ساعات قليلة ويعقد مجلس الأمن اجتماعه المرتقب لبحث مشكلة السد الإثيوبي، الآمال المعلقة لدى البعض على اجتماع المجلس واعتباره المحطة الأخيرة فى مشوار السد ربما تكون بعيدة عن أرض الواقع بشكل كبير. ليس هناك الكثير ليقدمه المجلس؛ هكذا صرح رئيس الدورة الحالية للمجلس، ورغم التحفظ على التصريح غير الملائم قبل انعقاد الاجتماع إلا أن حقيقة الأمر تشير إلى أن هذه التصريحات لم تمثل مفاجأة للمسئولين المصريين والسودانيين.
المصالح والتوازنات بين الدول هى البوصلة المحددة لمسار أى مشكلة دولية وبالنسبة لمشكلة السد الإثيوبى فإن انتظار البعض قرارًا من المجلس يحمل تهديدًا أو فرض التزام محدد على إثيوبيا، ربما يكون انتظارًا لما لم يأتِ، حيث يوجد نحو 2500 نهر عابر على مستوى العالم، وهناك دول أعضاء بمجلس الأمن ينبع منها أو تمر بها مثل هذه الأنهار، وبالتالى فإن هذه الدولة لا توجد لديها الرغبة فى التدخل المباشر فى الموضوع حتى لا تثار المشكلات حول الأنهار التى تنبع أو تمر بأراضيها على اعتبار أن الوضع الحالى يحقق مصالح هذه الدول.
التحركات المصرية السودانية على مدار الأيام الماضية تستهدف إيصال رسالة واضحة للمجتمع الدولى بأن منطقةً القرن الإفريقى على وشك الاشتعال بالدرجة التى تهدد السلم والأمن الدولى، وأن مصر لن تستمر فى مفاوضات غير مجدية إلى ما لا نهاية، وتقبل بأمر واقع تحاول إحدى الدول فرضه على الجميع دون أى اعتبار للقوانين والأعراف الدولية أو لحياة البشر بالدول الأخري.
أقصى ما يمكن أن يخرج به المجلس هو قرار بالدعوة إلى العودة للمفاوضات تحت رعاية الاتحاد الإفريقى بمشاركة دولية فاعلة من الأمم المتحدة وبعض الدول الكبرى، ووفقًا لإطار زمنى محدد للوصول إلى اتفاق ملزم يحقق مصالح الدول الثلاث.
هذا القرار طبقًا لما أكده الكثير من الدبلوماسيين وأساتذة القانون الدولى يحتاج إلى تصويت تسع دول على الأقل وعدم استخدام أى من الدول الخمس دائمة العصوية حق الفيتو، وهو ما تستهدفه الاجتماعات الحالية للوفدين المصرى والسودانى مع ممثلى الدول الأعضاء بالمجلس وأظن أنه أمر ليس بالمستحيل رغم صعوبته الشديدة.
سواء خرج المجلس بمثل هذا القرار ـــ بناء على النقاط الأساسية التى قدمتها المجموعة العربية للأعضاء عن طريق الشقيقة تونس عضو الدورة الحالية للمجلس ــ أو خرج بقرار مغاير فإن مصر تكون قد وصلت إلى نهاية المساعى والمسارات الدبلوماسية، ولكنها ليست المحطة الأخيرة للمشكلة، فطبقًا لنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة الذى ينص على أنه "ليس فى هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعى للدول، فرادى أو جماعات، فى الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة. الأيام القليلة المقبلة سوف تميط اللثام عن السيناريوهات الأخري.
اليقين الراسخ فى قدرة الدولة المصرية على الحفاظ على حقوقها غير منقوصة هو سياج الأمان لكل أبناء المحروسة، فمصر تمتلك ذلك الأدوات والوسائل اللازمة لذلك وإذا كنا نؤكد أن قوتنا هى قوة رشيدة فإن الرشد نفسه هو الدافع لاستخدام هذه القوة لدرء الخطر الذى يهدد وجود أبناء الكنانة دون لوم أو عتاب.
وكيل الهيئة الوطنية للصحافة