"صوت المرأة ثورة" شعار رفعناه وعنوان كتبناه لنؤكد أن المرأة المصرية في عهد الإخوان المتأسلمين لم تكن تخاف أو ينال من عزيمتها كل وسائل الترهيب التي مورست ضدها.
محاولات الإخوان المتأسلمين ومعهم وجههم الآخر السلفيون كان من أهدافهم إقصاء المرأة المصرية عن المشهد، لأنهم يعلمون جيدًا أنها لن ترتضي أن تكون تابعا لأفكارهم السوداوية، ولن تستسلم لفقد هويتها التي لا تشبه أحدا، فدائما أقول إن مصر رغم أنها جزء من أفريقيا وآسيا ودول البحر المتوسط فإنها لا تشبه أحدا وصاحبة چين فريد في الخصائص والطباع وخصوصا روح ومزاج المرأة المصرية الذي لا يقبل التغيير، والقولبة داخل أفكار صحراوية لا تناسبها.
في عام الإخوان الذي مر على مصر كغيمة سوداء أظلت بأجواء كئيبة ومخاوف من شبح فقد الدولة أركانها وأعمدتها الأساسية، كانت محاولات إرهاب المرأة المصرية أحد أهدافهم الرئيسية، مرة بمحاولات فاشلة لإرهابها بالتحرش بها، واستخدام الآلة الإعلامية الخبيثة في بث دراسات وهمية عن تصدر مصر وأفغانستان قائمة الدول الأعلى تحرشا بنسائها،وكم كذبنا هذه المغالطات وهذا الكذب الممنهج، ولكنهم لم يدركوا بغرور شديد أن بنات النيل صاحبات عزائم لا تلين.
ومحاولة أخرى من خلال دستورهم وبرلمانهم بتعمد عدم النص على سن الطفولة واعتبار أن مرحلة التعليم الأساسي هي الابتدائية فقط وليست الإعدادية، مما يفتح الباب لزواج الأطفال وزيادة عمالة الأطفال في كل المهن الخطرة وغير الخطرة، وكذلك ألغوا في دستورهم عقوبة الختان بل قاموا بمساعدة السلفيين بقوافل طبية جابت النجوع والقرى لإجراء عملية الختان للبنات بالمجان.
كنا نرصد عداءهم الدائم للمجلس القومي للمرأة ومحاولة التضييق وقتها على دوره وعلاقاته دوليا، وأتذكر أنهم عندما صرحوا بضرورة حل المجلس القومي للمرأة اتصلت بأحد أقطاب الإخوان وقتها للتعليق على التصريح، فأجابني بحدة وشراسة وعنجهية الجهلاء: نعم سنلغي قومي المرأة وسنعيد النظر في كل التشريعات التي تخص المرأة.
وبالفعل أعدوا قائمة من التنازلات عن حقوق المرأة كفرد عاقل يمثل نصف المجتمع ولا يعاني من فقدان الأهلية، حيث طالبوا بإلغاء حقها في التوقيع على عقد زواجها، ومحاولة لإلغاء الخلع رغم أنه حق شرعي أعطاه الله سبحانه للمرأة كما الطلاق للرجل، حتى يتساوى الطرفان ولا يشعر أي طرف بأنه تحت أي ضغط نفسي من الطرف الآخر فالمساواة والعدل حق أصيل في الأديان السماوية لكن محاولتهم باءت بالفشل نتيجة رفض مجمع البحوث الإسلامية وقتها طلبهم..هذا غير محاولات كثيرة وكانت تصلني شكاوى من التنكيل بالعديد من النساء في وظائفهن لدفعهن إلى ترك مناصبهن أو الموافقة على عدم الترقي.
وعلى مستوى الشارع العادي وجدت النساء أيضا في الحادث الشهير بإحدى محافظات الدلتا وهو دخول مجموعة من السلفيين محل كوافير وأصروا على إغلاقه فكان رد فعل المصريات طردهم والجري وراءهم في الشارع بالأحذية و"الشباشب".
كل هذه العوامل كانت الوقود الذي أشعل فتيل غضب المرأة المصرية، وشعرت ببصيرتها أن دورها أكبر من الخوف على بلدها وأسرتها، بل يجب أن تحركها رغبتها في استعادة هويتها وأمان أسرتها فنزلت بكل أطيافها في ثورة 30 يونيو، وتراصت النساء لا تفرق بين العاملة وربة المنزل..الأمية والمتعلمة، فكلهن مصريات حتى أنهن نزلن "بالكنبة" كرمز ورسالة أن محاولة إضعافها وتصدير طاقة سلبية أنها تجلس بمنزلها ولا تشارك غير صحيحة، ونزلن بالكنبة،ووقفت تنادي بحقها وتنادي برحيل الإخوان بثبات وقوة كما شاهدها العالم وسجل قوتها وثباتها.
وهنا أدركت القيادة السياسية أن رهانها على قوة وعزيمة المرأة المصرية كان في محله، وتم منحها العديد من صور التمكين في عدة مجالات وتلك كانت من أبرز ثمار 30 يونيو وإرساء لمنهج وقواعد الثورة التي تمتد إلى مبادئ الجمهورية الثانية، وحقها في المساواة باعتبارها نصف المجتمع، وصدر دستور 2014 يضمن حقوق النساء في 20 مادة بكل وضوح، ولا تزال تتوالى المكاسب التي تتفاوض عليها المرأة تارة أو يمنحها لها الرئيس عبدالفتاح السيسي بقرار منه، لإيمانه -وكما يؤكد دائما- بضرورة إنصافها وتقديرها داخل بيتها وفي الشارع وفي عملها، وكم من مرة وجدناه ينصح الرجال بضرورة احترام المرأة.
تحية إلى ثورة 30 يونيو وكل امرأة مصرية شاركت فيها وستظل تسطر سطورها المضيئة وتحكيها لأولادها وأحفادها وتحية إلى طريق التنمية والبناء والعمار في كل المجالات، لنؤكد دائما هوية مصر الفريدة القادرة على صيانة ماضيها واحترام حضارتها وبناء مستقبلها بالبشر والحجر.
[email protected]