Close ad

«الصوب الزراعية» بوابة مصر لاختراق الأسواق العالمية.. إنتاجية الفدان تعادل 4 أفدنة من الزراعة المكشوفة

14-7-2021 | 15:46
;الصوب الزراعية; بوابة مصر لاختراق الأسواق العالمية إنتاجية الفدان تعادل  أفدنة من الزراعة المكشوفةصوب زراعية
هويدا عبد الحميد
بوابة الأهرام الزراعي نقلاً عن

*تكلفة الصوبة محدودة الإمكانيات على مساحة فدان لا تقل عن  300 ألف جنيه والمتطورة تصل إلى 3 ملايين جنيه

موضوعات مقترحة

*مصر صوبة كبيرة بموقعها المميز والتغييرات المناخية صداع يعوق الإنتاج الزراعى

هل ستصبح مصر "سلة غذاء العالم"؟! "لغة الأرقام لا تكذب".. وفقاً لتقارير وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى ارتفعت حجم صادراتنا إلى أكثر من 3.3 مليون طن خلال الـ5 أشهر الماضية، واستطعنا غزو أسواق أكثر من 160 دولة، وقد تجاوزت الـ 4.5 مليون طن خلال 2020، رغم تفشى فيروس كورونا فى العالم.. ومن المتوقع أن انخفاض فاتورة استيراد التقاوى البالغة 2 مليار جنيه سنوياً.. وتوفير 60 % من مياه الرى بالأراضى المكشوفة، وهذا ما يساهم فيه الـ100 ألف صوبة، بهدف إنتاج ملايين الأطنان خضر وفاكهة وزهور القطف، والحد من احتكار التجار ضمن مشروعات استصلاح 1.5 مليون فدان، أحد أهم المشروعات التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى ديسمبر 2015، ولكن تساؤلات عدة تدور فى ذهن الكثير.. لماذا التوسع فى الزراعة المحمية؟ وهل مصر بحاجة لها؟ وهل يمكن تعميمها بعد إعلان السيد القصير، وزير الزراعة، عن تيسير قروض بفائدة 5 % فقط، وتقديم الدعم الفنى والعلمى لتشجيع المزارعين؟ وكيف نحقق الميزة التنافسية التصديرية والربحية من المشروع؟ وماذا عن ارتفاع تكاليف الإنتاج؟ يحاول الخبراء الإجابة عليها خلال السطور التالية..

بداية أوضح الدكتور محمد عبد ربه وكيل المعمل المركزى للمناخ الزراعى للبحوث، أن مصر تقع داخل نطاق حزام الصحارى الجافة وتشغل الصحراء نحو 97 %، وهذا يعنى عدم كفاية الأمطار فيها لقيام زراعة اقتصادية على نطاق واسع، لذا تعتمد الزراعة على مياه النيل فى الوادى والدلتا، وعلى المياه الجوفية بمناطق الاستصلاح التى على جانبيها، بينما تبلغ مساحة الأراضى الزراعية فى وادى النيل نحو 3 - 4 % فقط، مما يجعل نصيب الفرد من الأراضى المزروعة يقل، وبالتالى مقدار الغذاء المنتج مع الزيادة المستمرة فى عدد السكان، والتى تعادل نحو 1.5 مليون نسمة سنوياً، يتناقص حتى وصل 0.10 فدان حالياً، ولكى يتم الحفاظ على نصيب الفرد الحالى من الأراضى، وما يتبعه من إنتاجية، فلابد من التوسع فى إدخال أراضى مستصلحة جديدة، مع الحفاظ على الأراضى الزراعية الموجودة، والتوسع الرأسى فى الإنتاجية باستغلال الموارد المتاحة بشكل أمثل، لتحقيق أعلى عائد عن طريق استخدام التراكيب الوراثية عالية الإنتاجية، والتى لها القدرة على استخدام وحدة المياه بكفاءة عالية، وتعتبر الزراعة المحمية أحد عناصر التكثيف الزراعى، لكفاءتها العالية فى استخدام المياه، وزيادة العائد من وحدة المساحة، مع إنتاج محاصيل  ذات عائد نقدى مرتفع، وتوفير الخضر طوال السنة، مع التطور التكنولوجى فى الزراعة والشبكات الحديثة، وتطوير نظم الرى المتبعة للحد من أى فواقد مائية.

اهتمام بالغ

وتابع قائلاً: ومن ناحية أخرى.. فإن البحوث الزراعية قد أولت هذه التقنية اهتماماً بالغاً من الأبحاث التى تعنى بتطوير هياكل الصوب والأغطية المناسبة لها، وإدخال محاصيل جديدة وأصناف ذات إنتاجية مرتفعة وعائد نقدى عالٍ، وتطوير نظم الزراعة الحديثة كبديل للزراعة التقليدية، مشيراً إلى أنه ما زال هناك العديد من الأنشطة الخاصة بالإدارة المتكاملة للنباتات تحت نظم الزراعة المحمية المختلفة، يجب تحسينها من خلال عدة محاور أهمها: التدريب ورفع الوعى، كما أن المساحة الزراعية الإجمالية فى مصر تبلغ نحو 8.5 مليون فدان، منها 5 ملايين فدان فى الوادى والدلتا (أراضِ قديمة) و 3.5 مليون فدان أراضٍ حديثة، يتم رى 80 % من الأراضى المستصلحة بنظم الرى الحديث، أى ما يقرب من ربع المساحة المزروعة فى مصر، كما أن 40 % من إجمالى الأراضى المزروعة هى أراضٍ مستصلحة، مشدداً على ضرورة زيادة الوعى بكيفية التعامل مع تلك النظم، وزراعة المحاصيل ذات العائد الاقتصادى المناسب؛ لتحسين مستوى الأمن الغذائى وتقليل الفجوة الغذائية.

مشروع استثمارى

وتطرق الدكتور ياسر عبد الحكيم المستشار العلمى للمشروعات الزراعية وأستاذ فسيولوجيا أقلمة النبات المساعد بمركز بحوث الصحراء، قائلاً: ما تم إنجازه بالفعل من تركيب الصوب والبنية التحتية، تم على مساحة 34 ألف فدان تقريباً، 10 آلاف فدان بقاعدة محمد نجيب بمنطقة الحمام فى مرسى مطروح، تمت زراعتها بنسبة 100%، و 3 آلاف فدان فى العاشر من رمضان تمت زراعة 100% منها تقريباً، و 12500  فدان فى جنوب أبو سلطان تم الانتهاء من 50 % ، و14 ألف فدان فى منطقه اللاهون بالفيوم تم انتهاء الإنشاءات وتركيب الصوب من المقرر زراعتها، وجارٍ استصلاح وتسوية نحو 51 ألف فدان فى المنيا وبنى سويف.

وقال: ما يميز الصوب أن إنتاجيتها مرتفعة عن الزراعة فى الأرض المكشوفة، بمعنى أن فدان الصوب يعادل إنتاجية 2 - 4 أفدنة من الزراعة المكشوفة حسب الطريقة المتبعة للزراعة داخل الصوب، إذا كانت فى التربة نحصل على إنتاجية الضعف، أما إذا كانت فى تربة بديلة نحصل على 4 أضعاف، وقد تصل إلى 6 أضعاف لو تمت كزراعة مائية، وتتميز ثمارها بجودة عالية بدون تشوهات، وبالتالى تكون صالحة للتصدير والسوق المحلية، وهى إحدى الوسائل المتبعة حديثاً لتقليل الأثر الضار من التغيرات المناخية، وهناك فرصة للجوء إلى الزراعة المائية "الهيدروبونيك" داخل الصوبة لتوفير استهلاك المياه.

 ونوه عبد الحكيم أن الصوب لا يصلح أن يكون مشروعاً ناجحاً للشباب، نظراً لتكلفته المرتفعة، فمن الممكن أن يحصل على قرض من الهيئة العامة لتنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، أو من البنك الزراعى كبداية لإنشاء المشروع بعد إجراء دراسة جدوى، فهو مشروع استثمارى مكلف يصلح لمستثمر، لاسيما أن تكلفة الصوبة محدودة الإمكانيات على مساحة فدان لا تقل عن  300 ألف جنيه، وتعتبر"الأرخص"، فى حين أن الصوبة عالية الإمكانيات قد تصل إلى 3 ملايين جنيه على مساحة فدان.

  وللحصول على أعلى إنتاجية، أكد عبد الحكيم أنها تعتمد بنسبة 70 % على تحديد مواعيد مثالية للزراعة، واختيار البذور والتقاوى ذات المواصفات والجودة، أما النسبة المتبقية تعتمد على اتباع برامج التسميد الجيد، والمكافحة المتكاملة للآفات والأمراض، وتدريب العمالة، مشدداً على أن الصوب لا تصلح لزراعة المحاصيل الاستراتيجية، كمحاصيل الحبوب والزيوت والأعلاف والأرز وبنجر السكر، وقصب السكر والذرة برسيم والبونيكام، بل تصلح لزراعة الخضر والفاكهة والنباتات الطبية والعطرية.

إنتاج الهجن

وأكد الدكتور محمد عابدين الباحث فى مجال وراثة وتربية النبات، أنه لن تتحقق الرؤية المستقبلية للتنمية الاقتصادية، ومعها يتحقق الأمن الغذائى القومى والاكتفاء الذاتى، إلا بنهضة قطاع الزراعة الحيوى، من خلال مشروعات مثل الـ100 ألف صوبة، والتى تحتاج إلى إدارة بطريقة علمية سليمة، تضمن مستقبلاً مشرقاً للوطن حتى تحقق أعلى إنتاجية من وحدة المساحة، وتتميز زراعة الصوب بأنها توسع رأسى يؤدى لتكثيف الإنتاج الزراعى من ذات وحدة المساحة، وهو ما يسمح بوضع برنامج إنتاجى منتظم، وتزويد الأسواق باحتياجاتها من الخضراوات خارج مواسم نضجها الطبيعية.. مع جودة المنتج، وبالتالى توفير الخضراوات الطازجة على مدار العام تقريباً، كما أنها تقلل أو تمنع الخسائر الناتجة من تغير الأحوال الجوية، فهى محمية بقدر الإمكان من عوامل الإجهاد البيئى والآفات والأمراض، فضلاً عن إنتاج الشتلات التى تتم داخلها، حيث تتم من خلالها زراعة البذور بصورة مؤقتة فى صوانى، والتى تعتبر حالياً من أهم العمليات الزراعية، حيث يتم بعد ذلك نقل النباتات إلى البيوت المحمية أو الحقل المكشوف لاستكمال عملية النمو والإنتاج توفيراً للوقت، ويتم الشتل قبل إخلاء الأرض من المحصول السابق، مع ضمان نسبة إنبات عالية من عدد النباتات.

وشدد على ضرورة التوسع فى زراعات الصوب فى مصر، وخاصة فى ظل الحاجة لتوفير المياه وترشيد الاستهلاك، والتحول إلى الرى بالتنقيط، واهتمام الدولة بالبرنامج القومى لإنتاج تقاوى الخضر المحلية بدلاً من الاستيراد، مشيراً إلى أن الصوب ساهمت فى نجاح عمليات إنتاج الهجن المحلية بمحاصيل الخضر، حيث تتم عمليات التلقيح والإخصاب فى ظروف معزولة عن المخاطر والخلط الحشرى الذى يحدث فى الحقل المكشوف، علماً بأن سعر البذرة الواحدة الهجين يصل لأرقام فلكية، مما يستلزم الحفاظ على هذه الثروة، هذه الخطوة إذا تم التخطيط لها جيداً ستوفر مليارات الدولارات من تكلفة استيراد تقاوى وبذور هجن الخضر الأجنبية.

أراضى بكر

واستطرد حديثه قائلاً: كنت أتمنى توجيه إنتاج الصوب وخاصة الـ 100 ألف صوبة، والتى توجد فى أراضى بكر حديثة لم تسبق زراعتها أو تلوثها بالأسمدة والمبيدات لإنتاج تقاوى هجن الخضر المحلية، وألا تستهلك بالزراعة التقليدية كأى صوب عادية، أو توجيه الإنتاج للزراعة العضوية، فالاستثمار الأمثل فى الزراعة الحيوية، وتصدير المنتج، وتفعيل قانون الزراعة التعاقدية سيحقق الاستفادة الكاملة من هذه الصوب الحديثة، وتدر ربحاً وفيراً مع اتجاه العالم نحو منتجات الزراعة الحيوية، بما يتفق مع المواصفات العالمية.

استراتيجية قومية

وتابع الدكتور محمد أبو السعود وكيل الإرشاد والتدريب بالمعمل المركزى للمناخ الزراعى: مصر تحتاج لمشروع قومى للصوب، بالرغم من أنها بموقعها المميز وظروف مناخها المعتدل هى صوبة كبيرة، لكن تأثير الظروف المناخية المتطرفة على الإنتاج الزراعى أحياناً يكون كارثياً، لذلك أصبحت  الحاجة إليها ملحة للغاية تحت الظروف المصرية؛ لتعظيم إنتاجية وحدة المياه، على سبيل المثال إنتاجية المتر المكعب مياه من الطماطم فى الأرض المكشوفة هو 2 – 4 كيلو جرامات، وباستخدام الرى بالتنقيط يرتفع الرقم إلى نحو 8 – 10 كيلو جرامات، فى حين الزراعة تحت الصوب وظروف الرى بالتنقيط يرتفع الرقم إلى نحو 16 – 20 كيلو جراماً، وباستخدام الزراعة بدون تربة وتحت ظروف تحكم كامل فإن إنتاجية المتر المكعب مياه قد يصل لأكثر من 60 كيلوجراماً طماطم، منوهاً بأن العائد الاقتصادى للصوب الزراعية متقلب بشدة، نظراً لارتفاع مستلزمات الإنتاج فى الصوب الزراعية، مع تدنى أسعار المنتجات الزراعية بصورة عامة، وعدم وجود سياسة تسويقية واضحة، معرباً عن أسفه من ادعاء البعض زراعة المحاصيل الاستراتيجية والحديث عن حجم الإنتاج المخيف باستخدام تقنيات الزراعة بدون تربة، وهذا الأمر يصل إلى حد الابتذال العلمى والتدليس.الدعم التشريعى

وقال: الجدوى الاقتصادية من مشروع الـ 100 ألف صوبة لم تتحقق بعد.. لحاجتها للرؤية الاستراتيجية الشاملة والدعم التشريعى والاقتصادى والبنيوى، فعلى سبيل المثال لا يمكن إنتاج بذور هجن مصرية لمحاصيل الصوب فى خلال عام أو اثنين أو حتى عشرة، فليس الهدف هو إنتاج هجين، بل تتطلب برامج ممتدة لإنتاج الهجن على مدار عشرات السنوات، لتتوافق مع ظروف الإنتاج المتغيرة، مضيفاً: أنه يجب ألا يكون الهدف من هذا المشروع القومى المواطن المصرى 100%، خاصة أن سياسة المشروع تهتم بتوجيه الإنتاج نحو التصدير بنسبة تتجاوز 75%، ونظراً لأنه لا توجد فى مصر أى مشاكل فى إنتاج الخضر، بل العكس تماماً لدينا فائض محروم من سياسة اقتصادية وزراعية جيدة لتسويقه، والمحافظة على توازن سعرى لصالح المزارع والمواطن.

محاور استراتيجية

ونصح بضرورة تطبيق برامج تدريبية عملية تخصصية لكل نوع، وتكنولوجيا مستخدمة فى الصوب الزراعية، والاهتمام بالبنية الأساسية، من خلال توطين صناعة مستلزماتها المختلفة، مع وجود سياسة تسويقية جيدة للمنتجات، بحيث لا تحدث منافسة بين الإنتاج التقليدى للمزارعين وبين إنتاج الصوب، حتى لا يسبب ذلك خسائر وأعباء اقتصادية، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال محاور استراتيجية تنمية الزراعة بدون تربة، والزراعة المحمية والتوسع فيها، للمساهمة فى الأمن الغذائى المصرى، لدعم القيمة الاقتصادية وتحريك الاستثمارات المعطلة، مع التركيز ليس فقط على التكثيف وزيادة الإنتاج الرأسى، بل تغطية  المساحات غير المستغلة بأقل قدر من الماء؛ لتحقيق الأمن الغذائى وحماية الأمن القومى، واستخدامها فى الحقل المكشوف بصورة مباشرة، أو تحت ظروف الزراعة المحمية البسيطة، مثل الزراعة تحت الأنفاق المنخفضة.

وتتلخص هذه المحاور فى: تصنيع "البلاستيك والفيبر جلاس والبولى كاربونيت" محلياً بصورة كاملة، بدلاً من استيراد مواد مقاومة للأشعة فوق البنفسجية، مع تطبيق أقصى معايير الجودة لزيادة عمر مواد التغطية المستخدمة مع خفض السعر بصورة معنوية، علاوة على إنتاج البلاستيك الذى يستخدم فى عمل أحواض الزراعة ومواسير PVC  البيضاوية، فضلاً عن إنشاء مصانع أسمدة لتصنيع الأسمدة المركبة محلياً لدعم الزراعة عامة، وإنتاج المحاليل المغذية طبقاً للنوع النباتى بدلاً من استيرادها، مما يرفع تكلفة التشغيل خاصة بالنظم المائية المكثفة، كما يجب إنشاء مصنع متطور لتصنيع الصوب متعددة الأقبية ومستلزماتها، من دفايات ولوحات تبريد ومراوح وخزانات، على أن تتم دراسة أفضل الهياكل والتصميمات للصوب الزراعية المناسبة للظروف المصرية بالتعاون مع كبرى الشركات الدولية، بحيث تكون (نسبة التهوية فى حدود 28 – 34 % من مساحة الصوبة – ارتفاع الصوبة الكلى لا يقل عن 4.5 متر – توافر التهوية الرأسية والجانبية – الهيكل المعدنى من الحديد المجلفن على البارد ....إلخ)، بالإضافة إلى إنشاء مصنع لإنتاج مستلزمات شبكات الرى والصرف، مع ضرورة التوسع فى تطوير وصناعة الألواح الشمسية، ودوارة الرياح لإنتاج الطاقة ووحدات تحلية المياه.

كما يجب إجراء دراسات فنية لكل إقليم مستهدف لتحديد الاحتياجات المطلوبة للزراعة، وإجراء دراسات فنية وتسويقية وسعرية للمجتمعات وللمنتجات المستهدفة، وإقامة قاعدة علمية قوية للزراعة المحمية، وإنشاء مركز تدريبى وتوفير فرص التدريب بالخارج والداخل، لبناء الخبرات والمهارات الفنية للعاملين، خاصة مع ندرة المتخصصين فى هذا المجال بمصر، وذلك بالتعاون مع مختصين فى الاستزراع السمكى والإنتاج الحيوانى، لإمكانية الإنتاج المتكامل أو إنتاج الشعير المستنبت وتغذية الحيوان، بشرط توفير مركز بحثى متخصص مع دعمه مادياً وتشريعياً، وهذا تحكمه دراسة الجداول الزمنية لعملية التخطيط، طبقاً لكل منطقة مع الوضع مراعاة آثار التغيرات المناخية والبيئية، والتغيرات الديموجرافية لفترة زمنية طويلة نسبياً.. بالمفهوم المصرى 200 عام، مع التخطيط لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة وتحلية المياه لرفع جودتها.

خطوة جيدة

ونوه الدكتور محمد رائف أستاذ بشعبة البيئة وزراعات المناطق الجافة مركز بحوث الصحراء، بأن هذا المشروع خطوة جيدة جداً حظت باهتمام الزراعيين من القيادة السياسية والشعب المصرى، مشيراً إلى هناك صوب مبسطة محلية الصنع، وتصلح لاستخدام المزارع البسيط، وتعد نموذجاً مصرياً ناجحاً، ومن الممكن أن يمتلك كل واحد من المزارعين 3 -6 صوب كمشروع ناجح، لزراعة الخيار والفاصوليا والباذنجان والفلفل، يكون على مساحة عرض 6 أمتار × طول 40 متراً، وهناك نموذج آخر يبلغ 9 أمتار عرض ×40 متراً طول.

فعلى سبيل المثال تتم زراعة المحاصيل الصيفية فى فصل الشتاء لتحقيق عائد اقتصادى جيد، وهى من المشروعات الناجحة لأنها تساعد المزارع فى حل مشاكل السيولة المالية النقدية داخل مزرعته، لأن الصوبة مساحتها صغيرة وإنتاجيتها مضاعفة، وتستخدم كميات مياه رى وجرعات تسميد قليلة، وبرنامج مكافحة مُركز ذى تكلفة منخفضة، وينخفض أيضاً استخدام المبيدات، ويمكن التحكم فى درجة الحرارة أو الرطوبة أو التهوية والإضاءة داخلها بشكل أوتوماتيكى، كما يحدث فى المشروعات الكبرى التى تتبناها الدولة أو القطاع الخاص، مشيراً إلى أن التكلفة المرتفعة لهذه الصوب الأوتوماتيكية لا يمكن أن نستغلها فى زراعة الخيار والباذنجان، بل فى إنتاج الشتلات والتقاوى والنباتات الطبية والعطرية، لتحقيق الجدوى الاقتصادية من المشروع.

ونصح رائف بضرورة زراعة المحاصيل التصديرية المتعاقد عليها داخل الصوب، مثل "الفاصوليا" لإنتاج محصول مبكر وتحقيق ميزة تنافسية، وعائد مادى جيد لتطوير الزراعة وتحقيق المكاسب، مؤكداً أنه من الصعب زراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل: محصول القمح والفول والذرة والقصب داخل الصوب؛ لأنها تحتاج مساحات واسعة جداً لتغطى احتياجات الشعب، إلا إذا كان الهدف إنتاج  سلالات معينة على نطاق ضيق فى مساحة صوبة أو إثنتين.

وتكمن أهمية مشروع الـ100 ألف صوبة فى أنه يوفر مساحات  أراضى لزراعة لمحاصيل الاستراتيجية، كما الهدف الاقتصادى يتحقق من هذا المشروع عند الحصول على هجن وبذور وشتلات عالية الإنتاجية، مع توفير كميات مياه الرى حيث تستخدم الصوبة نحو من 2-3 م3 ، فى حين أن الحقل المفتوح يستخدم 25 م3 للفدان، بالإضافة إلى توفير فى العمالة وتقليل التعرض للأمراض والحشرات، وتوظيف عدد كبير من العمالة المدربة، وسلسلة طويلة من المهتمين بالبينة التحتية للصوبة وشبكات الرى والبلاستيك، معرباً عن أمله فى عدم زراعة الخضر فقط، بل الزهور والنباتات الطبية والعطرية، لتصدير الزيوت الخاصة بها وزهور القطف وإنتاج التقاوى، وترك الخضراوات ذات العائد الاقتصادى المحدود للمزارع الصغير، لتحقيق الميزة التنافسية والربحية التصديرية، كما يجب التوسع فى زراعة الصوب فى ظل أزمة سد النهضة، لأن الزراعة تحصل على النصيب الأكبر من حصة مصر بمياه النيل، حتى لا ينعكس ذلك سلباً على هذا القطاع.

أمر حتمى

وفى سياق متصل، أشار الدكتور فوزى العيسوى أستاذ فسيولوجيا الأقلمة بمركز بحوث الصحراء، إلى أن الاستثمار فى الزراعة أصبح أمراً حتمياً لتحقيق نهضة اقتصادية شاملة بقطاعات الدولة لارتباطه بالأمن الغذائى، مؤكداً على من ضرورة توجيه الاهتمام إلى التنمية الزراعية الرأسية، ومن أهم  محاورها التكثيف الزراعى، ومنها تكنولوجيا الزراعات المحمية باستخدام الصوب الزراعية، خاصة فى ظل ارتفاع معدلات الفقر والجوع نتيجة النمو السكانى الذى يتجاوز القدرات الإنتاجية، وعدم المساواة فى الدخل، تدهور التربة، والتقلبات الجوية وتغير المناخ، مع ضرورة معرفة طرق مكافحة الحشرات، وتوقيت وجرعات المبيدات الآمنة للحصول على منتج له قدرة تنافسية داخلياً وخارجياً، وتطبيق نظام ما يسمى بـ"الممارسات الزراعية الجيدة" ((GAP، بدءاً من نظافة التربة والتسميد العضوى والمكافحة البيولوجية لإنتاج منتجات زراعية جيدة، مع التوجه إلى سياسة تكويد الحاصلات الزراعية والمزارع، وتحقيق أعلى معدلات للجودة والإنتاجية والأمان الحيوى، وصولاً إلى ما يعرف بالتنمية المستدامة لمواردنا الزراعية، وتحقيق الأهداف الإنمائية للأمم المتحدة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة