ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في عددها الصادر اليوم السبت أن مشاعر الخوف والفزع ، أصبحت تهيمن على الشارع الأفغاني مع اجتياح حركة طالبان المسلحة لمعظم أراضي البلاد ،حتى أصبح يغادر ما لا يقل عن 30 ألف أفغاني كل أسبوع بلدهم على أمل الفرار بحياتهم.
موضوعات مقترحة
واستشهدت الصحيفة على طرحها في هذا الشأن بحوار أجرته مع مواطن أفغاني عمره 68 عاماً، قرر حشر عائلته في سيارة انطلقت في طرق ترابية متعرجة على أمل عبور الحدود إلى باكستان، بعدما رأى بعينيه عنصرين من طالبان يسحبان امرأة شابة من منزلها ويضربانها على الرصيف، ليمتلكه الخوف على بناته الثلاث، قبل أن يقرر المجازفة والهروب لطريق محفوف بالمخاطر لا يضمن له في نهاية مطافه الفوز بحياة آمنة ومستقرة.
وقال المواطن، الذي اكتفى بذكر اسمه الأول "ساخي"، لست خائفًا من ترك متعلقاتي ورائي، ولست خائفًا من بدء كل شيء من الصفر ما أخاف منه هو طالبان.
وأضافت الصحيفة: أن معدلات النزوح الجماعي في جميع أنحاء أفغانستان ترتفع يوما بعد يوم ،مع استمرار حركة طالبان في حملتها العسكرية الوحشية، التي مكنتها من الاستيلاء على أكثر من نصف المقاطعات الأربعمائة في البلاد، وفقًا لبعض التقديرات، ونتيجة لذلك ترسخت المخاوف من إمكانية عودة قاسية إلى الحكم المتطرف أو اندلاع حرب أهلية دامية بين الميليشيات المتحالفة عرقيًا.
وحتى الآن تم تهجير حوالي 330 ألف أفغاني، أكثر من نصفهم فروا من ديارهم منذ أن بدأت الولايات المتحدة انسحابها في مايو، وفقا للأمم المتحدة،ويتدفق الكثيرون إلى مخيمات مؤقتة أو احتشدوا في منازل أقاربهم في المدن، بينما يحاول الآلاف غيرهم تأمين جوازات السفر والتأشيرات لمغادرة البلاد تمامًا، واحتشد آخرون في شاحنات صغيرة يمتلكها مهربون في محاولة يائسة للتسلل بشكل غير قانوني عبر الحدود.
وفي الأسابيع الأخيرة، ارتفع عدد الأفغان الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني بنحو 30 إلى 40 في المائة، مقارنة بالفترة التي سبقت بدء انسحاب القوات الدولية في مايو، وفقًا لمنظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن ما لا يقل عن 30 ألف شخص يفرون الآن كل أسبوع.
لذلك، اعتبرت "نيويورك تايمز" أن هذا النزوح المفاجئ ربما يدق جرس إنذار بشأن اندلاع أزمة لاجئين في الوقت القريب، وهو الأمر الذي حذرت منه مراراً وكالات الإغاثة، الأمر الذي أثار بدوره مخاوف عديدة في البلدان المجاورة وأوروبا ،من أن العنف الذي تصاعد منذ بدء الانسحاب حيث أصبح ينتشر بالفعل إلى خارج حدود البلاد.
من جانبه، قال بابار بالوش، المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، في وقت سابق من هذا الشهر:" أفغانستان على شفا أزمة إنسانية أخرى.والفشل في التوصل إلى اتفاق سلام في أفغانستان ووقف العنف الحالي سيؤديان إلى مزيد من موجات النزوح"،ويمثل الأفغان حاليًا أكبر عدد من اللاجئين وطالبي اللجوء في العالم - وهم حوالي ثلاثة ملايين شخص ويمثلون ثاني أكبر عدد من طلبات اللجوء في أوروبا، بعد سوريا.
والآن، أكدت الصحيفة الأمريكية في ختام تقريرها، أن أفغانستان على شفا فصل دموي آخر، ومما يزيد من قتامة المشهد حقيقة أن التدفق الجديد للأفغان يأتي مع تشدد المواقف تجاه المهاجرين في جميع أنحاء العالم، كما زادت القيود المفروضة لمكافحة فيروس كورونا في معظم أنحاء العالم من صعوبة الهجرة القانونية وغير الشرعية على حد سواء، حيث أغلقت البلدان حدودها وقلصت برامج اللاجئين، مما دفع آلاف المهاجرين إلى السفر إلى أوروبا على طول طرق أكثر خطورة.