من يأخذ زمام المبادرة في نشر الأخبار سياسية كانت أم اجتماعية؟ هل المواقع الصحفية المرخص لها بذلك أم صفحات السوشيال ميديا التابعة لأفراد لا نعلم حقيقتهم أو المصادر التي يعتمدون عليها؟
أصبح كل مواطن يجيد التعامل مع الإنترنت مثل مالك صحيفة خاصة، صحيفة بدون صحفيين فهو الذي يأتي بأخبارها ويحررها ثم يبثها علي الشبكة العنكبوتية منصبا نفسه ناقدا، وحكيما، وعليما ببواطن الأمور وأسرارها في شتي المجالات. صحيفة لا تعرف ميثاق شرف صحفي أو قوانين ولوائح تضبط إيقاع العمل وتضمن تصحيح الأخطاء، وحق المتضرر من النشر في رفع الضرر الذي أصابه من خبر غير دقيق أو غير صحيح. حتي وقت ليس بالبعيد كنا نلوم أولادنا عندما يرددون أخبارا من وسائل التواصل الاجتماعي نشرتها إحدي الصفحات الخاصة لتنقلها صفحات أخري دون أن يكلف أحد من الناقلين نفسه جهد التحقق مما ينقله عن الغير . كنا - ولم يزل القليل منا - نسأل عن مصدر الخبر أو المعلومة ليعرف قدر مصداقيتها. الوضع الآن أصبح معكوسا بشكل خطير فبعد أن كانت الصحف أو المواقع الإخبارية التابعة لمؤسسات صحفية هي مصدر الخبر أصبحت الفضائيات وبعض المواقع الصحفية هي من تبحث عما ينشر علي الصفحات الخاصة أو تعلق علي فيديوهات وصور تم استخدام الوسائل التكنولوجية في تزييفها فتضفي نتيجة لذلك مصداقية علي موضوع قد يكون مكذوبا من الأساس وتساعد في نشره علي نطاق واسع. غياب العقاب علي هذه الجرائم التي تمس خصوصية الإنسان شجعت الكثيرين علي اتباع النهج نفسه ولما لا. لا يهم ادعاء وفاة نجم مشهور أو اتهام شرفاء بما ليس فيهم طالما الجميع يبحث عن الترند والتربح المادي والمعنوي نتيجة ارتفاع أعداد المتابعين لما ينشره اعتمادا علي أن الصدمة بالتشكيك في الثوابت والقيم هي اقصر الطرق لجذب المتابعين أصبحنا نعيش وسط أمواج من أكاذيب صفحات السوشيال ميديا التي يغتال أكثرها كل ما هو صادق أو حامل لبشائر الخير للوطن، خاصة أن المتضرر لا يعرف إلي من يلجأ ومعظم هذه الصفحات تحمل أسماء مستعارة وصفات غير حقيقية لأصحابها .
السبق الصحفي كان عنصر منافسة شديدة بين الصحف ولكنها كانت منافسة محكومة دائما بالحرص الشديد علي المصداقية وتوثيق الخبر أو المعلومة بأكثر من طريقك وبالتالي كان من النادر جدا نشر خبر كاذب .
الهرولة حول ما تعج به صفحات التواصل الاجتماعي غير الموثقة خطيئة يجب علي الفضائيات والمواقع الصحفية عدم التورط فيها. أظن أن هذه الظاهرة تحتاج إلي تعامل جدي وتفعيل القانون بما يضمن عقاب من يخطئ بشكل سريع بعيدا عن متاهة الإجراءات الكثيرة التي تستنفد وقتا وجهدا لا يطيقه الكثيرون .
وكيل الهيئة الوطنية للصحافة