Close ad

الجائز والممنوع في فَتَاوَى الطَّلاق.. الأزهر ودار الإفتاء هما أهل الاختصاص

23-9-2021 | 16:25
الجائز والممنوع في فَتَاوَى الطَّلاق الأزهر ودار الإفتاء هما أهل الاختصاص...
سناء مدني
نصف الدنيا نقلاً عن

الطلاق أبغض الحلال إلى الله؛ فبه تهدم أسر قائمة، ويشرد أولاد كانوا يعيشون فى ظل أب وأم تحت سقف واحد. وللأسف الشديد كثير من «المشايخ» مدعى العلم يتصدون لفتاوى الطلاق، لذلك حذر الدكتور مجدي عاشور مستشار مفتي الجمهورية من خطورة إصدار غير المتخصصين فتاوى في أمور الدين وبخاصة الطلاق، مؤكدًا أن هذه الفتوى لها أبعاد معينة يجب مراعاتها وعلى الزوج الذى يسأل عن فتوى الطلاق التوجه إلى المؤسسات المختصة مثل دار الإفتاء والأزهر الشريف. 

موضوعات مقترحة

أكد د. مجدى عاشور أن دار الإفتاء تملك خبرة كاملة فى التعامل مع ملف الطلاق، سواء من ناحية الفقه أو من خلال الواقع، مشددًا على أن المجتمع يعانى بشدة ممن يفتون فى الطلاق بأنه واقع رغم أنه يتبين فيما بعد لدى دار الإفتاء أنه غير واقع. كما ذكر أن كل حالة قد تختلف عن الأخرى، وهو ما يجب مراعاته، وتابع: «الطلاق ألفاظ وأيضًا نوايا وقصود».

بينما يؤكد الدكتور إسماعيل عبدالرحمن أن الفتوى أمانة فى عنق المفتى ولا بد من أن يكون من أهل العلم والفقه خصوصا، أما فتاوى الطلاق فيشترط العلم بكل أحكام الطلاق وحكمه وعدد مرات الطلاق والطلاق الرجعى والبائن بنوعيه، والصريح والكناية والمنجز والمعلق وطلاق الغضبان، والفرق بينه وبين الظهار والخلع وغير ذلك من أحكام الطلاق؛ فكل نوع من هذه الأمور له شروط يجب تحققها، ويجب على الذى يفتى السماع لكلا الزوجين حتى تكون الفتوى على بينة وبصيرة.

أهل الذكر

ويكمل الدكتور محمد عزالدين، الأستاذ بكلية الدعوة فى جامعة الأزهر، قائلا: فتوى الطلاق يجب أن تصدر عن لجنة الفتوى بالأزهر أو دار الإفتاء المصرية، لأن هاتين المؤسستين بهما مختصون على أعلى درجة من العلم والمعرفة بالأحكام الشرعية، كما أنهم يتعرضون للكثير من القضايا الشرعية التى ترد إليهم كل يوم. فالذى يتصدى للإفتاء فى قضايا الطلاق لابد أن يكون عالمًا بالقرآن الكريم وتفسيره والناسخ والمنسوخ، وأن يكون دارسا لسنة سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم وعالما بالفقه وكل المذاهب. وقد جاء فى الحديث الشريف الذى رواه عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قول النبى «ثلاث مسائل من تعلمها فقد تعلم العلم الحج والطلاق والمواريث» وقال تعالى «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» وأهل الذكر فى الفتوى هم علماء الأزهر ودار الإفتاء المصرية. ويؤكد الدكتور عزالدين أنه يجب على من يفتى فى أمور الطلاق الاستماع لكلا الزوجين حتى تتضح له المسألة؛ فالطلاق أبغض الحلال إلى الله، ويجب ألا يقع إلا إذا استحالت العشرة ووجود نفور شديد من كلا الزوجين تجاه بعضهما.

والطلاق نوعان طلاق سنى وطلاق بدعى - والكلام مازال على لسان الدكتور محمد عزالدين - فالطلاق السنى هو الذى يقع فى غير مدة جامعها فيه وليست حاملا ولا آيسة ولا صغيرة للتأكد من براءة الرحم، وحتى لا يقع الطلاق وبعدها يعلم الزوج بحمل زوجته فيندم أشد الندم. أما الطلاق البدعى وإن كان مكروها أو محرما لكنه يقع على رأى جمهور الفقهاء، وقد صح أن عبدالله بن عمر، رضى الله عنهما، طلق زوجته وهى حائض، فسأل عمر الرسول عن ذلك فقال: «مره فليراجِعها ثم ليمسكها حتى تطْهر ثم تحيض ثم تطْهر، فإن شاء أمسكها وإن شاء طلقها قبل أن يجامع» ورغم وقوع الطلاق البدعى صحيحا فإنه مخالف للسنة النبوية الشريفة.

آثار اجتماعية

وعن تأثير فتاوى الطلاق من الناحية الاجتماعية يقول الدكتور حسن الخولي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة عين شمس: إن الطلاق من أخطر القضايا الاجتماعية لأن تأثيره لا يكون على الأسرة فقط بل يمتد ليشمل المجتمع ككل، ولابد فيمن يتصدى للفتوى فى الطلاق أن يكون من ذوى العلم والتخصص وأن يستمع لكلا الطرفين حتى لا يدعى الزوج ما لم يقع، أو تصف الزوجة الأمر بشكل مختلف وأخطر هذه القضايا مسألة الطلاق الغيابى، فقد يطلق الزوج زوجته ويعيش معها من دون أن تعلم أنها مطلقة، وهذا ناتج عن خراب الذمم وقلة الدين. وقد حدد لنا القرآن لكريم طريقة التعامل مع الخلاف أو الشقاق بين الزوجين من خلال  العظة والهجر فى المضاجع، ثم الضرب غير المبرج، ثم حكما من أهله وحكما من أهلها.. قال تعالى «وَاللَّاتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِى الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا».

وقال تعالى: «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا». 

وهذه الإجراءات واجبة قبل وقوع الطلاق، لأنه موضوع خطير لم يترك للأهواء البشرية ويجب ألا يتم تحت تأثير غضب أو انفعال أو نحوه. ولا شك فى أن الطلاق الغيابى من دون علم الزوجة ظلم فادح لها، ويجب أن يعاقب القانون الزوج على هذا الأمر. كما يجب أن تتم التوعية الكافية من وسائل الإعلام والمساجد والكنائس تجاه هذه القضية التى تهدد أواصر المجتمع، والتى يجب أن تتم طبقا للأصول الشرعية السليمة وتحت إشراف المتخصصين من الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، فبعد وقوع الطلاق قد يتشرد الأولاد ويقعون فريسة للانحراف أو الإدمان وغيره، وبذلك يصبحون قنابل موقوتة داخل المجتمع، فالطفل الذى ينشأ فى ظل التفكك الأسرى يصاب بعقد نفسية وأمراض مجتمعية خطيرة. ولهذا يجب الحفاظ على الأسرة قدر الإمكان، إلا إذا استحالت العشرة فيصبح الطلاق طريق النجاة، وبعد وقوعه يجب على كلا الطرفين احترام الآخر وعدم ذكر مساوئه أمام الأبناء لكى تستقيم الحياة.

وينصح الدكتور حسن الخولى الشباب المقبلين على الزواج بالتريث فى قرار الزواج وعدم الانسياق وراء العواطف؛ فالزواج يجب أن يقوم على التكافؤ العلمى والاجتماعى والاقتصادى والثقافى وغيره. كما يجب أن يتعلم كلا الطرفين أن يقوم بالدور المكلف به، لكى تستقيم الأسرة ويصبح الرجل والمرأة مسئولين عن الحياة المشتركة التى تقام بينهما، حتى لا يصل الأمر إلى الطلاق ويخسر الجميع.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة