Close ad

نجلاء محفوظ تكتب: حواء بعد الطلاق

28-8-2021 | 12:53

يسارع من يتعرض لأي جرح "بتنظيفه" وتطهيره وعلاجه حتى لا يزيد ويسبب ألمًا أشد ويترك "ندوبًا" أو يتحول لمشكلة مزمنة.. هذا ما يغيب عن معظم المطلقات؛ فبدلًا من مداواة "جروح" الطلاق النفسية، ولا طلاق في الكون لا يعقب جروحًا للجنسين؛ ونستثني - من الجنسين - من يتزوجون ولديهم النية في الطلاق بعد الحصول على هدفهم المادي من الزواج أو الطلاق بعد الخيانة للزواج من الشريك بالخيانة. 

أما في الظروف الأخرى فحتى من تطلب الطلاق للضرر ولاستحالة الحياة فبداخلها "ألم" فهي اضطرت لهذا الاختيار ولم تتمناه يومًا..

ودومًا يخلف الشعور بالاضطرار بعض من الوجع الخاص؛ ما لم ننتبه لطرده يتوغل - لا قدر الله - ويزرع الشعور بالمرارة وسوء الحظ ويؤثر بالسلب على النظرة للحياة ولعمر صاحبه "ويسرق" منه الرضا عن نصيبه بالحياة، والرضا هو "أكسجين" الصحة النفسية والتي يؤثر نقصانها على التعاملات الاجتماعية وعلى الصحة الجسدية وعلى كل تفاصيل الحياة اليومية..

تلجأ حواء كثيرًا بعد الطلاق "للدفاع" عن نفسها وكأنها متهمة! فتحكي للمقربين وقد تكتب على وسائل التواصل الاجتماعي كيف "ناضلت" لاستمرار الزواج رغم "مساوئ" الزوج وبشاعته لمنع هدم البيت ومعاناة الأبناء..

المؤكد أن الطلاق ليس نهاية الحياة للمطلقين ولا لأبنائهم؛ فقد شُرع عند استحالة استمرار الزواج بما يحويه من مودة ورحمة وهو أكثر "رحمة" من العيش بزواج يتفنن فيه الزوجان في تبادل التنغيص ويدفعان الأثمان الباهظة هم والأبناء؛ ونرفض التسرع في الطلاق لأتفه الأسباب ونطالب بالتمهل والتأكد من استنفاد كل فرص الإصلاح بين الزوجين قبل "التفكير" بالطلاق..

نتمنى أن "تتوقف" كل مطلقة عن الدفاع عن نفسها؛ فهي ليست متهمة وطلاقها شأن "يخصها" وحدها ولا يحق لأحد سؤالها عن أسبابه؛ وعليها "ردع" من يلح بالسؤال بحزم وبلا عدوانية أو حدة؛ فسيدفعان صاحب السؤال للتمادي إن كان سيئًا وستفقد علاقاتها بالجيدين.

ولترد بالشكر على الاهتمام بها وأنها لا ترغب بالكلام عن طلاقها وتغير مسار الحديث وإن أصر تغادر المكان بهدوء؛ وسيعتادون احترام رغبتها.
ولتتذكر أنها بحديثها عن أسباب الطلاق قد تعتقد أنها تفوز ببعض التعاطف وكيف أنها رائعة وأن مطلقها "الوغد" لا يستحقها؛ والحقيقة أن هذا التعاطف المكذوب غالبًا بهدف المجاملة من النساء والرغبة بالسيطرة عليها من بعض الرجال يعزز داخلها الشعور بأنها ضحية ويؤذيها ويلون عمرها بالكآبة والحزن.

المؤكد أن كل طلاق بالكون "يساهم" به طرفاه بنسب متفاوتة ولو كانت بسوء الاختيار أو التسرع بالزواج والتغاضي عن العيوب القاتلة؛ ونذكر ذلك ليس لإنهاك النفس باللوم ولكن لطرد الشعور بالضحية وللتعلم من التجربة والاستفادة منها عند الإقدام على الزواج الثاني ولإفادة الأبناء أيضًا.

تعمد المطلقة أحيانًا للمبالغة بالاهتمام بجمالها وأحيانا باتباع نظام قاسٍ لإنقاص الوزن؛ لإغاظة زوجها السابق أو لإثبات له وللجميع أنها أصبحت أفضل بعد الطلاق وأنها "أفاقت" لنفسها وتعيش حياتها الجديدة بسعادة وتبالغ في نشر صورها على وسائل التواصل..

نرحب وندعم اهتمام حواء بكل مراحل العمر بجمالها وبرشاقتها وهو من أحد أسباب الرضى عن النفس؛ شريطة ألا يكون ذلك لجذب انتباه آدم أو لرد الاعتبار بعد الطلاق؛ فلا تحتاجه، فهي غالية بكل حالاتها ولا داع لتحميل نفسها أعباءً نفسية "إضافية" والأفضل "التفرغ" لمداواة جرحها والتخطيط لحياة جديدة ناجحة وسعيدة تستحقها.

 تميل بعض المطلقات إلى سرد حكايتها مع مطلقها وكيف تعارفا وتبالغ بمدحه وكيف أن الظروف لم تساعدهما وأنها حريصة على صداقته بعد الطلاق إكرامًا للعشرة ولصالح الأبناء.

والثابت أن "أكذوبة" الصداقة بعد الطلاق تشبه الصداقة بعد انتهاء قصة حب؛ ففي الحالتين "يتوهم" طرف أن الآخر يرغب في العودة إليه "وينتظر" ذلك وتمر الأعوام ولا يحدث وكثيرًا ما يصدم بزواجه من غيره.

الأفضل الحرص على تعامل محترم وبأضيق نطاق؛ خاصة عند زواج أحد الطرفين.

تلجأ بعض المطلقات - مع الأسف - لنشر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تسخر فيها من "أشباه" الرجال؛ وتشعر بالتنفيس عن غضبها وتسيء لنفسها كثيرًا وإن حصدت إعجاب رجال ونساء؛ فلا أحد يقدر من "يشهر" بشريك حياته ولو كان كتلة من العيوب. 

تبالغ بعض المطلقات بالتعامل وكأنها بلا مشاكل وتحكي للجميع أنها تخلصت من عبء الزواج وأنها أصبحت "حرة" بحياتها؛ ونود أن تحتفظ كل مطلقة بأسرارها الشخصية لنفسها وعدم بعثرتها على الناس بالواقع وبوسائل التواصل؛ فكلما قل ما يعرفه الناس عن حواء عامة والمطلقة خاصة؛ زاد تقديرهم لها وقلت مشاكلها "وتفرغت" للفوز بإدارة أحسن لعمرها ولتربية أولادها أيضا..

ترفض بعض المطلقات أي تدخل للأهل بحياتها وتراه تقليلا من قدرتها على الحكم بالأمور وتتعامل معه بحساسية زائدة تؤلمها "وتحرمها" من الاستفادة من نصائح الأهل؛ وكلنا "نحتاج" للنصيحة؛ ونود أن تستمع بلا رفض مسبق؛ فقد تجد ما يفيدها وإن لم تجده فلتشكر صاحب النصيحة ولا تنفذها ولا تتسبب بتوتر علاقتها بأهلها، ولا تبحث عن "سند"؛ فلا تحتاجه فالرحمن سيقويها متى لجأت إليه بصدق وستجتاز محنة الطلاق وتصبح أفضل.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة