تاريخ «المجنونة» في أرض المحروسة.. متى أكل المصريون الطماطم للمرة الأولى؟

4-10-2021 | 15:15
تاريخ ;المجنونة; في أرض المحروسة متى أكل المصريون الطماطم للمرة الأولى؟ محصول الطماطم
محمود الدسوقي

لم يتناول الأقدمون مثلنا الطماطم فى طعامهم، لم يعرفها الملوك ولا البسطاء، ولا الفقراء ولا الصعاليك، ولم تتواجد فى كتاب ألف وليلة، فهى لم تعرف إلا فى عالمنا الحديث منذ أكثر من مائة سنة، وكان يُنظر للطماطم على أنها نبتة سامة، لذا غابت الطماطم فى المراجع التاريخية للزراعة، وغابت أيضا عن وصفات الطب القديمة، كما أن تراثها الشعبى فى الأغنيات يكاد يكون نادرًا، رغم تعدد مسمياتها فى البلاد العربية، فهى البندورة فى سوريا والبرتقال الإنجليزى، والطماطم فى العراق، وهى القوطة والطماطم فى مصر، وهى المجنونة فى الأسواق؛ بسبب تقلبات سعرها فى السوق بسبب زراعتها.

موضوعات مقترحة

وفى مثل هذه الأوقات يستعد المزارعون فى مصر، لجنى زراعة عروة الطماطم الخريفية، حيث تزرع مصر التى تحل مركزا متقدما كأهم الدول التى تزرع الطماطم، الطماطم على ثلاث عروات، الصيفية والخريفية والشتوية ، مما يجعل الطماطم متواجدة فى كل وقت بالسوق المصري، وفى أكتوبر من مثل هذه الأوقات تكون الرعاية للعروة الشتوية، حتى يحين قطافها فتتطرح فى الأسواق مثل الخريفية. وفى الصعيد والدلتا تزرع الطماطم فى الأراضى الطينية الثقيلة ،والرملية ، إلا إن الطماطم الرملية تمتاز بميزات عالية يقبل عليها البعض، وهناك طريقتان للزراعة، الطريقة التقليدية، وطريقة الزراعة بالسلك، حيث يتم تقسيم الأرض لسرايات، ويوضع فيها السباخ، أما المناخ الذى تحتاجه فهى تحتاج المناخ الدافىء ودرجة الحرارة المعتدلة.

تاريخيا لم تعرف مصر والبلاد العربية الطماطم، وكذلك أوروبا ، وإن كانوا عرفوا الصلصة منذ القرن السابع عشر الميلادى، وهى صلصلة غير مرتبطة بالطماطم ، بينما كان أول من جلب الطماطم لأوروبا هم المستكشفون للعالم الجديد، وقد انتشرت الطماطم فى مصر منذ القرن التاسع عشر ، وكانت أول دولة عربية تعرف الطماطم هى سوريا حين جلب جون باركر القنصل البريطانى فى حلب بذور الطماطم، حيث تسمى بـ"البندورة" ومن خلال سوريا تم انتقالها لتركيا وإيران، أما فى العراق فكان يطلق عليها البرتقال الإنجليزى، أما فى مصر فكتب الطهى القديمة تتفنن فى وضع مأكولات تضمها الطماطم، وكذلك الصلصلة.

ويؤكد المؤرخون أن الاعتقاد بأن الصلصة تكون بالطماطم غير صحيح، ففي القرن السابع عشر اكتشف العالم صلصة التمر الهندي، قبل أن يهتدي العالم لاختراع الكاتشب وصلصة الطماطم التي لم تنتشر في العالم إلا حين دخلت الطماطم في إعداد الطعام، وصارت تدخل في كل أصناف الطعام، وتتم زراعتها بكثرة في الأراضي المصرية، وتنقسم أنواع الصلصة كما يظهر كتاب الطهى الصادر فى ثلاثينيات القرن الماضى ، لبيضاء ، وبنية، والمستعمل فيها البيض لسُمك قوامها، كما تنقسم لصلصات باردة، وتعتبر الصلصة البيضاء والبنية أساسا للكثير من أنواع الصلصات، فيما تكون الصلصة غير الحلوة هي صلصة الجبن الرومي، وصلصة البيض، التي تقدم مع السمك والطيور المسلوقة، وصلصة البقدونس التي تقدم مع اللحم البتلو المسلوق والسمك والطيور، أما صلصة البصل فهي تقدم مع اللحم الضأن المسلوق، أو الكرشة، وقد ارتبطت الصلصة بمسمي "القلية" ارتبطت الطماطم بالعصارة، وهى آلة يدوية كانت تعصر فيها الطماطم، وأحيانا كانت آلة تقشير البصل هى ذاتها آلة أداة عصر الطماطم لإعداد الطعام.

ويوضح كتاب الطهى القديم أن المطبخ لابد أن يتكون من أدوات منها مصفاة نحاس للطماطم، ومكيال رطل وميزان، وعصارة ليمون، ومنخل السلك، بالإضافة لأدوات للصحون، والأطباق، وأدوات حفظ الطعام والخضار وغيرها. ومن أهم الأكلات التى ارتبطت بالطماطم قديما هى حساء الطماطم، وقد تقسيم الحساء إلى 3 أنواع منها حساء الطماطم رقم واحد ، ومقاديره تكون عبارة عن واحد ونصف أوقية متوسطة، ورطل طماطم ، وأثر بهيويز أبيض، ونصف رطل لبن، بالإضافة لملح وفلفل أبيض و3 بيضات مع معلقة شاى من دقيق أو كورن فلور بدلا من البيض. وأوضح كتاب الطهى الصادر ثلاثينيات القرن الماضى، أن هناك حساء الطماطم المكون من رطل طماطم وثلاثة أرباع أوقية سمن وملح وفلفل وقرنفلة وبصلة وجزرة وقطعة كرفس وربع معلقة شاى سكر ورطل بهريز وعدد 2 معلقة كبيرة كريمة.

أما حساء الطماطم رقم 3 فأوضح كتاب الطهى أنه تقطع الخضر قطعا صغيرة وتشوح فى السمن الساخن، وتضاف الطماطم والبهريز، وتترك على نار هادئة حتى ينضج الجميع، ثم تصفى حيث يمزج الدقيق جيدا بالماء أو اللبن، ويوضع فى إناء ويرقع على النار مع التقليب حتى يغلى، ثم تضاف الطماطم المصفاة بالنحاس للخلط مع التقليب، ثم يُعاد على الحساء مرة ثانية ويقدم للأكل، ثم استرسل كتاب الطهى القديم فى الكثير من الأكلات التى تدخل فيها الطماطم كمكون مثل السلطات وطاجن الأسماك وغيرها من الأصناف التى لم تكن موجودة على موائد الناس فى الزمن الماضى وعرفها البشر فى الوقت الحالى بعد زراعة وانتشار الطماطم فى العالم أجمع.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: