Close ad

الحوكمة الذكية.. بناء مجتمع رقمي لتحسين حياة المواطنين وتعزيز الأداء الحكومي

28-7-2021 | 19:27
الحوكمة الذكية بناء مجتمع رقمي لتحسين حياة المواطنين وتعزيز الأداء الحكوميالحوكمة الذكية
نسرين فوزى اللواتى
مجلة لغة العصر نقلاً عن

واجه مشروع  العاصمة الإدارية الجديدة العديد من الشائعات والتساؤلات التي أثارت مخاوف المواطنين، خاصة فيما يتعلق بالمزاعم التي يتم تداولها عبر المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي حول نقل جميع الخدمات الحكومية إلى العاصمة الإدارية، مما سيُكبد المواطن عناء الذهاب إلى الجهات الحكومية في مقارها الجديدة، وتحمل تكاليف إضافية.

موضوعات مقترحة

في هذا السياق، نفت الحكومة المصرية كل هذه الشائعات بشكل جذري، مؤكدة أن جميع خدمات المواطنين ستظل متواجدة في أماكنها دون نقل أو تعطيل لأي منها. فالغرض الأساسي من نقل المؤسسات الحكومية إلى العاصمة الإدارية هو تحسين جودة حياة المواطنين والتخلص من طوابير الانتظار التي نعاني منها جميعا عند الذهاب إلى الجهات الحكومية لإتمام متطلباتنا، فضلا عن توفير الوقت والتكاليف التي نتكبدها بسبب الإجراءات الحكومية التقليدية، وأيضا ضمان عدم حدوث خطأ أو عطل من شأنه أن يعرقل إتمام المهمة.

وهنا، سيُشكل التحول الرقمي إضافة مهمة في طريقة أداء الأعمال، حيث سيقوم المواطن الراغب في الحصول على الخدمة، بتقديم أوراقه في جهة واحدة، وستنقل الأوراق تلقائيا بين باقي الجهات المقدمة للخدمة، مما يساعد في تسهيل آلية العمل الجديدة. لذا، من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة نقلة نوعية في الخدمات  الحكومية المقدمة للمواطنين، باستخدام أحدث الأساليب التكنولوجية لتسهيل وميكنة الأعمال والخدمات.

واستعدادًا لانتقال المؤسسات الحكومية إلى العاصمة الإدارية، تعكف الحكومة على الانتهاء من تنفيذ إستراتيجية التحول الرقمي بشكل يُمكن جميع المؤسسات من الاستغناء عن الأوراق المكتبية، ليحل محلها الملفات الرقمية، بما يُسهم في التحول نحو حكومة مرقمنة تقدم خدماتها للمواطنين بشكل مميكن. وهنا، يرتكز هذا التحول الرقمي على محورين: (الأول) هو إتاحة الخدمات الحكومية الرقمية عبر منصة "مصر الرقمية". و(الثاني) إنشاء أكاديمية دعم وحدات نظم المعلومات، لبناء قدرات العاملين بوحدات التحول الرقمي داخل الوزارات.

في السياق ذاته، تستعد وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لإطلاق مجموعة من المشروعات التي تشكل حجر الزاوية لأول حكومة رقمية تشاركية، تتبادل البيانات بين جميع هيئاتها  ومؤسساتها، وكذلك مع المواطنين من خلال معاملات لا ورقية بالعاصمة الإدارية الجديدة. ومن أبرز هذه الجهود:

(1) بناء تطبيقات متخصصة لكل وزارة أو جهة لرقمنة الأنشطة والخدمات المقدمة للمواطنين، حيث تم حصر نحو أكثر من 850 تطبيقا وتقييمها واختبارها ونقلها إلى بيئة حوسبة سحابية، وهي جاهزة للعمل بعد تهجير البيانات والاختبار النهائي بعد إتمام مركز البيانات الخاص بالعاصمة الإدارية الجديدة.

(2) بناء التطبيقات التشاركية وهي معنية بالأنشطة الموحدة التي تتشارك فيها كل الوزارات، حيث تم وضع الأولوية لكل من إدارة الموارد البشرية باعتبار أن هيكل الموارد البشرية هو عنصر  أساسي لنجاح العمل، وكذلك إدارة البرامج والمشروعات في ظل تنفيذ الدولة لعدد كبير من المشروعات.

(3) رقمنة الوثائق الحكومية، وذلك من خلال أرشفة جميع الأوراق والملفات المتداولة داخل الحكومة، وسيتم رقمنة نحو مليار وثيقة، وتم الاتفاق مع قطاعات الدولة على دورة عمل للأرشفة، والتي تشمل تحليل أنواع الوثائق الحكومية بكل جهة، وإدخال الهيكل التنظيمي، وإنشاء باركود موحد، وتجهيز هذه الوثائق ومسحها ضوئيا وفهرستها ثم مراقبة الجودة وتخزينها.. سنوضح فيما يلي الفوائد التي تعود على المواطن من رقمنة الخدمات الحكومية:

المسار الصحيح

ترتبط مسألة تحسين الخدمة بطلب المواطنين المتزايد على توفير الخدمات الإلكترونية E-services، والتجارب مع الحكومات البارعة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بما في ذلك تحسين الوصول إلى الخدمات والمعلومات (العامة)، وأوقات الاستجابة الأسرع، والتطبيقات والمعاملات عبر الإنترنت، وتوفير التكاليف للمواطنين. تتميز الحكومة الإلكترونية E-government بالتقدم المحرز في تحسين تقديم المعلومات والخدمات العامة من خلال العمليات والتقنيات التنظيمية، التي تتيح الوصول إلى المعلومات ونشرها عبر جميع الجهات الحكومية.


الحوكمة الذكية

إلى جانب زيادة جودة الخدمات العامة في الحكومة الإلكترونية، هناك العديد من الطرق التي يمكن للمواطنين من خلالها الاستفادة من هذه الاستثمارات. تشمل هذه الفوائد: خفض التكاليف المرتبطة بالتسجيل وتقديم الاستمارات (على سبيل المثال، التراخيص)، وتقليل الأخطاء وزيادة دقة البيانات من خلال تفادي الخطأ البشري، وزيادة القدرة على التواصل بشكل مباشر وبسرعة أكبر مع المؤسسات، والقضاء على الحاجة إلى المواعيد (وجها لوجه) التي تستغرق وقتا طويلا، وتقديم خدمات حكومية (محلية) للمواطنين على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، وتقديم الخدمات الحكومية من أي مكان والوصول إليها من أي جهاز.

وفقا لذلك، أصبح دور تقنيات وتطبيقات الهاتف المحمول حاسما في تحسين أداء تقديم خدمات الحكومة الإلكترونية، وتعزيز العلاقة بين الحكومة والمواطنين.

التمحور حول المواطن (زيادة الشفافية والثقة في الحكومة)

إن الاحتياجات والتطلعات المتزايدة للمواطنين لمزيد من الممارسات الديمقراطية والمشاركة بشكل أكبر في الأنشطة الحكومية جنبا إلى جنب مع التقدم والاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وما ينتج عنها من تفاعل وتواصل بين الحكومة والمواطنين، لها تأثير كبير على إستراتيجيات الحكومة الإلكترونية. وبالتالي، تركز هذه الإستراتيجيات على المكون المتمحور حول المواطن.

يقود هذا النهج الجديد إلى شفافية أكبر من جانب الحكومة، وزيادة ثقة المواطنين ورضاهم، حيث يشعر المواطن بالرضا عندما يتمكن من إنجاز مهامه، أي أنه قادر على الحصول على المعلومات التي يرغب فيها، ولديه تجربة خدمة لحل مشكلاته. ومن ثم يؤدي ارتفاع مستوى الرضا إلى زيادة استخدام الحكومة الإلكترونية وتطورها في المستقبل.

أيضا يؤدي الدور الأكثر الأهمية للمواطنين والتفاعلات الوثيقة مع الحكومة إلى نموذج "للحكومة الذكية Smart Government"، والذي يتجاوز تحسين الخدمة وتقديمها، ليمتد إلى مجالات صنع القرار، والانفتاح، والقضايا المجتمعية، وشبكات أصحاب المصلحة الأوسع.

إدارة المدن الذكية

إن المرادفات المتعددة للمدينة الذكية، مثل مدينة المعلومات، ومدينة المعرفة، والمدينة الرقمية، والمدينة المنتشرة في كل مكان، تعكس جميعها التقدم في التقنيات ذات الصلة المطبقة في الإدارة الحضارية وخدمة المواطنين. ومع ذلك، تلعب التكنولوجيا دورا حاسما في المدن الذكية، يتجاوز الأهداف التقليدية المتمثلة في دعم تحسين الخدمات الحضرية وتحسين نوعية الحياة. وهنا، يتم تطبيق الحلول التي تدعم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل خاص لزيادة جودة العلاقة بين الحكومة والجمهور، وإنشاء شبكات تسمح للناس بالاتصال بالحكومة عن طريق الخدمات العامة الإلكترونية.


الحوكمة الذكية

يطلق على هذه الخدمات اسم "خدمات المدينة الذكية Smart City Services"، والتي تسهم في تعزيز القدرة التنافسية للمدينة، ونوعية حياة المواطنين من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تخطيط المدن وإدارتها. أيضا توفر هذه الخدمات المُبتكرة المعلومات والمعرفة وقدرات المعاملات للمواطنين، فيما يتعلق بالجوانب المختلفة لحياتهم في المدينة.

وعلى الرغم من وظيفتها المركزية، تسعى الحكومات جاهدة لإنشاء مدينة ذكية لا تهتم فقط بتبني الابتكار في التكنولوجيا، ولكن أيضا التعامل مع الإدارة الشاملة والحوكمة والسياسات، فضلا عن عوامل أخرى، مثل رأس المال البشري والتعليم كمحركات للتغيير. يوضح الجدول التالي الفرق بين التعريقات التي نوقشت أعلاه:

الحكومة الإلكترونية E-Government

إدخال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المؤسسات الحكومية لتحقيق الكفاءة الإدارية والتشغيل البيني وتحسين الخدمة والتمحور حول المواطن.

الحكومة الذكية Smart Government

المبادرات التي تتخذها الحكومة لدمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عملياتها ووظائفها وعملياتها وعلاقتها مع أصحاب المصلحة الآخرين.

الحوكمة الذكية Smart Governance

القدرة على تطبيق التقنيات الرقمية والأنشطة الذكية في معالجة المعلومات واتخاذ القرار.

حوكمة المدينة الذكية Smart City Governance

أحد أشكال الحوكمة الذكية، يمنح حقوق اتخاذ القرار لأصحاب المصلحة (خاصة المواطنين)، وتمكينهم من المشاركة في عمليات صنع القرار الفعالة لتحسين نوعية الحياة في المدن.

 
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة