بين الحين والآخر يتساءل البعض عن مشروعات الطرق والكباري، وكذلك مشروعات البنية الأساسية التي يجري تنفيذها بمصر باستثمارات ضخمة، مبعث السؤال غالبًا لا يرتبط بمدى جدوى هذه المشروعات، ولكنه يرمي إلى ضخامة استثماراتها والتي تجاوزت التريليونات الستة، كما أوضح الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، خلال العقود الماضية كان يجري افتتاح العديد من المشروعات بعضها لم يكن مكتملًا، ولكنها لم تكن أبدًا بمثل هذه الاستثمارات الكبيرة.
الفارق الجوهري فيما كان يجري تنفيذه من مشروعات في الماضي وما يحدث حاليًا هو الرؤية التي كانت هذه المشروعات تترجمها، ففي الماضي كانت المشروعات تجرى لعلاج مشكلات حادة شديدة، أو تخاطب المستقبل القريب، لذلك اعتدنا وقتها أن نرى مشروعات تم افتتاحها فعليًا ثم يجري استكمالها أو إصلاح عيوب كثيرة بها.
حاليًا المشروعات تجري في مسارات عديدة تعكس رؤية مختلفة تخاطب الحاضر والمستقبل معًا، بالنسبة للمشروعات القائمة يجري إعادة تأهيلها بشكل جذري لا يستهدف حل مشكلة آنية لفترة مؤقتة؛ بل يجري إعادة التأهيل للوصول بها إلى المستوى الذي يناسب المستقبل؛ سواء من ناحية القدرة الاستيعابية أو من ناحية جودة الخدمة أو السلع التي تنتجها هذه المشروعات.
النظرة المتأنية لما يجري توضح أن تبني القيادة السياسية لتنفيذ مشروعات البنية الأساسية، خاصة الطرق والإسكان والصرف الصحي وغيرها في المناطق غير المأهولة حاليًا يستهدف بالأساس منع تكرار أخطاء الماضي التي ولدت مجتمعات عمرانية عشوائية غير مخططة تتكلف عمليات إعادة تأهيلها أضعاف تكلفة تخطيطها حاليًا.
ما أتحدث عنه من رؤية مختلفة في تخطيط وتنفيذ المشروعات ليس مقصورًا على مشروعات الطرق أو الإسكان، بل يمكن ملاحظة الأمر نفسه في مشروعات التنمية الزراعية مثل الدلتا الجديدة أو الصوب الزراعية أو الاستزراع السمكي أو تطوير وتحديث الريف المصري، وكذلك المدن الجديدة التي يتم تشييدها وفقًا لأحدث النظم والإمكانات العالمية.
أيضًا مشروعات تصنيع الدواء أو تعميق التصنيع المحلي في المجالات المختلفة أو الجامعات الجديدة الأهلية والخاصة كلها مشروعات ترمي إلي تحقيق حلم مصر الفتية القوية، ربما يعتقد البعض أننا نشق على أنفسنا ونحملها الآن بما يمكن تأجيله، هذا الاعتقاد أراه خاطئًا لا يليق بدولة نحلم بها من عقود طويلة دون أن ترى أحلامنا النور لتصبح أحلامًا مؤجلة.
سنوات مرت علينا بحلوها ومرها، كان حكمنا عليها دعنا نعيش اليوم ودع الغد إلى أن يأتي، لم يرتق سقف طموحاتنا إلى مصاف المجتمعات المتقدمة، كنا نقارن ما نحققه بما يجري بالدول الفقيرة التي تعاني لتبقى علي قيد الحياة، بقينا سنوات عديدة قانعين حقيقة أو توهمًا بحالنا، لم نختبر قدرتنا على التحدي والإعجاز.
أما الآن وبعد العديد من الاختبارات الصعبة المتتالية، أصبح لدينا اليقين بقدرتنا وإمكاناتنا، وباستحقاق وطننا العزيز مكانًا بين الكبار.
وكيل الهيئة الوطنية للصحافة