في عام 1923م، وبعد اكتشاف مقبرة الملك الذهبي توت عنخ آمون، قررت شوارع القاهرة أن تكون مثل شوارع أوروبا التى احتفت باكتشاف مقبرة «توت عنخ أمون»، حيث نظمت القاهرة «مهرجان الكورسو» للأزياء المصرية القديمة، في احتفالية نادي المختلط "الزمالك حاليا"، حيث قامت إحدى شركات الإطارات الشهيرة بصنع مجسم داخل هيكل فرعوني، أما شركة «أوتومبيل» الأمريكية، فقد صنعت مجسمات تماثل أهرامات الجيزة وأبو الهول محاطين بالفتيات الجميلات.
أما المصريون الذين شاركوا في الاحتفال، فقد صنعوا مركبة مصرية قديمة عليها أسماء المحلات المصرية الشهيرة، ويُظهر أرشيف المجلات والصحف والتي تنشرها "بوابة الأهرام"، عن شكل العالم في وقت اكتشاف توت عنخ آمون وعن الترجمان الأثري في شوارع الأقصر، الذي كان يستقبل السياح لشرح المعابد، حيث كان على مجلة "اللطائف المصورة" أن تنشر كاريكاتير ساخر يُظهر حال الترجمان الأثري وتكالب السياح عليه؛ لسرد تاريخ الحضارة المصرية القديمة، وكذلك سرد مشاهدات الأقصريين لمقبرة توت عنخ آمون، والتى وجد بها القناع الذهبى، وكذلك مقتنيات توت عنخ آمون.
ويؤكد الأثريون والمؤرخون أن الثوب الفرعوني المسمي «شنتي» كان أول ثوب قلدته كافة الحضارات ومنها الحضارة العربية، التى قلدته فى ثوب السند، وهو نوع من البردة مخطط يلتحف به، حيث يوضح العالم الأثري الكبير أحمد كمال باشا أنه توجد مقارنة كبيرة بين الثوب الفرعوني المسمي بالسنت، وهو أحمر يلبس في المناسبات والأعياد، وترتديه الآلهة وبالأخص «هاتور» آلهة الحب والجمال عند الفراعنة، وبين الزنط العربي.
ويوضح المؤرخ والأثري فرنسيس أمين لــ"بوابة الأهرام" أن معظم الحضارات القديمة ارتدت الملابس الفرعونية بشكلها المعروف، مؤكدا أنه لابد من التفريق بين الملابس الفرعونية التى كان يرتديها الملوك والأميرات والملكات، وبين الملابس الفرعونية التى كان يرتديها العامة وإلى الآن متواجدة فى حياتنا المعاصرة مثل الشال، والجلباب، مؤكدا أن الجيبة النسائية هو اختراع فرعوني أهداه المصريون القدماء للعالم.
وقال فرنسيس أمين، إن شيوع الملابس الفرعونية مر بعدة مراحل فى التاريخ الحديث، وبدأت منذ الحملة الفرنسية، حين وضع نابليون بونابرت تمائم فرعونية مرسوم عليها النحل الذهبي في ردائه الإمبراطوري، إلا إنها انتشرت بشكل كبير في حفل افتتاح قناة السويس، وعرض أوبريت عايدة في عهد الخديو إسماعيل، إلا إنها زادت شيوعا بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، حيث انتشرت موضة ارتداء الملابس الفرعونية في الحفلات والمهرجانات في شوارع لندن وباريس بأوروبا، وشوارع واشنطن في الولايات المتحدة، وبالطبع شوارع القاهرة التى رفعت شعار «نحن أحق بملكنا» «توت عنخ آمون».
وظهرت إعلانات الصحف التي تظهر زوجة «توت عنخ آمون» بملابسها الفرعونية، وهي تحث المصريين علي شراء المنتجات المصرية الوطنية
. قبل اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون وفى عام 1912، وفي نفس العام الذي شهد اكتشاف رأس نفرتيتى زوجة إخناتون والدة «توت عنخ أمون»، تم اكتشاف مقابر تضم ملابس من عصر الأسرة الأولي، فيما انتشرت «الكارت بوستال»، تلك البطاقات البريدية التي تم طبع الكثير من الرسومات للشخصيات الفرعونية عليها، وذلك قبل انتشار الصحافة المصورة في العالم، حيث تم اكتشاف مقبرة "طرخان" ووجد فيها الكثير من المنسوجات الكتانية والنول، والتوابيت المصنوعة من خشب السنط، وعُثر علي 600 قبر بالمنطقة.
ويضيف فرنسيس أمين أن اكتشاف الملابس تم فى عدة مقابر حيث وجدت بشكل كبير وخاصة الكتان، مؤكدا أن هناك دور كبير فى الأفلام السينمائية لشيوع الملابس وبالأخص فيلم كليوباترا بطولة الفنانة إليزابيث تايلور، والذي صمم له الملابس المخرج والفنان العالمي المصري شادي عبد السلام، فمن خلاله انتشرت الملابس الفرعونية، مؤكدا أن من أشهر الفنانات اللاتي ارتدين الملابس الفرعونية منيرة المهدية، وعزيزة أمير، ولبنى عبدالعزيز، مؤكدا أن الأغرب أن فيلم "عروس النيل" واسم البطلة هاميس ليس له وجود فى الحضارة المصرية القديمة، ورغم ذلك انتشر في أذهان الناس كأنه اسم فرعوني.
وأكد أنه منذ اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وتم وضع الملابس الفرعونية في الاستوديوهات، حيث يوجد في تاريخ الفوتوغرافيا صورا لمصريين التقطوا لأنفسهم بعض الصور بالزى الفرعوني القديم، كما انتشرت تلك الصور في حفلات التخرج حيث ارتدى الطلبة الملابس الفرعونية في بداية ثلاثينيات القرن الماضى.
جدير بالذكر أن حفل تخرج كلية الطب بجامعة المنيا بالأمس ،قد شهد ارتداء الخريجات للملابس الفرعونية.
إليزابيث تايلور فى دور كليوباترا
منيرة المهدية بالزى الفرعوني
لبني عبد العزيز فى دور هاميس
لبني عبد العزيز فى دور هاميس
الأزياء الفرعونية 
الأزياء الفرعونية