لقد عرف تاريخ السياسة المصرية، حسين باشا سري رئيسا للوزراء لأكثر من فترة خلال العهد الملكي، لكن الرجل بدأ حياته العملية فى مجال الري منذ أن تخصص فى العلوم الهندسية بمدرسة السنترال بباريس، ثم عمل سكرتيرا لمصلحة الرى ووكيلا لها بوزارة الإشغال العمومية منذ عام ١٩٢٤.
ومن بين الملفات التى عمل عليها حسين سري أثناء وكالته لمصلحة الري، فيضان عام 1935م، حيث ارتفع منسوب نهر عطبرة فجأة، وعطبرة أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل من الهضبة الحبشية، فنهر عطبرة يمد النيل بمقدار 20٪ سنويا فى شهور الفيضان، لكنه فى ذلك العام غير قواعده فى الفيضان وارتفع لمقدار 31٪ دفعة واحدة؛ مما جعل الحكومة تتخذ إجراءات مهمة شرحها المهندس والعالم حسين سري باشا، أحد أهم مهندسي الري فى مصر آنذاك، والرئيس الأسبق للبعثة المصرية فى أعالى النيل والبحيرات الكبري ونيل فيكتوريا.
تم تعيين حسين سري باشا وكيلاً لوزارة الري فى الفترة من 1928م حتى 1935م، وهى الفترة التى شرح فها ظاهرة نهر عطبرة، وقد تولى وزارة الأشغال المشرفة على الري فيما بعد، وكان له دوره وإنجازاته فى الري المصري، وقد قام بتشكيل الوزارة أكثر من مرة أعوام 1941م 1942م 1949م وكذلك فى عام 1952م آخر أعوام العهد الملكى فى مصر، وقد ألف حسين سري باشا كتابا مهما بعنوان "كتاب الرى فى مصر.. مختصر تاريخه وتطوراته"، وقد صدر الكتاب عام 1938م.
وقال حسين سري باشا فى محاضرته التى تنشر "بوابة الأهرام" مقتطفات منها، إن مياة الفيضان تأتى إلينا من منطقتين الأولى المنطقة الأستوائية ومياه هذه المنطقة هو النيل الأبيض ويغذيه نهر السوباط، وبحر الجبل، وبحر الغزال، أما المنطقة الثانية فهى المنطقة الحبشية، وتأتى المياه منها عن طريق النيل الأزرق ونهر عطبرة، وتختلف دائما المياه التى تأتى من مياه من الأفرع الرئيسية الأبيض والأزرق وعطبرة تبعا لأوقات السنة فى الفيضان، إلا إن معظم ما يصل إلينا من مياة الفيضان هو من النيل الأزرق وهى الأكثر التى تغذي نهر النيل.
وأكد أنه دائما ما تطغى مياة النيل الأزرق على مياه النيل الأبيض عند ملتقى الفرعين فى الخرطوم فتدفعها للوراء، وبذلك ينعكس سير المياه فى النيل الأبيض لمسافات بعيدة، مؤكداً أن بعض العلماء حاولوا التنبؤ بحالة الفيضان وربطوها بالرياح الموسمية الهندية وبظواهر الطقس، إلا إنه حتى الآن لم تظهر نظرية جازمة يمكن الاعتماد عليها فى التنبؤ بالفيضان، مضيفاً أن الفيضانات تتراوح مابين متوسطة وتصرفها اليومى 700 مليون متر مكعب، وعالية وتصرفها 900 مليون متر مكعب، وعالية جدا وتصرفها 1000 متر مكعب يوميا، وخارقا للعادة وهو مافوق ذلك.
ويوضح حسين سري باشا، أن فيضان النهر فى عام 1935 كان عاليا جدا، ولولا قيام المهندسين المصريين بعمل إجراءات لوصلت كمية المياه الواردة لأسوان 970 مترا مكعبا يوميا، حيث وصلت المياه عند مقياس حلفا لنحو 900 متر، وكان على مصر أن تتدارك الخطر المحدق بعمل إجراءات لتقليل إيراد النهر، فيما بين أسوان والروضة، حيث تم حجز المياه من ذروة الفيضان فى خزان أسوان لأول مرة منذ إنشائه، وقد تم ضبط مواعيد حياض الوجه القبلى، وبهذه الطريقة لم يتعد منسوب النيل عند الروضة سوى 24 ذراعا وقيراطين، ولحسن الحظ أن المناسيب العالية لم ترتفع طويلا، حيث هبطت المناسيب عند حلفا مترا ونصف فى مدة عشرين يوما.
الجدير بالذكر أن وكالة الأنباء السودانية أعلنت مساء أمس السبت ارتفاع مناسيب مياه النيل الأزرق في معظم الأحباس بالولاية، بعد ارتفاع مناسيب مياه النيل الأزرق.
وناشد محمد سليمان والي ولاية سنار المواطنين القاطنين على النيل الأزرق أخذ الحيطة والحذر، بعد ورود معلومات تقضي بارتفاع مناسيب النيل الأزرق، إضافة إلى هطول أمطار غزيرة في أعالي الهضبة الإثيوبية، وذلك تحسبا لأي فيضان، وقد أفادت لجنة الفيضان التابعة لوزارة الري والموارد المائية السودانية بأن مناسيب النيل في الخرطوم اقتربت من مستوى الفيضان، وذلك بعد أن تجاوز إيراد النيل الأزرق عند محطة الديم على الحدود السودانية الإثيوبية 600 مليون متر مكعب ، ومن المتوقع ارتفاع مناسيب النيل أيضا بنحو 30 سنتميترا خلال الساعات المقبلة.
حسين باشا سري فيضان 1935م؟ صور الوسائط الملك فاروق وحسين باشا سري كلمة حسين باشا سري عن فيضان النيل