Close ad

ثابت أمين عواد يكتب: الاهتمام الرياضي المفقود

4-9-2021 | 17:44

كشفت نهاية بطولة الأولمبياد الصيفي في طوكيو، وبطولة الدوري العام المحلي الأسبوع الماضي، عن مدى الاختلالات التي تعاني منها الرياضة المصرية في البطولة العالمية، وعمق الفجوة القيمية والسلوكية التي أصابت العلاقة مع الرياضة بعد نهاية البطولة المحلية.

ندرك جميعا أن المشاركة في الأنشطة الرياضية والبدنية توفر فوائد اجتماعية وصحية عديدة، فهي تؤثر إيجابيا على اللياقة البدنية، وتربي لدي صغار السن خيارات وأساليب حياة صحية جيدة، بل وتساعد على مكافحة الأمراض، بعد أثبتت دراسات منظمة الصحة العالمية قدرة التمارين البدنية على تنشيط الصحة العقلية الإيجابية، كما تعزز ثقة الإنسان بنفسه، فضلا عن تحقيق أهداف إيجابية في مجالات الصحة والتعليم الجيد والاندماج الاجتماعي.

وعكست حصيلة الميداليات والنتائج والترتيب العالمي للدول الحال الرياضي ومدى الاهتمام بالرياضة ومستواها في كل بلد، وبالنسبة لمشاركات فرقنا ورياضيونا، فقد كانت اللعبات الفردية لها الصدارة، بعد أن حقق أبطال مصر في اللعبات فيها مراكز جيدة وحصلوا على ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية، وبالرغم مما تحقق، وهو متواضع بالنسبة لتاريخ مصر وحجمها، وجاء نتيجة لجهود اللاعبين الذاتية واجتهادهم الشخصي في البطولة.. باستثناء كرة اليد، فقد حصل لاعبونا على 6 ميداليات منها الذهبية التى حققتها لأول مرة فى الأولمبياد طوكيو 2020 ، فريال أشرف لاعبة الكاراتيه، والفضية لأحمد الجندى في الخماسى الحديث، و4 ميداليات برونزية عن طريق هداية ملاك لاعبة التايكوندو، وسيف عيسى بطل التايكوندو، ثم محمد إبراهيم كيشو بطل المصارعة وجيانا فاروق لاعبة الكاراتيه..وكانت كرة اليد هي اللعبة الجماعية الوحيدة التي تمكن منتخبنا الوطني من أن يصبح أول فريق عربي وإفريقي يصل للمربع الذهبي في تاريخ الأولمبياد.

وبعد أن كانت مصر من بين الدول الرائدة التي شاركت البطولات الدولية منذ نحو 60 عاما، بل كان رياضيوها من المؤسسين لاتحادات رياضية عالمية " اي قبل ميلاد ونشأة دول تسبقنا حاليا في المجال الرياضي"، فان ماتحقق ضئيل ولا يتناسب مع دولة بحجمها، لأن الرياضة كالتعليم، تحتاج إلى عشرات السنين واهتماما شاملا في مجالات التمويل والإعداد والصحة والإنشاء والتربية والتعليم، فهي بمثابة تعبئة شاملة على مدي سنوات من الاهتمام والمتابعة، حتي نتوقع نتائج مرضية..فهل لدينا إستراتيجية رياضية نتلافي فيها الأداء المتواضع في البطولات العالمية، ويحقق لاعبينا المكانة والترتيب المناسب لبلدهم ولجهدهم.

ولابد من إعادة النظر في قانون الرياضة الجديد، الذي يمنح الهيئات الرياضية الكثير من اختصاصات وزارة الشباب والرياضة، دون أن يوفر له هذا القانون القدرات الفنية والإدارية التى تمكن من التأثير والتطوير والتمويل اللازم للرياضة والرياضيون، إضافة إلى غياب برامج التأهيل للموارد البشرية  وافتقاد المنظومة لإنشاء كوادر فنية وإدارية..

وحول البطولة المحلية، فقد كان من المتوقع والمعتاد أن تشهد نهاية بطولة الدوري العام لكرة القدم، أكبر بطولة كروية، احتفالا واحتفاء بنهاية مسيرة كروية على مدي يقترب من العام، إلا أن ماحدث جاء مغايرا تماما وعاكسا لحجم المأساة الرياضية والتربوية التي أصابت المجتمع الرياضي..

فقد فوجئت غالبية الأوساط الفنية والرياضية والإعلامية بسرادقات للعزاء نصبتها غالبية الشاشات الخاصة والعامة والفضائيات ونشرت خلالها مشاعر الحزن، بدلا من إشاعة البهجة والفرحة بنهاية بطولة وحصول ناد "مصري" منافس، على البطولة..وكأن عبارة ومبدأ المنافسة الكروية، حل مكانه عبارة احتكار البطولة لمصلحة ناد دون آخر.

فقد شهدت الشاشات ومواقع "السوشيال ميديا" ووسائل الإعلام  بأشكاله وألوانه ومقاولوه حالة من الحشد والتعبئة والاستنزاف وكأنها حالة حرب، من المتوقع والطبيعي أن يفوز بها ناد وينهزم الفريق المنافس، بعد أن أوحي الإعلام، لجانب معتبر من جمهور المشجعين، وغرر بهم وأوهمهم، ان مجرد ناد يحقق فوزا متتاليا بالبطولة، من حقه أن يحتفظ بها مدي الحياة، إذا كانت الرياضة هكذا فبأس الرياضة.

متي يعود الاحترام للرياضة، فمن المنطقي والطبيعي أن يسود مبدأ أن الكرة مكسب وخسارة، وليس مكسبا مطلقا، ومع غياب هذا المبدأ فانه يسمح لأعداد المستفيدين من الجدل الكروي بشكل مذهل وبعض مقدمي البرامج، وصفحات "السوشيال ميديا " وجمهور المتعصبين  من ترويج الإشاعات واختلاق المواقف لان ذلك جانب مهم من عملهم  ونشاطهم وحياتهم، وفي الطريق تختفي فيها قيم الحوار، وينتشر معها اختلاق المواقف وتربص الأخطاء.

هل من أمل في موسم كروي جديد نظيف يخلو من الكراهية والبذاءات والملاسنات، والتعصب المقيت، موسم تختفي فيه أمراض نفسية تنتشر في كثير من الأوساط، نتمنى موسما تسوده العدالة والروح الرياضية في إطار من المحبة واحترام القيم التربوية، فلم يعد التغلب على الدول في حاجة إلى أسلحة تقليدية مدمرة، بل يكفي لهذا، تدني الأخلاق، وفساد الأذواق، وصناعة الجهل بإهمال القيم التربوية في التعليم والثقافة، وتأتي الرياضي في صدارة المشهد.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة