Close ad

الكهرباء إنجازات على الأرض وآمال للمستقبل

4-7-2021 | 13:12

مما لاشك فيه أن وزارة الكهرباء نجحت في تحقيق إنجازات كبيرة على الأرض، لمسها جميع المواطنين من خلال توفير الاحتياجات لكل القطاعات طوال العام دون انقطاع، بعد أن عانى الشعب انقطاع الكهرباء لفترات طويلة، ولعدة سنوات، وأصبح لدينا فائض، وانتهت مشكلة انقطاع الكهرباء، وهذا نتيجة جهد كبير من الوزارة، وسيادة الوزير وكل العاملين، وبمساندة الدولة. 

وإذا كان من الطبيعي أن تركز وزارة الكهرباء في الماضي على سرعة حل الأزمة، وقد نجحت بامتياز في ذلك، فإن المرحلة المقبلة تستدعي إعادة النظر في نظام تسعيرة الكهرباء لتحميل الفئات الأعلى استهلاكًا النصيب الأكبر من أعباء الإصلاح، وهنا مبدئيًا هذه ليست مسئولية وزارة الكهرباء وحدها، بل هي مسئولية الحكومة بوجه عام، حيث تسعى الحكومة لرفع أسعار كل الخدمات للسعر العالمي، مثل أسعار الكهرباء والبنزين، وهذا يتفق مع سياستها في حرية السوق في تحرير الأسعار بشكل تدريجي.

ولكن علينا أيضًا أن نضع في الاعتبار أن تكون هناك خطة موازية لرفع الرواتب والمعاشات إلى السعر العالمي أيضًا، بالتوازي مع رفع الأسعار؛ لأنه ليس مقبولا أن تكون الأسعار عالمية والأجور والمعاشات محلية، ثم حتى في نظام حرية السوق هناك مراعاة للطبقات الوسطى والدنيا في تسعير الخدمات، بمعنى أن الدولة لا تدعم الخدمات، ولكن يتم تحميل الطبقات العليا الجزء الأكبر من التكلفة، وللأسف لدينا نماذج سلبية في هذا المجال، فمثلا سعر بنزين 95 الآن أقل من 9 جنيهات، في حين أن سعره في الدول المحيطة نحو 35 جنيهًا حسب تصريح سيادة وزير البترول عام 2019، وسعره يقترب من بنزين 92 وبنزين 80، بل يمكن رفع سعر 95 إلى أربعين جنيهًا وأكثر لمساعدة الطبقتين الوسطى والدنيا، لأن الطبقة العليا لا يفرق معها ارتفاع أسعار البنزين وخلافه، وهذا ما تطبقه كل النظم الرأسمالية، وعلينا دراسة تجاربها في هذا المجال.

ثم نأتى للكهرباء وهي نموذج يمكن تعميمه في أسعار الماء والغاز وخلافه، وهنا عدة مقترحات لرفع الإيرادات بدون تحميل الطبقتين الوسطي والدنيا أي أعباء، حيث أتصور وقف رفع أسعار كل الخدمات لهذه الطبقات حتى يتم رفع الأجور والمعاشات للسعر العالمي، وهنا نقترح موارد أخري للتمويل، منها أولا رفع الدعم كليًا عن الأجانب، حيث يعيش في مصر ما لا يقل عن عشرة ملايين أجنبي يجب أن يتم التعامل معهم بالأسعار العالمية، وإذا كان هناك بعض الاستثناءات فتكون محدودة وبعد دراسة، ويمكن إتمام ذلك ببطاقة الرقم القومي سواء بنزين أو كهرباء وخلافه، فلا معني لدعم نحو عشرة ملايين أجنبي.

ثانيًا إلغاء الدعم عن كل الأنشطة التجارية والصناعية لأنهم ببساطة لا يدعمون منتجاتهم، وعليهم دفع السعر كاملا، ثم إذا رجعنا إلى خطوة وزارة الكهرباء الأخيرة في رفع أسعار الشرائح نجد مفاجآت غريبة، حيث تم رفع السعر للشريحة الأولي أقل من 50 ك بنسبة 21%، والأغرب هل الـ50 ك تكفي لإنارة السلم أم لا، ثم تم رفع أسعار الشريحة الثانية استهلاك أقل من 100 ك بنسبة 17% والرابعة 10% والأخيرة 8% أي أن رفع الأسعار تنازلي، كلما زاد الاستهلاك قلت نسبة الزيادة، وهذا تشجيع للاستهلاك وعكس مبادئ العدالة الاجتماعية والتكافل الاجتماعي.

وهنا تساؤل: هل تم إجراء دراسة تقييم أثر بيئي واجتماعي لهذا القرار، أم اكتفينا بالعائد الاقتصادي فقط، ولذلك مطلوب إعادة نظر في الشرائح نفسها لأن 50 أو 200 ك أو حتى 400 لا تكفي أي أسرة مكونة من أربعة أفراد خاصة وقد أصبح استخدام التكييف ضرورة مع تغيرات المناخ، وأعتقد أن الحد الأدنى لاستخدام جهازي تكييف للأسرة لن يقل عن 500 ك لذلك أقترح أن تكون الشريحة الأولي إلى 300 ك والثانية إلى 500 ك والثالثة 800 والرابعة 1000 ثم تستمر الشرائح في التصاعد بدون توقف بنسبة 10% زيادة لكل شريحة بعد ذلك، لكن الحد الأقصى الآن ألف ك فقط والمطلوب الحد من الاستهلاك الترفي بحيث يدفع صاحب الفيلا التي بها مثلًا عشرة أجهزة تكييف 200% مثلا من التكلفة ليدعم الطبقات الدنيا، وهذا موجود في ألمانيا وفرنسا والدول الرأسمالية.

وعلينا دراسة هذه النظم والاستفادة منها، لكن الإصلاحات الحالية يدفع معظم ثمنها الفقراء والطبقة الوسطى سواء في الكهرباء أو البنزين أو الماء ولها مشاكل وتداعيات كبري؛ حيث اضطر بعض الفقراء إلى إلغاء خط الماء واستخدام الطلمبة؛ مما يهدد الصحة العامة وللأسف البعض يسرق الكهرباء ثم هناك إسراف وتبذير لبعض الجهات الحكومية، حيث نشاهد أحيانا بعض الشوارع مضاءة نهارًا وأيضًا كثير من الأجهزة الحكومية مثل المدارس وخلافه، فمن يحاسب هؤلاء؟ كما ننتظر من الحكومة برنامجًا زمنيًا محددًا لرفع الأجور والمعاشات للمستوى العالمي مع إعادة نظر شاملة في منظومة الأجور التي تعاني اختلالات هيكلية، وتفاوتًا كبيرًا يخل بمبادئ العدالة الاجتماعية، فمثلا لا يعقل أن يكون أجر أستاذ الجامعة نحو 8 آلاف جنيه للأستاذ القديم وبعض الموظفين يتقاضون أضعافه في جهات حكومية أخري، وأيضًا أجور الأطباء والمعلمين والمشكلة الأكبر أصحاب المعاشات الذين يعانون من قلة المعاش ومشاكلهم العمرية والصحية، آن الأوان لإعادة نظر شاملة في منظومتي الأجور والمعاشات بجانب عدالة تسعير الخدمات والله المعين.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: