Close ad

الجزائرى أحمد طيباوى الفائز بجائزة نجيب محفوظ عام 2021: محاولة إفساد الذائقة لن تنجح طويلا

28-7-2021 | 03:30
الجزائرى أحمد طيباوى الفائز بجائزة نجيب محفوظ عام  محاولة إفساد الذائقة لن تنجح طويلاطيباوي
حوار : السيد حسين
الأهرام العربي نقلاً عن

أردت لروايتى "اختفاء السيد لا أحد" أن تكون مرثية للإنسانية 

موضوعات مقترحة

الروائى والأستاذ الجامعى متصالحان داخليا تماما.. ولدينا أزمة نقاد

أحمد طيباوى روائى وكاتب جزائرى، مولود فى الجزائر فى عام 1980، وحصل على درجة البكالوريوس فى إدارة الأعمال من جامعة الجزائر، وحصل على ماجستير، ثم دكتوراه فى إدارة الأعمال من جامعة البليدة. بدأ طيباوى حياته المهنية فى مجال التدريس، ويشغل حاليًا منصب أستاذ محاضر بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير فى جامعة البويرة بالجزائر.

فاز طيباوى بالمرتبة الأولى فى مسابقة رئيس الجمهورية الجزائرية للمبدعين الشباب عام 2011 عن رواية "المقام العالي"، وجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابى الدورة الرابعة عام 2014 عن روايته "موت ناعم". رواية "اختفاء السيد لا أحد" هى الرواية الرابعة له، بعد رواية "مذكرات من وطن آخر"والتى تم نشرها فى عام 2015.

كيف استقبلت فوز روايتك "اختفاء السيد لا أحد" بجائزة نجيب محفوظ؟

شعرت بسعادة  كبيرة، وقد أمدتنى هذه الجائزة بجرعة من الثقة والتقدير لما أكتبه حتى يكون الاستمرار ممكنا بعبء نفسيّ أقل، وكون الجائزة تحمل اسم نجيب محفوظ، فهذا يضعنى بلا شك أمام تحدٍ كبير، ولعلّ ذلك مهم، فبعض التحديات قد تدفعنا لكتابة أجمل، وأعمق، وأقرب إلى الاكتمال والنضج اللذين ننشدهما فى أعمالنا.

ما تقييمك للحركة الثقافية والمشهد الإبداعى فى الجزائر؟

يعرف المشهد الثقافى عندنا مشاكل تتعلق بدور الدولة وكذا الفاعلين فيه، وانفتاح فاعلياته على الجمهور العام، والكلام حوله يحتاج إلى انبساط، لا تتيحه هذه الفسحة الضيقة. لكن بالتركيز على الرواية، ومن ناحية الكم، هناك عدد كبير من الإصدارات الروائية (إذا فرضنا تجاوزا بأن كل ما يصدر يمكن أن يصنف كذلك) أما من ناحية النوع، فالأمر متروك لحكم القارئ.. الزمن سيصفى ويظهر الغث من السمين. يحتاج تطور السرد إلى موهبة واجتهاد وعملية نقدية تصاحب ما يكتب وإعلام، يهتم بكل ما هو ثقافة حقيقية ويزيد من وعى الإنسان.. هذا لا يحدث عندنا، مجرد اجتهادات فردية، تبلغ هذه الدرجة أو تلك من النجاح. المنظومة معرقلة أكثر منها مساعدة.

لا أنظر لجزء كبير من الإصدارات الحديثة تحت مسمى الرواية سوى كمحاولات لكتابة رواية، تصدير الوهم للقارئ من طرف الناشرين الذين يتقاضون مقابلا لنشر تلك المحاولات الأولية، وكذا اجتهاد من كتبها فى تغليطه (القارئ) عبر الشبكات الاجتماعية، لهما حدود. موجة استغفال الجميع ومحاولة إفساد الذائقة وتسطيح العقول لن تنجح طويلا.

ماذا عن روايتك "اختفاء السيد لا أحد"؟

"اختفاء السيد لا أحد" بدأت كقصة، منذ نحو سنتين ونصف السنة كنت بين فترة وأخرى أكتب قصة أو اثنتين، أجرب قلمى فى الحيز المحدود، حيث عليك أن تقول ما تريد قوله بشكل مكثف ومختزل. كتبتها فى صفحتين.. وبقيت تنتظر، كبرت فكرتها فى رأسي، نحو أسابيع طويلة من التفكير وإعادة التفكير، والتحضير، التفكير فى الممكن: البطل، باقى الشخصيات، بناء النص، الشكل الكتابى المحتمل، والذى قد يكون أكثر ملاءمة للفكرة وللرؤية، أما بالنسبة للكتابة فلم تستغرق أكثر من وقتها الطبيعي، كان حجم الرواية مدروسا، وللأمانة، فقد طاوعنى القلم كثيرا، وحاولت الكتابة بطريقة مختلفة.

هل الحياة بائسة لتلون رواياتك بلونها؟

أردت لهذه الرواية أن تكون مرثية للإنسانية، ربما لأن إنسانيتنا فى حاجة حقا إلى الرثاء، مع أن محاولات إنقاذ ما يمكن إنقاذه، قد لا تزال مجدية على نحو ما، وتحقق نجاحات صغيرة أحيانا. غير أن الاتجاه إلى حيونة البشر متزايد باطراد، ليظهر فى الحياة أسوأ ما فيها، حيث التكالب والأنانية والصراع الحيوانى على موارد الأرض، بعد أن حُشرت الأخلاق فى هامش ضيق. ثم ليكون من يدعو إلى قيم العدل والجمال والخير متهما بالمثالية.

هل أعمالك تروى الواقع الجزائرى بعين المثقف والكاتب؟

أحاول الابتعاد عن ذلك، بالاشتغال على شخصيات ذات حيثيات اجتماعية وثقافية مختلفة، لا يمكن استبعاد الكاتب تماما من النص، غير أنى أجتهد فى كل مرة، بألا أجعل شخصيات نصوصى امتدادا لي.

معظم شخصيات رواياتك تأتى من الهامش فلماذا التركيز على هذه الشخصيات؟

المأساة تكون أكثر حدّة فى الهوامش، الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفئوية، حاولت من خلال النص إعطاء صوت لمن يسكنون الهامش، ورصد بعض تفاصيل حياتهم، والتشابكات بين الواقع الذى يعيشون مرارته، وبين أحلامهم وتطلعاتهم الفردية. اجتهدت أن ألتقط ما سقط من تفاصيل ويوميات بعض من أولئك الذين يعيشون مختفين، طوعا أو قسرا، دون أن يأبه بهم أحد، ثم يموتون، فلا يكون لهم قبر حتى فى ذاكرتنا الجماعية. إسقاط ما فى النص على باقى بلداننا العربية ممكن، فالمكان والزمان لم يكونا بطلين، وقد كتبت هذه الرواية وأكملتها، والحراك فى أوجه، لكنى فضلت النظر إلى الأسفل، لا إلى القمة، السياسة تدخل فى كل شيء، غير أننى مهتم كثيرا بما يجرى فى  العمق، بعيدا عن دوائر الضوء.

فى روايتك"السيد لا أحد" هل تشعر أنك قلت كلمتك كروائى فى عشرية الإرهاب التى مست الجزائر؟

حملت الرواية بعضا من أجواء العشرية السوداء، ضمن تاريخ بعض الشخصيات، لكنها لم تكن محورية بالنسبة لي، أقصد تلك السنوات المريرة، وإنما ما تلاها من أعوام، كانت على نحو أو آخر محصلة لها، حيث الاغتراب وفقدان المعنى، والأمراض الاجتماعية، وانسلاخ البشر عن إنسانيتهم تدريجيا. 

هل أدب الرعب نافذة للتعبير عن المواضيع الشائكة خصوصا السياسية منها؟

هناك لون بوليسى فى الرواية، يناسب فكرة ثنائية الاختفاء/البحث، لكنها، ومثلما سيكتشف من يطّلع عليها، تحمل همّا أكبر، همّا وجوديا بدرجة ما، وقد حاولتُ أن يكون الهامش الاجتماعى والنفسى مركزا فى المتن السردي. وبالنسبة للشكل اشتغلت على ما يتصل ببناء النص وتقسيمه، بالصورة التى سيجدها القارئ.   

إلى أى مدى نستطيع أن نعول على الرواية لخلق الوعى لدى المجتمع؟

يُفترض فى الآداب والفنون إجمالا أن تشكّل رافدا للوعي، وتساعد على الارتقاء بالذائقة وتوسع رؤيتنا للحياة، ولوجودنا كبشر على هذا الكوكب. والرواية كفن رائج جدا فى عصرنا الحالى، أتصور أنها تؤدى بعضا من ذلك، مع أن الأمر يتوقف على عوامل أخرى مثل قدرة القارئ العربى على التلقي، والموضوعات التى نطرقها ككتّاب، وغيرها. يحتاج تأكيد أو نفى مساهمة الرواية فى خلق وعى لدى الناس إلى دراسات ومسوح، مبدئيا ومن الناحية النظرية، ذلك ما أتوقعه.

هل تخطط لكتابة رواياتك؟

بالتأكيد، هناك تخطيط وتصورات مسبقة قبل البدء فى الكتابة. الكتابة فعل وعي، وإن كانت تتم أحيانا وأثناء مزاولتها على هامش الوعي، فتصدر منا فى نصوصنا أمور لم تكن محسوبة أو متوقعة.

هل مثلت الصفة الأكاديمية عائقا أمام تفتح الملكة الإبداعية عندك؟

تخصصى هو إدارة الأعمال، فى كليتى أنا محسوب على جماعة الأدب، وعند جماعة الأدب أنا محسوب على الاقتصاد والتسيير، الروائى والأستاذ الجامعى متصالحان داخلى تماما، ولا أظن أن هناك مشكلة فى أن يخوض المرء حياته على أكثر من صعيد، ويبحث عن ذاته أو يرسخها فى أكثر من مجال إذا ما وجد القدرة والإرادة لتحقيق ذلك. بالنسبة للجانب الأكاديمي، لا أجزم أن هناك بالضرورة علاقة تأثير مباشرة وقوية على السارد، فى المقابل لا يمكننى نفى ذلك أيضا، لكنك قد تجد السارد أكاديميا أو طبيبا أو ذا تخصص علمى معقد أو حتى موظفا بسيطا. إن ما يهم حقا هو أن يمتلك الروائى أو القاص ناصية السرد، وموهبة أو ملكة كيف يقول ما يريد قوله.

هل نالت تجربتك فى الكتابة حظها من المتابعة النقدية؟

عندنا أزمة نقاد فى الجزائر، ولا أعتقد أن الوضع يختلف كثيرا فى البلاد العربية الشقيقة، ليست هناك مواكبة لما يكتب إلا فى حدود اجتهادات فردية يغلب عليها الطابع الشللى والمحاباة أو العدائية المسبقة.

هل الكتابة تمرد؟

ليس بالضرورة، كما أن المطلوب ليس التمرد دائما. ومع ذلك فيها شيء من التمرد، من الانعتاق، والتحرر من قوالب الواقع، فنعيد إنتاجه سرديا بحسب رؤيتنا الخاصة، لا بحسب ما تمليه المنظومة الجماعية، كأننا نوثق نظرتنا الخاصة للبشر وللأشياء.

ما رأيك بالجوائز الأدبية هل تشكل دليلا على قيمة المنتج الأدبي؟

الجائزة سلاح ذو حدين، من جهة هى عتبة أولى أو تصدير ابتدائى للكاتب وبالتالى لإبداعه، تتيح له حضورا إعلاميا، حسب صيت الجائزة وشمولها، وفرصة لإلقاء الضوء على تجربته الإبداعية وهو يسعى إلى تطويرها، لكنها ليست نهاية المطاف، إذ عليه أن يثبت جدارته بها من خلال عمله على تطوير تجربته وما يصدره للقارئ، وإلا اُعتبرت مجرد ضربة حظ أو رمية من غير رام. كتّاب كبار لم ينالوا جوائز مهمة، القيمة الفنية والأدبية للنصوص تتحدد وفق معايير كثيرة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: