رحلات صيفية طويلة يخوضها سيد قناوى 32 عامًا بقنا، فى زراعات البطيخ فى الدلتا والصعيد؛ لجلب البطيخ وبيعه؛ مما جعله مهيئا أن يعرف جيداً أصناف البطيخ المتنوعه وتاريخه، وماهى الأصناف التى انقرضت دون رجعة، مثل البطيخ البلدى "الكبير" الذي كان يُزرع فى الصعيد.
وفي اليوم الدولي للبطيخ الأحمر، نستعرض في هذا التقرير تاريخ زراعة البطيخ في مصر وأهم أصنافه الموجودة والمنقرضة.
رغم انتماء البطيخ للخضروات، إلا أن أهل الصعيد يعتبرونه من الفاكهة، حيث يؤكل مع الجبن كطعام خفيف، فالثمرة الدائرية التى تطرح فى الأسواق الشعبية، هى مادة لتخفيف آلام الصيف والعطش، وغنية بالفيتامينات، ومهدئة أيضا للأعصاب، كما أنها وجبة الفقراء وبسطاء الحال وكذلك الأغنياء؛ لذا يتم طرحها بأوزان مختلفة، فالبطيخ فاكهة الجميع بلا استثناء.
بيع البطيخ فى مصر زمان سيد قناوى يؤكد لــ"بوابة الأهرام" أن ما بقى من البطيخ المصري هو البعلى الذي يُزرع فى الدلتا فقط، حيث تعد الدلتا أكثر المناطق زراعة للبطيخ خلاف الصعيد، مؤكداً أن من أهم أنواع البطيخ فى الوقت الحاضر هى:"سكاتة، والنمس الطويل، وبطيخ مطعوم بقرع عسلى، وبطيخ نميرو، وبطيخ ستار، والجيزة وطنية، وجيزة مطعوم".
تذكرك رحلات الشاب سيد قناوى من أجل مهنته كبائع بطيخ محترف فى الصعيد، بتلك الرحلات التى كان يقطعها المرشدون الزراعيون وينشرونها فى المجلات الزراعية المتخصصة، ويستعرضون فيها أنواع وتاريخ البطيخ المصري وأنواعه، مثل رحلة المهندس الزراعي أحمد الشال أفندى بفاقوس، وهى الرحلة التى تنشر "بوابة الأهرام" مقتطفات منها، حيث استعرض الشال، أنواع البطيخ عام 1938م بمنطقة الصالحية، وبدأ رحلته بالبطيخ البعلى، وهو البطيخ الذي مازال مصمما على التواجد فى الزراعات وفى السوق المصري.
زراعة وبيع البطيخ فى مصر يؤكد المؤرخون أن زراعة البطيخ كانت تُدر ربحًا وفيرًا على المزارعين، يفوق أى محصول آخر، بينما تعد إفريقيا هى الموطن الأصلى للبطيخ، وقد عرفت مصر البطيخ منذ أقدم العصور حيث وُجد فى نقوش المقابر، كما وجدت بذوره فى مقبرة توت عنخ آمون، ولم تعرف أمريكا البطيخ إلا من خلال الأوروبيين، وقد نجحت زراعته فى أمريكا؛ مما جعلها من أهم الدول فى زراعة البطيخ.
ويؤكد الشال أن منطقة الصالحية بمصر امتازت بزراعة نوع من البطيخ يُطلق عليه "اليافاوى" وله 4 أصناف، هي: المحيسنى، وقراريطى، وعكاوى، وأبوزا بورا، وهو من أكبر الأصناف بشكل مستطيل، وبذوره صغيرة وعليه خطان.
زراعة وبيع البطيخ فى مصرقديما كان يمتاز البطيخ المحيسنى بأنه متوسط الحجم، وسطحه الخارجى عليه خطوط دقيقه، وهو مرمل، وحجمه كبير، ومن أحسن الأنواع من حيث الطعم وخواص اللب، أما عكاوى فلونه أخضر داكن وحجمه كبير وثمره قليل، وقد تم إدخال زراعة نوع من البطيخ يطلق عليه "شليان بلاك"، وكانت زراعته متوسطة النجاح، كما أنه لايتحمل النقل.
ينقلنا سيد قناوى لبطيخ الزمن الحاضر، مؤكداً أن نوع "سكاتة" يمتاز باللمعة هو الأكثر شيوعًا، مؤكدا أن بطيخ "الشلن" مازال يتردد اسمه فى الأسواق، إلا إن التطورات الأخيرة فى الزراعة غيرت الأسماء والأنواع، فلم يبق سوى البعلى، وهو يزرع فى الدلتا، كما أن هناك أنواع تغيرت اسمائها بسبب مرور الزمن فلا يعرفها الجيل الحالى، لافتاً إلى أن "البطيخ الأصفر" هو بطيخ مطعم، وليس بطيخ بذر، فهناك فرق بين البطيخ البذر الذي يزع بالبذور والبطيخ الذي تتم عليه تجارب قبل زراعته فى التربة.
زراعة وبيع البطيخ فى مصر يطالع قناوى كل جديد فى عالم زراعة البطيخ والخضروات فى وسائل الإعلام وصفحات السوشيال ميديا، كما يتابع كل جديد فى أنواع الفواكه الآخري، ويقيم علاقات مع المزارعين للبطيخ فى كافة نواحى مصر فهم أصدقاؤه الأوفياء، ومن أجلهم يتكلف رحلات من الصعد الجوانى للالتقاء بهم فى الدلتا.
ويضيف قناوى، أن البطيخ يزرع فى الأرض الرملية وليست الطينية، وبعد انتهاء وانقراض زراعة البطيخ البلدى ذو الحجم الكبير فى الصعيد، صارت زراعة البطيخ محصورة فى وادى النقرة بأسوان وبعض المدن بها، والواحات، وإسنا، والمنيا فقط.
زراعة وبيع البطيخ فى مصرأما الدلتا فمن أشهر مناطق الزراعات فيها، هى: بلطيم، كفر الشيخ، مركز بدر بالبحيرة، الضبعة، الحمام، بالإضافة للإسماعيلية من مدن القناة، مؤكدا أن بطيخ الدلتا يلقى شيوعا كبيرا فى الصعيد بسبب جودته .
وبالعودة إلى الماضى، ففى عام 1938م كانت تتم زراعة البطيخ فى مثل هذه الأوقات من شهر أغسطس وسبتمبر، وكانت تفج الأرض من الشرق للغرب على بعد قصبة ونصف القصبة لوضع البذور، وفى الأراضي المرتفعة كانت تفج الأرض قصبتين، وكانت الزراعة عبارة عن خطوط ومصاطب، كما كان المزارعون يصنعون سياجًا من الجريد لمنع الرياح، غير أن بعض الأراضي تبدأ زراعة البطيخ فى أكتوبر، حيث يبدأ الري باستمرار لمدة 20 يوما، أما إذا كان الري بالمناوبات فتطلق من أولها لآخرها وبعد الري مباشرة تبدأ عمليات زراعية أخري.
زراعة البطيخ في مصر سيد قناوى يؤكد لــ"بوابة الأهرام" أن البطيخ البعلى يحتاج لمياه، وهو مرمل وبه مياه، وربما لهذا السبب فإن بيعه فى الأماكن القريبة من المزارع أفضل كثيرا من نقله لأماكن بعيدة، مؤكدا أن موعد زراعات البطيخ تغيرت وخاصة فى الأصناف الجديدة فبعض المناطق فى أسوان تبدأ الزراعة فى شهر يناير، ويتم الحصاد فى شهر أبريل، وكذلك البطيخ الصحراوى ـ أما فى بعض المناطق فى كفر الشيخ فتبدأ الزراعة مابعد يناير، مؤكداً أن هناك تقاليد متعارف عليها فى نقل المحصول من المزارع للأسواق، وهى تقاليد تخص التجارة ويعرفها أبناء السوق، فأن تكون عاشقاً للبطيخ خلاف أن تكون مهنتك وحياتك كلها هى البطيخ وزراعته وبيعه.
الشال المهندس الزراعى فى عام 1938م، أعطانا صورة عن سماد البطيخ فى عصره، وذلك قبل شيوع المخصبات الزراعية والأسمدة الكيماوية فى عصرنا الحديث، حيث كان يتم تسميده بالسماد الطبيعى؛ لذا كان طعمه أشهى، حيث يتم وضع زبل الحمام ومخلفات الطيور، وكان يعطى لكل مئة قصبة 8 زكائب كبيرة من مخلفات الطيور، وكان يتم وضع السماد الطبيعى قبل الزراعة بثلاثة أيام، والثانى بعد تخفيف النباتات، وكان لايتم وضع كيماويات للبطيخ.
أما فى عصرنا الحالي فيؤكد سيد قناوى أن البطيخ الذي تتم زراعته بأسلوب الزراعة الحديثة وهى التنقيط هو البطيخ الجيد الذي لا يُعلى عليه، مؤكدا أن بطيخ الصوبات الزراعية جيد هو الآخر، لافتاً إلى أن أهالى بعض المناطق فى الدلتا أجبروا على راحة أراضيهم من زراعة البطيخ كل 3 سنوات؛ كى تستعيد الأرض عافيتها، مؤكدا أن عالم البطيخ المصري واسع جدا، وأن من يأكله بخلاف من يزرعه ومن يتاجر فيه ويقدمه للجمهور فى شهور الصيف.