"كم عام ومواسم عدوا.. وشجر الليمون دبلان على أرضه.. بينى وبينك أحزان ويعدوا.. بينى وبينك أيام وينقضوا ..شجر اللمون دبلان على أرضه" .. منذ سنوات طويلة والعم عبدالموجود عبدالكريم، يعمل فى بيع وتجارة الليمون، حتى بلغ عمره 70 عاما وما زال يعمل، يستيقظ فجرا كل صباح من بيته بالقناوية؛ كى يذهب للشادر بنجع حمادى، يحمل على كتفه الأجولة المعبأة بالليمون، يضعها على سيارة.
يوميا وبلا انقطاع يسير عبدالموجود عشرات الكيلو مترات؛ كى يبيع الليمون فيتامين الغلابة فى الصعيد، لفحت الشمس ونحتت أشعتها وجهه الأسمر وجسده النحيل، إلا إنه يرفع شعار لاغنى عن الليمون فى الصيف ولا فى الشتاء، وعلى الإنسان أن يرضي بما قسمه له الله فى الحياة.
العم عبد الكريم .. رحلة طويلة مع بيع الليمون فاكهة الغلابة
العم عبدالموجود هو أب لـ 6 بنات تزوجت واحدة منهن، ورزقه الله عن كبر بعد أمل وشوق ورجاء من الله، ولد ذكر صغير أطلق عليه اسم كريم، لعشقه للكرم، يصحبه معه فى إجازات المدرسة كى يحتك بمدرسة الحياة ويعرف الناس ويختبر الحياة؛ إلا إن عبدالموجود يعرف جغرافية الليمون والأماكن التى تقوم بزراعته فى محافظات مصر.
ويؤكد لــ"بوابة الأهرام " أن كل مكان فى مصر يوجد فيه شهر معين لزراعة الليمون، فهناك ليمون البحيرة، وكوم امبو بأسوان، وهى شجرة تزدهر فى مواقيت معينة فى السنة، مضيفا أن الليمون البلدى هو الأكثر انتشارا فى مصر وتعشقه الأهالى، أفضل من الأفرنجى.
تاريخيا كانت أشجار الليمون البلدى شائعة جدا فى مصر، وكان ثمرها صغير الحجم، أما فى عهد محمد على باشا فقد انتشر الليمون الكبير الحجم بعد قيام خبراء الزراعة بالتطعيم، أما الليمون الحلو فقد كان مرتفع الثمن ولايقبل الفقراء لشرائه لارتفاع ثمنه، ويؤكد المؤرخون أن فى عهد محمد على باشا تمت زراعة نحو 55ألف و26 شجرة ليمون فى الدلتا، وتبدأ زراعة الليمون فى بداية شهر أبريل حتى أغسطس، وفى بعض المناطق تتم الزراعة فى بداية شهر يوليو ويكثر فى شهر نوفمبر، إلا إنه يتواجد طوال العام فى مصر، حيث لكل مكان شهر فى زراعته، مما يجعله موجودا فى الأسواق طوال العام.
العم عبد الكريم .. رحلة طويلة مع بيع الليمون فاكهة الغلابة
يوضح العم عبدالموجود أنه عمل فى بيع الليمون بالقطاعى منذ زمن بعيد حين كان شابا، فقد كان الليمون يباع بالمليم والقرش، وليس مثل هذا الزمن، حيث يُباع بالكيلو وبالجنيه، مؤكدا أن أكثر القري انتاجا لليمون فى قنا هى قري الرحمانة، والقناوية بنجع حمادى، والليمون دائما يرتبط بحلوى الجلاب، مؤكدا أنه لاغنى عن الليمون معظم فصول السنة ففى الشتاء، فهو طارد للبكتيريا ومقوى ضد الأنفلونزا، وكذلك فى الصيف مشروبا شهيا ويخفف من ألم الحر الشديد حين وصل سعر الليمون لـ100 جنيه فى شهر رمضان من عام 2019م الماضي، حيث رفض العم عبدالموجود بيعه والاتجار فيه، وخاصم الذهاب للشادر، ولم يجلب الأجولة، ولم يفرش بضاعته فى مركز دشنا، وهو المركز الذي اختاره للبيع فيه، مؤكدا أن الليمون هو فاكهة الغلابة والفقراء، وأنه من العيب أن يبيع أقدم تاجر لليمون ويقصد نفسه، فاكهة الفقراء بهذا الثمن المرتفع، مؤكدا أن الليمون لابد أن يكون رخيصا، لأنه مهما لصحة الإنسان.
يوصى العم عبدالكريم الشباب بما كان يفعله الصعايدة قديما وهو تناول الليمون مع العسل الأسود وخاصة على الريق؛ لصفاته العلاجية باعتباره طاردا للبكتريا، كما أن العسل الأسود يقوى المناعة، حيث كان الصعايدة قديما يستخدمون الليمون كمزيل للعرق فى أوقات الصيف، حيث توضع قشوره تحت الإأبط، كما أنه مهدىء للأعصاب، ويقوي عضلة القلب.
وأكد أن الليمون خير البلاد، الذى وهبه الله عز وجل لعباده، وأن الليمون البلدى يمتاز بأنه ذو طعم حراق.
العم عبد الكريم .. رحلة طويلة مع بيع الليمون فاكهة الغلابة
وفى عام 1958م، حددت نشرة مصلحة البساتين أنواع الليمون وأجناسها وهى: ليمون أضاليا مالح ذو طعم حراق، ليمون عديم البذور ، ليمون بلدى مالح، ليمون مالح بذرة، وليمون حلو ذو طعم، وليمون حلو عقلة، وليمون عجمى طعم، بالإضافة ليمون الجريبفروت أصناف، مطالبة المواطنين بالأكثار من زراعة الليمون وجلب أشجارها من قسم مصلحة البساتين بوزارة الزراعة .
ويحكي عبد الكريم بأنه ينام 5 ساعات فقط ،حيث يكون ملزما حين رجوعه لمسقط رأسه بقرية القناوية بنجع حمادى بعد عمل شاق أن يجلب احتياجات أسرته من رزقه البسيط، حيث يجلس مع بناته وطفله الوحيد كريم على طبلية الطعام، قبل أن يضع جسده المنهك على السرير دون أن يعبأ بمرضه؛ استعدادا ليوم جديد يبيع فيه الليمون للناس، حيث يرضيهم ويرضي نفسه القنوعة بما قسمه الله من رزق له ولأسرته.