Close ad
3-7-2021 | 15:46
الأهرام المسائي نقلاً عن

مازلت أتذكر شكل شوارعنا خلال الفترة الممتدة من عام 2011 وحتى 2013، تلك الفترة التى اتسمت فيها شوارعنا بصفة سائدة ألا وهى العبثية، تلك العبثية التى عكست السلوك الفوضوى لفئات ليست بالقليلة، ليفتقد الجميع أقل درجات الأمان، هذا الأمان الذى قد نكتبه فى كلمة ليوحى لنا وكأن تأثيره لا يتعدى الأثر السلبى على المواطن، إلا أن الواقع الفعلى يعكس بظلاله السلبية على كافة الجوانب المشيدة للدولة.

ليكون افتقاد عنصر الأمان وحده خلال تلك الفترة، كفيلا بهدم مختلف المؤشرات الاقتصادية، لنرى المحال وقد أغلقت أبوابها، ونرى المصانع وقد أسدلت الستار على خطوط إنتاجها، لنراقب فى حسرة كاقتصاديين الهروب السريع للاستثمارات من الأراضى المصرية، تلك الاستثمارات التى اعتدنا أن تكون مؤشراتها إيجابية، والتى تعنى التدفق المستمر للاستثمارات، لتختلف الصورة بحلول عام 2011، وتظهر لنا مؤشرات سلبية بلغت نحو 75%، وهو الأمر الذى يعكس تحول فى قبلة توجه الاستثمارات ليتجه مؤشرها نحو الابتعاد عن مصر وبمعنى أدق الهروب من مصر.

ولا ألوم على المستثمرين فى تلك الفترة العصيبة، فالجميع خشى على فقدان أمواله، محاولين الهروب إلى مكان أكثر أماناً، وليس الأمان فقط هو ما كان يبحث عنه المستثمرون، وإنما يبحثون أيضاً عن بنية تحتية مساندة لاستثماراتهم، لكن ما تيقنوا منه هو تهالك معظم بنيتنا التحتية فى تلك الفترة من شبكة طرق غير ملائمة للسير فقط وليس لنقل بضائعهم، فضلاً عن عدم توافر مصادر الكهرباء اللازمة لسداد احتياجات المنازل الاستهلاكية، فما بالك باحتياجات المصانع خاصة كثيفة استخدام الطاقة منها.

لتستكمل سلسلة الانهيارات الاقتصادية بارتفاع معدلات البطالة، وهو نتيجة طبيعية سواء لغلق المصانع أو هروب الاستثمارات، فمن أين ستخلق فرص العمل؟ أو حتى يحافظ العاملون على فرص عملهم القائمة؟ لتصل معدلات البطالة المعلنة إلى حوالى 13% وأظنها كانت تزيد إذا ما أخذنا فى اعتبارنا قطاع الاقتصاد غير الرسمى والعمالة غير المنتظمة.

لتأتى الطامة الكبرى وهى المضاربة على الجنيه المصرى بالمواكبة مع انخفاض عائداتنا الدولارية، سواء من السياحة والتى انخفضت بنحو -66% عام 2013 مقارنة بعام 2010، أو عائداتنا من الصادرات التى شهدت أيضاً تراجعاً كبيراً تجاوزت نسبته 30% مقارنة بالوضع قبل 2011، وهو الأمر الذى استنزف الاحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى بنسبة اقتربت من -60%، لتبدو الصورة قاتمة للمتخصصين، بأن هناك توجهًا لا محالة نحو الانهيار الاقتصادى للدولة، ومن ثم انهيار مختلف الأعمدة المدعمة للدولة المصرية.

لتأتى ثورة 30 يونيو والتى اعتبرها بمثابة ثورة التصحيح، ليلتف الشعب حول راية استعادة الوطن مستجيبين لنداء الوطنية، هذا النداء الوطنى الذى أطلقه رجل جاء من قلب قواتنا المسلحة، ليغامر الرجل بحياته وحياة أسرته فى سبيل استعادة الوطن، ليضع نهاية لتلك الانهيارات التى ألمت بكل الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ويقسم على استعادة مكانتنا، ليبدأ بالعمل على استعادة الامن الداخلى، وبذل الجهد لتحقيق الأطر اللازمة لإعادة بناء الدولة المصرية، واستعادة الاستثمارات الهاربة، ومن ثم تحسين المؤشرات الاقتصادية، التى طالما تحسنت انعكست آثارها على مختلف أركان الدولة.

لنرى بعد مرور ثمانى سنوات على ثورة 30 يونيو أن صورة شوارعنا التى كانت تتسم بالعبثية، قد اختلفت بالفعل، لنصبح من أهم الدول عالمياً والتى استطاعت أن تحقق تطورًا فى شبكة طرقها الداخلية لنصل إلى المركز 28 عالمياً، كما استطعنا أن نحقق فائضًا فى مصادر طاقتنا الكهربائية، والتى تزيد على احتياجاتنا بمقدار 50%، وهو ما أهلنا لأن نحتل المرتبة 77 عالمياً فى توفر مصادر الطاقة الكهربائية عام 2020، وبتحسن البنية التحتية المدعمة لجذب الاستثمارات انعكس الأمر على إيجابية مختلف المؤشرات الاقتصادية، والتى عكست النجاح فى استعادة الدولة المصرية التى كادت أن توشك على الانهيار عقب أحداث 2011، فتحية من قلب كل مصرى ومصرية للرجل الجريء الذى أقسم على أن تحيا مصر.

خبيرة اقتصادية

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة