Close ad

بوادر حرب باردة بين الولايات المتحدة وروسيا

25-7-2021 | 16:01
بوادر حرب باردة بين الولايات المتحدة وروسيابوادر حرب باردة بين الولايات المتحدة وروسيا

 

موضوعات مقترحة

 

تقرير أمريكي يستنفر حلفاء واشنطن من أجل التصدي لنشاط الشركات العسكرية والأمنية الروسية الخاصة الداعمة لنفوذ موسكو حول العالم

 

تحليل يكتبه:

عبدالخالق صبحي

 

لا تخفي الولايات المتحدة قلقها من تنامي دور الشركات العسكرية والأمنية الخاصة التي بدأت في ممارسة أنشطتها في أعقاب الحرب العالمية الثانية وأصبحت قطاعا مهما تسعى دول عديدة للاستفادة من خدماتها المتنوعة.

ففي تقرير مفصل صدر عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية الأمريكي مطلع شهر يوليو الجاري حول الاستخدام الروسي المتزايد لهذه الشركات بغرض ترسيخ نفوذ موسكو في أنحاء متفرقة من العالم خاصة في البؤر الملتهبة.

ووفقا للتقرير الأمريكي وسعت موسكو نطاق استخدام شركاتها العسكرية الخاصة مثل شركة (فاجنر) ـ وثيقة الصلة بالمؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية والاستخباراتية الروسية بما فيها الكرملين ووزارة الدفاع وإدارة المخابرات الرئيسية وجهاز المخابرات الخارجية وجهاز الأمن الفيدرالي ـ في دول مثل أوكرانيا وسوريا وليبيا والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى ومدغشقر وموزمبيق، مشيرة إلي أن هذه الشركات تقوم بمهام شبه عسكرية وأمنية واستخباراتية قتالية.

ويوصي التقرير بضرورة التصدي لنشاط هذه الشركات باعتبارها ـ بين أنشطة أخري ـ تمثل تهديدا للولايات المتحدة، يتطلب رد فعل أكثر تنسيقا وقوة من جانب واشنطن وحلفائها.

ويري التقرير أنه لم يتخذ سوى قدر محدود من العمل الوقائي الدبلوماسي والعسكري والاستخباراتي والمالي ضد هذه الشركات، وأن التنسيق بين الأجهزة والدول ما يزال قاصرا في مواجهة أنشطة تلك الشركات.

ويرصد التقرير الاستخدام الروسي المباشر لتلك الشركات كذراع أو أداة لتنفيذ سياسة روسيا الخارجية ابتداء من عام 2015، وأن الحاجة لفهم مثل هذا التوظيف للشركات العسكرية والأمنية الروسية من جانب موسكو ينبغي أن تتم في الإطار الأوسع لتحديد استخداماتها في الحروب غير النظامية وأساليب المنطقة الرمادية.

ورغم أن الولايات المتحدة تعتمد أساليب مشابهة لتحقيق مصالحها الاقتصادية والإستراتيجية والعسكرية من خلال مؤسسات وشركات عابرة للقارات مع حلفائها، إلا أن التقرير الأمريكي ينكر علي روسيا اعتمادها علي شركاتها الأمنية والعسكرية الخاصة في تحقيق الأهداف نفسها كمحاولة زيادة نفوذها في الخارج، واستخراج الموارد وتوسيع نطاق تواجدها العسكري والاستخباراتي.

يأتي ذلك في الوقت الذي سجل فيه تقرير أممي صدر في يونيو الماضي تورط الشركات العسكرية الروسية الخاصة وغيرها من العناصر العاملة في جمهورية إفريقيا الوسطى في استخدام مفرط للقوة وقتل دون تمييز واحتلال مدارس وأعمال سلب ونهب على نطاق واسع شملت منظمات إنسانية.

ويرى التقرير أن الفرصة سانحة للولايات المتحدة وحلفائها لاستغلال نقاط ضعف الشركات الروسية والمآخذ المسجلة عليها لممارسة ضغوطها من أجل تقويض فعالية تلك الشركات ومنع موسكو من زيادة نفوذها في الخارج بدرجة كبيرة من خلال حملة فعالة تعتمد علي تضافر الجهود الدبلوماسية والاستخباراتية والمالية والعسكرية لإبراز عدم فعاليتها وفشل عملها في الخارج وتكثيف المسئوليات القانونية بشأنها، حيث تفتقر إلى الغطاء القانوني من جانب حكوماتها مع تورطها في أنشطة غير مشروعة، من بينها انتهاكات ثابتة لحقوق الإنسان، ويري أنه بدون حماية من السفارات يكون العاملون في تلك الشركات عرضة لتعقيدات قانونية، وللسجن، ولأعباء مالية شخصية أكثر ممن يعملون تحت رعاية حكومة ما.

ويري التقرير ضرورة تكثيف الضغوط المالية على الشركات العسكرية الخاصة الهادفة للربح من خلال فرض عقوبات اقتصادية عليها لثبوت مخالفتها للقانون. وتعتبر العقوبات الاقتصادية إحدى أهم الأدوات لاستهداف أنشطة تلك الشركات.

كما يشير الباحثون الأمريكيون إلي ضرورة استهداف مجموعة فاجنر تحديدا باعتبارها محتكر بدرجة كبيرة للسوق الروسية للشركات العسكرية الخاصة وهو ما يمثل نقطة ضعف يتعين استغلالها، فهي تعمل في 12 دولة، بينما معظم الشركات الأخرى تعمل في دولة أو دولتين فقط، كما أن المجموعة تعمل في الدول التي لروسيا فيها أكبر مصلحة، ومع ذلك لم تطلق أمريكا حملة دولية فعالة ضدها، كما لم يفرض الاتحاد الأوروبي أي عقوبات عليها.

ويمكن القول إن الولايات المتحدة بدأت حربا باردة صريحة ضد روسيا وأنها تسعي بأساليب متعددة لتقليص دور موسكو في العالم ووقف تمددها والحد من نفوذها لا بغرض تحقيق العدالة الدولية أو لوقف الانتهاكات التي تمارسها شركاتها العسكرية والأمنية الخاصة بقدر ما تسعي إلي الانفراد بالمصالح بزعم تطبيق القانون والحد  من الأنشطة الإرهابية حول العالم، وإن كان هذا لا ينفي ارتكاب شركات الأمن والشركات العسكرية الروسية لانتهاكات ثابتة في العديد من الدول التي تمارس نشاطها بها.

 

اقرأ أيضًا: