Close ad

ماذا قال أمير الشعراء في مدح أول ميدالية أوليمبية تحصدها مصر؟

24-7-2021 | 16:46
ماذا قال أمير الشعراء في مدح أول ميدالية أوليمبية تحصدها مصر؟السيد نصير صاحب أول ميدالية ذهبية أوليمبية عام 1928
أحمد عادل

تمتلك مصر تاريخًا طويلًا مع دورة الألعاب الأوليمبية منذ مشاركتها الأولى فى دورة ستوكهولم عام 1912م، ومنذ ذلك الوقت حجزت مصر مكانها فى الأوليمبياد، ولا يدب اليأس من غيابها عن منصة التتويج حتى يزأر أحد الفراعنة ليكلل جبهته بأكاليل الانتصار.

موضوعات مقترحة

حين شاركت مصر فى أوليمبياد أمستردام عام 1928م، لم يكن هناك من حدث فارق لها فى تلك السنة غير المناكفات السياسية ين الأحزاب التى يحركها الملك فؤاد، فقد بلغ الصدام السياسي مداه بين حزب الوفد بقيادة زعيمه الجديد مصطفى باشا النحاس، وبين الأحرار الدستوريين بقيادة عبد الخالق باشا ثروت، وكانت الوزارة تنتقل من يد هذا إلى يد ذاك.

مصر كانت بحاجة إلى الحدث الفارق لهذا العام لعله ينسيها فقدان الزعيم الوطنى سعد باشا زغلول، الحدث الذى تنتظره لم يكن سياسيًا يحقق لها بعد الاستقلال كما هو الحال مع تصريح 28 فبراير1922م، أو ثقافيًا كاكتشاف مقبرة توت عنخ أمون الذى كان فى ذات السنة، بل كان رياضيا من خلال حصول مصر على أول ميدالية أوليمبية لحامل الأثقال والبطل المصري السيد نصير.

لقد كانت اليد المصرية قوية فى هولندا بلد الطواحين، حيث تمكن سيد نصير من أن يكون أول مصري وعربي يحصل على ميدالية ذهبية في الأولمبياد في رفع الأثقال.

عاد نصير إلى مصر مكللا بالفخر الذى تجسد فى كل مصرى حتى إن ذلك الانتصار قد داعب الوحى الشعري لأمير الشعراء أحمد بك شوقي فمدحه بقصيدة، حيث اعتبر أمير الشعراء ذلك النصر فرضًا للإرادة المصرية أمام قوى الغرب المستعمر، وأن قوة سواعد أولادها ستكتب نهاية الاستعمار ذات يوم، فقال فى مدح نصير:

شرَفاً نُصَيرُ اِرفَع جَبينَكَ عالِياً .. وَتَلَقَّ مِن أَوطانِكَ الإِكليلا

يَهنيكَ ما أُعطيتَ مِن إِكرامِها.. وَمُنِحتَ مِن عَطفِ اِبنِ إِسماعيلا

وفى هذين البيتين يشيد شوقى بما حققه نصير من انتصار، فحق له أن يرفع رأسه بالفخر ويتلقى من قومه التكريم اللائق، وفى مقدمة هذا التكريم ما ناله من عاهل البلاد "ابن إسماعيل"، وهو الملك أحمد فؤاد الأول بن الخديو إسماعيل (1917-1936م).

اليَومَ يَومُ السابِقينَ فَكُن فَتىً لم يَبغِ مِن قَصَبِ الرِهانِ بَديلا

وَإِذا جَرَيتَ مَعَ السَوابِقِ فَاِقتَحِم .. غُرَراً تَسيلُ إِلى المَدى وَحُجولا

حَتّى يَراكَ الجَمعُ أَوَّلَ طالِعٍ .. ويَرَوا عَلى أَعرافِكَ المِنديلا

هَذا زَمانٌ لا تَوَسُّطَ عِندَهُ ..يَبغي المُغامِرُ عالِياً وَجَليلا

كُن سابِقاً فيهِ أَوِ اِبقَ بِمَعزِلٍ.. ليسَ التَوَسُّطُ لِلنُبوغِ سَبيلا

يواصل أمير الشعراء فى تلك الأبيات مدحه لنصير حاشدا كل آيات الحكمة التى تفيض بها ملكاته الشعرية، فهذا الزمان لا يصل فيه إلا من يسابقه، ولا تبتسم الحياة إلا للمغامرين، فلا توسط بين الفوز والهزيمة، فإما أن يكون الإنسانن سابقا فى المرتبة الأولى أو أن يقنع بالعزلة والراحة فى غمرة النسيان.

يواصل أمير الشعراء فخره بإنجاز السيد نصير قائلا:

يا قاهِرَ الغَربِ العَتيدِ مَلَأتَهُ ..بِثَناءِ مِصرَ عَلى الشِفاهِ جَميلا

إِنَّ الَّذي خَلَقَ الحَديدَ وَبَأسَهُ ..جَعَلَ الحَديدَ لِساعِدَيكَ ذَليلا

زَحزَحتَهُ فَتَخاذَلَت أَجلادُهُ ..وَطَرَحتَهُ أَرضاً فَصَلَّ صَليلا

لِمَ لا يَلينُ لَكَ الحَديدُ وَلَم تَزَل .. تَتلو عَلَيهِ وَتَقرَأُ التَنزيلا

الأَزمَةَ اِشتَدَّت وَرانَ بَلاؤُها فَاِصدِم بِرُكنِكَ رُكنَها لِيَميلا

شَمشونُ أَنتَ وَقَد رَسَت أَركانُها .. فَتَمَشَّ في أَركانِها لِتَزولا

ويبدو اقتباس أمير الشعراء من القرآن الكريم واضحًا فى هذه الأبيات، حيث أصبح الحديد لينا فى قبضة نصير وكيف لا وهو يتلو القرآن مع كل قبضة؟ ، فقد آلان الله له الحديد مثلما فعل مع نبى الله دواد ـ عليه السلام ـ ، وقد وصف نُصير بـ"قاهر الغرب" و"شمشون"، حيث فرض ذكرها عاليا على ألسنة أبناء الغرب اعترافا بالقوة المصرية

ولا ينسى أمير الشعراء أنا يُنهى قصيدته بعدة أسئلة إلى السيد نصير ثم يعاود الإجابة بحكمه الشعرية التى لا تصدر إلا من عايش الحياة ولمس مشاكلها، فقد حمّل أمير الشعراء لنصير أمانة الإجابة، وهو لديه بار صادق فى شهادته، وراح يُعدد هل تحمل دينا فى حياته؟، هل تعرض للظلم من الآخرين؟، هل شاهد تحول الناس من ذوى القربى والأصدقاء، هل شاهد تغير الزمان على أهله وصعود من لا سيتحق على صدارة المشهد، ثم يجيب بحكمة بالغة أن أثقال الحياة تلك التى ذكرها وعددها أثقل بكثير من الحديد الذى يحمله نصير فى خفة ورشاقة ويطرحها أرضا،  فقال:

قُل لي نُصَيرُ وَأَنتَ بَرٌّ صادِقٌ.. أَحَمَلتَ إِنساناً عَلَيكَ ثَقيلا

أَحَمَلتَ دَيناً في حَياتِكَ مَرَّةً ..أَحَمَلتَ يَوماً في الضُلوعِ غَليلا

أَحَمَلتَ ظُلماً مِن قَريبٍ غادِرٍ.. أَو كاشِحٍ بِالأَمسِ كانَ خَليلا

أَحَمَلتَ مِنّا بِالنَهارِ مُكَرَّراً .. وَاللَيلِ مِن مُسدٍ إِلَيكَ جَميلا

أَحَمَلتَ طُغيانَ اللَئيمِ إِذا اِغتَنى .. أَو نالَ مِن جاهِ الأُمورِ قَليلا

أَحَمَلتَ في النادي الغَبِيِّ إِذا اِلتَقى.. مِن سامِعيهِ الحَمدَ وَالتَبجيلا

تِلكَ الحَياةُ وَهَذِهِ أَثقالُها.. وُزِنَ الحَديدُ بِها فَعادَ ضَئيلا


السيد نصير صاحب أول ميدالية ذهبية أوليمبية عام 1928السيد نصير صاحب أول ميدالية ذهبية أوليمبية عام 1928

السيد نصير صاحب أول ميدالية ذهبية أوليمبية عام 1928السيد نصير صاحب أول ميدالية ذهبية أوليمبية عام 1928

السيد نصير صاحب أول ميدالية ذهبية أوليمبية عام 1928السيد نصير صاحب أول ميدالية ذهبية أوليمبية عام 1928
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة