كنت طفلة صغيرة، أشاهدهم باستمرار في إعلانات التليفزيون، وأتمايل على صوت فاطمة عيد وهي تقول "حسنين محمدين زينة الشباب لاتنين"، كنت طفلة لا أفهم معزي الإعلان، لكن مش مهم، فهو ليس موجه لي، ربما غيري أدرك المغزى، ليس هذا الإعلان فقط الذي أستعيده من ذاكرتي، هناك العديد من الإعلانات، ومنها إعلان ماما كريمة مختار، الذي يتخلله مشاهد تمثيلية لعودة الزوج فجاءة من السفر، وضرورة استخدام الوسيلة بانتظام وغيرها من الدروس المستفادة.
وفجأة وبالتدريج اختفت تلك النوعية من الإعلانات للأبد، وتحولت إعلانات الأكل والشرب ومسحوق الغسيل هي التي تتربع على عرش الشاشات، وطبعًا هذا طبيعي لأن المسئول عن إعلانات التوعية السكانية وتحديد النسل هي الدولة وليس الأفراد أصحاب المنتجات.
رفعت الدولة يدها عن توعية المواطنين بخطورة الزيادة السكانية في الفترة السابقة، فمن يرغب في الإنجاب فلينجب، ومن لا يرغب فبراحته، وهذا نتج عنه أن مصر تخطت منذ أيام قليلة حاجز الـ١٠٠ مليون نسمة، وهذا ما كشفه اللواء خيرت بركات رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، مؤكدًا أنه من المتوقع أن يصل عدد السكان إلى ١٩٢ مليون نسمة في عام ٢٠٥٢، أما في حالة تكثيف جهود الدولة الشاملة لخفض معدل الخصوبة سيصل عدد السكان إلى ١٤٣ مليون نسمة في نفس الفترة، أي بفارق ٥٠ مليون وهو يساوي سكان عدة دول.
إذن على وزارة الصحة والسكان أن تلعب دورًا أكبر في مواجهة تلك الزيادة، يجب على الوزارة وخاصة على المجلس القومي للسكان مشاركة وزارة التضامن وعدد أكبر من المؤسسات والمجتمعات الأهلية، للنزول إلى أرض الواقع والتعامل مع المحافظات الأكثر إنجابًا بشكل مباشر، حيث يعد الصعيد هو المورد الأول للسكان كما صرح بذلك رئيس الجهاز المركزي للتعئبة والإحصاء، وينتج عن تلك الزيادة انخفاض لنصيب الفرد من المياه والخدمات التعليمية والصحية، وزيادة الضغط على المرافق والخدمات.
فلماذا لا تعود نوعية إعلانات "حسنين ومحمدين" مرة أخرى في الوقت الذي نعيش فيه أعلى كثافة سكانية؟ ولماذا لا تحتل الصدارة في إعلانات رمضان أكثر الأوقات مشاهدة؟
يجب أن تتكاتف أجهزة الدولة معًا بدلا من العمل منفردة كل وزارة على حدة لمواجهة أخطر مشاكل الدولة في الفترة الحالية.
[email protected]