تقف إثيوبيا على شفا حرب أهلية طاحنة تشارك فيه القوات الحكومية، والمليشيات العرقية المسلحة، ويبدو أن التحذيرات التي أطلقتها مصر على مدى 10 سنوات من التفاوض غير المجدي ثبت أنها صحيحة وملخصها أن إثيوبيا نفسها، والمنطقة كلها ستتحول إلى الفوضى الشاملة في حالة إصرار إثيوبيا على التعنت ورفض كل المبادرات الدولية لحل أزمة سد النهضة، وثبت على أرض الواقع أن التعامل المصري مع الأزمة كان هو عين الصواب، وأن إثيوبيا تنزلق بالفعل نحو حرب أهلية بعدما اندلعت الحرب يبن القوات الاتحادية والإقليمية، في إقليم تيجراي، وامتدت إلى إقليم عفر ثم الأمهرا ثم أوروميا ثم أوجادين وشنقول بعد إصدار آبي أحمد أوامره للجيش للتحرك ضد شعب التيجراي، والقيام بجرائم حرب ضد الإنسانية أدانها العالم كله، هذه التطورات المأساوية التي بدأت تعم إثيوبيا كلها أظهرت عدد من أمراء الحرب وزعماء الميليشيات الإثيوبية في كل إقليم على حدة يرددون جملة مفادها (لا نريد الحرب، ولكن نضطر إلى ذلك، نحن ندافع عن أنفسنا ضد أشخاص يريدون انتهاك حقوقنا) في إشارة لا تخطئها عين عن مسئولية آبي أحمد، وشراسة المليشيات الأمهرية المساندة له في إهدار كل حقوق باقي الأقليات الإثيوبية، بغض النظر عن دياناتها أو انتمائها العرقي أو وضعها الاقتصادي أو تأثيرها على الوضع الداخلي الإثيوبي، مما يجعل هذا الصراع يستعصي على الحل خاصة لجبهة تحرير شعب التيجراي، لأن معظم قادتها المخضرمين يعتبرون هذا الصراع قضية وجود وحياه ، خاضوا الحرب وضحوا من أجله على مدار 17 عاما من المقاومة من جل الاستقلال، وهو ما سيكون دافعا لأقاليم أخرى سواء عن طريق التحالف مع الفريق الفائز أو المطالبة بالانفصال، وهو ما يضع إثيوبيا كلها بشكلها الحالي وقدراتها السياسية التي فاوضت مصر على مدى سنوات موضع شك في الاستمرار كدولة موحدة في القرن الإفريقي، والغريب أن كل طرف يدفع نحو هاوية الحرب الأهلية بكل قوة وجميع المتنافسين يقومون بتزويد عناصر الميليشيات الإقليمية ببنادق كلاشينكوف وتدريب بدائي للغاية بعد أن تم استدعاؤهم للمشاركة كل حسب هويته وعرقيته بسبب أن الحرب في تيجراي قد أنهكت القوات الفيدرالية (المفككة أصلا)، لكن المأساة أن أفراد هذه الميليشيات ربما يُنظر إليهم باعتبارهم وقودا للحرب، لذلك يمكن أن نتوقع معدلا كبيرا من الضحايا إذا لم ينشقوا أو يستسلموا بأعداد كبيرة وهو ما يفسر احتجاز آلاف الجنود كأسرى لدي جبهة تيجراي والمعروف أن إثيوبيا بها ما يقارب ١١٠ ملايين نسمة، وإذا استمرت هذه المواجهات العسكرية ستقود حتما إلى نشوب حرب أهلية واسعة النطاق تتجاوز التيجراى وعفر وشنقول وسترسم سيناريوهات دم مرعبة في كل أنحاء إثيوبيا، و أصبحت تظهر كل يوم جبهة جديدة لتحرير هذا الإقليم أو ذاك و يحاول كل طرف منها حشد أتباعه وإقناع العالم أيضا بأن لديهم سندا أخلاقيا وحقا تاريخيا ضائعا لا بد من رجوعه بالدم، والجديد هو دعوة زعيم إقليم أمهرة الإثيوبي جميع السكان الذين بحوزتهم سلاح إلى التعبئة ضد إقليم تيجراي، وبيان مماثل صدر عن زعيم إقليم عفر الإثيوبي، وتعهد متحدث باسم المتمردين بتحرير كامل تيجراي، ومنها مناطق متنازع عليها احتلتها قوات أمهرة في بداية الحرب.
موضوعات مقترحة
والمؤكد أن دول العالم المهتمة بالقرن الإفريقي تقف مكتوفة الأيدي أمام مخاض الحرب الأهلية، رغم تعيين الدبلوماسي المخضرم جيفرى فيلتمان مبعوثا أمريكيا إلى القرن الإفريقي، ومع ذلك تواصل تدهور الوضع الإنساني في إثيوبيا، حيث فر مئات الآلاف من مناطق النزاعات في عدد من الأقاليم الكبرى، في وقت سقط فيه آلاف القتلى جراء القتال في إقليم أمهرة، وعلى مجلس الأمن الدولي أن ينتظر لبعض الوقت قبل أن يتخذ قرارا بشان موقف مصر مصر والسودان من أزمة سد النهضة بعد أن فشلت إثيوبيا حرفيا في الملء الثاني، وأصبح لدى مصر فرصة لنهاية لمدة عام جديد لاتخاذ الإجراءات للضغط على إثيوبيا بوضعها الجديد للوصول إلى حلول قانونية ملزمة لأزمة سد النهضة.
أحمد عبد الخالق