة الآنية لم يكن لهم هذا التاريخ بألقه وزخمه ودلالاته المعرفية، وأن من يملكون هذا التاريخ وينتمون إليه ويفاخرون به لهم بالمستقبل علاقة هامشية تابعة وليست علاقة قائدة فاصلة!! أما المفارقة الأخطر فهي أن متحف (المتروبوليتان) رغم كونه يعد من أكبر متاحف العالم ويحتوي على أغلب آثار الحضارات البشرية كالإغريقية والرومانية والفرعونية والإسلامية وغيرها، لكنه يخلو من أى أثر أمريكي يمثل هوية الأمة، وبالطبع لا يمثل ذلك أي غرابة لأن أمريكا التي تحتضن كنوز العالم وتراثه لم تستطع أن تظلها وزارة للثقافة تمثل الروح الأمريكية الواحدة، وإنما ظلت تمثل أشتاتًا من الهويات والأجناس والأعراق والثقافات.

وهو ما يؤكد وجود فارق نوعي بين أمم يرجع عمرها لآلاف القرون وأمم ناشئة لا تتجاوز مئات العقود!!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الفرعونية.. حضارة المستقبل

يتداعى الخيال ونسقط بلا حراك تحت أقدام الحضارة المصرية ... قالها شامبليون، بل إنه قبل أن يوجز هذه الألفاظ كان المعنى ثابتاً مترسخاً فى أفق الزمان.

د. محمد حسين أبو العلا يكتب: ذاكرة الجحيم الحضاري.. تساؤلات اللحظة

إن البشرية التي نامت في حصة التاريخ لن تغير طباعها ... هكذا تتسلل كلمات وول ديورانت عابرة آفاق الزمن، لكنها لم تأخذ مسارها في الوعي الإنساني العام متحدية